تنعقد يوم الاربعاء المقبل بتونس ندوة وطنية حول مكافحة العنف في الفضاءات الرياضية .وتراهن الاطراف المنظمة على ان تكون الندوة موعدا لاعادة النقاش حول سبل مقاومة هذه الافة التي تهدد الرياضة والبحث عن سبل وآليات للحد منها.

وتتزامن الندوة مع انطلاق الموسم الرياضي الجديد .

و أكد أنيس بن ميم الخبير في القانون الرياضي في تصريح صحفي أنّ مكافحة ظاهرة العنف في الملاعب في تونس تستوجب الاقتداء بالتجارب الأوربية الموجودة خصوصا في انقلترا و فرنسا واسبانيا، داعيا في هذا الصدد الى ضرورة العمل على "شخصنة" الدخول الى الفضاءات الرياضية لتيسير التعرف هوية المسؤولين على أحداث الشغب بين الجمهور.

وأوضح أنّ اتخاذ قرار منع الجماهير الرياضية من الحضور في الملاعب، في اطار العقوبات التأديبية المسلطة على الجمعيات والنوادي جراء أعمال الشغب في المدارج ، أسهم في زيادة سخط الجمهور، قائلا في ذلك انّ دائما ما يتم معاينة مظاهر عنف في الفضاءات الرياضية فور عودة الجماهير الى الملاعب.

وأشار الى أنّ منع الجماهير من الدخول الى الملاعب تسبب في خسائر مادية كبيرة للنوادي، مستشهدا في ذلك بحجم العائدات التي تمكنت من جمعها بعض الاندية في الموسم الماضي بعد عودة الجماهير للملاعب خلال مرحلة البلاي أوف، و التي قدرها بين 2 و 3 مليارات.

واوضح بن ميم الى أنّ حجم خسائر النوادي من تغييب الجماهير عن الملاعب تقارب حجم الديون المعلنة.

وأفاد سفيان الحيدوسي مدرب المستقبل الرياضي بالمرسى من جهته أنّ تسييس الرياضة يعد العامل الأبرز في تفاقم ظاهرة العنف في الملاعب التونسية. وكشف أنّ الحد من ظاهرة العنف يستوجب تغيير العقلية المتعصبة لدى الأحباء و المسؤولين في متابعتهم لمباريات فرقهم، بإقناعهم أنّ كرة القدم، وبقية الرياضات الأخرى، تحتوى نتيجتها على الربح والخسارة، وأنّ المواجهة مع الخصم تنتهي بانتهاء المبارة.

وأردف أنّ الردع، بمفهومه الرياضي والجزائي، لم ولن يكن له أي مفعول يذكر في الحد من الآفة، معتبرا أنّ الاشكال يبقى توعوي تثقيفي، خصوصا وأنّ كرة القدم، والرياضة عموما، تداخل فيها الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

ومن جهته اعتبر سامي السعيدي المدرب السابق للمنتخب الوطني التونسي لكرة اليد في تصريح صحفي أنّ العنف في الفضاءات الرياضية تفاقم بشكل كبير وغير عادي، خصوصا في السنوات الاخيرة ، رغم أنّ هذه الظاهرة ليست بجديدة على الشارع الرياضي

وشدد على أنّ وسائل التواصل الاجتماعي أضحت تلعب دورا سلبيا في المشهد الرياضي عبر التحريض وخلق النعرات الجهوية والحزازيات، مستشهدا في ذلك بالأحداث التي شابت لقاء الدور النهائي لكأس تونس في كرة اليد بين الترجي الرياضي والنادي الافريقي.

وفي هذا السياق، قال أنّه لأول مرة في تاريخ مسابقة كأس تونس لكرة اليد يتم إيقاف مباراة نهائية اثر دقائق من زمن انطلاقها، واصفا المشهد الذي عمّ مدارج قاعة رادس بـ"حالة الحرب" التي ليس لها تفسير، رغم كون جماهير الترجي و الافريقي تجمع بينهما أواصر الجيرة والقرابة، على حد تعبيره.

وأبرز أنّ التأطير و العناية بالجانب الاتصالي مع الجماهير الرياضية بات أمرا لا بدّ منه لتحديد ومعرفة مسببات ظاهرة العنف، داعيا في هذا الى ضرورة تشريك جميع الأطراف المتداخلة من أحباء ومسؤولين ولاعبين في الحوار وفي الحملات التحسيسية المتعلقة بمثل هذه القضايا.

وشدد السعيدي على ضرورة عدم التغافل على منهج الردع وتطبيق القانون على جميع الأطراف التي تتورط في أحداث الشغب بالفضاءات الرياضية، لافتا النظر أنّ تواصل وتفاقم هذه الآفة له انعكاسات سلبية على صورة البلاد .

وأوضح وليد الجلاد رئيس جمعية مستقبل سليمان في تصريح صحفي أنّ العنف في الملاعب هو جزء من العنف المجتمعي،

وأضاف أن ظاهرة العنف مست عديد القطاعات و الفئات، ما يعني أنّها لم تكن حكرا على الرياضة ولا على الشباب.

وبيّن أنّ الاعتماد على المقاربة الأمنية للحد من ظاهرة العنف في الفضاءات الرياضية لا يمكن أن تفظي بالمرة الى نتيجة مرجوة تلبي التطلعات والآمال في بيئة رياضية خالية من العنف.

وقال أنّ اللجوء الى توعية الأحباء وإقناعهم عبر النقاش بالكف عن التعصب من شأنه أن يسهم في تهدئة الأجواء داخل الملاعب

كماعبر عن رفضه لاستمرار العمل على استبعاد جماهير الفرق الزائرة في مباريات بطولة الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم بعد انقضاء جائحة الكورونا مدافعا في هذا الشأن بأحقية الجماهير بمساندة جمعياتها في تنقلاتها خارج القواعد.