مع الشروق..تيكاد 8... وبعد !

مع الشروق..تيكاد 8... وبعد !

تاريخ النشر : 08:00 - 2022/09/01

ماذا بقي ، او بالاحرى ماذا تحقق من مؤتمر طوكيو الدولي حول التنمية في أفريقيا "تيكاد 8" الذي انتظم في تونس الاسبوع الفارط ( 27 - 28 اوت 2022 ) ؟
لا يمكن ان ننكر اهمية وقيمة هذا الحدث الدولي على الاقل بالنسبة لتونس التي تمر كما هو معروف منذ مدة بأزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حيث يمثل المؤتمر فرصة استثمارية وديبلوماسية للبلاد ، ولكن لا يمكن كذلك تجاهل الوجه الآخر لهذا المؤتمر وماذا تحقق منه لفائدة البلاد ، اضافة الى ما خلفه من ازمة ديبلوماسية مع المغرب كان بالامكان تلافيها حتى وان كنا على صواب.  منذ انطلاق اشغال المؤتمر يوم 27 اوت وحتى قبله خلال استقبال الضيوف الاجانب ، تحول الحدث اعلاميا في غالبية وسائل الاعلام الدولية من تونس ومؤتمر تيكاد 8 الى الازمة الديبلوماسية بين تونس والمغرب على خلفية استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي والتي تعتبرها المغرب كيانا انفصاليا مناهضا لوحدتها الترابية ، وقد اثر ذلك بشكل سلبي على المؤتمر وشوش على اشغاله على الاقل بالنسبة للمتابعين وخصوصا الناشطين والعاملين في المجال الاقتصادي . 
ومن شأن هذه الازمة الديبلوماسية ان يكون لها تداعيات اخرى اقتصادية ما لم يقع حلها ، علما وان هناك تغييرات جيوسياسية كبرى بصدد الحدوث في العالم الان وربما ولادة نظام عالمي جديد . ويظهر ذلك في المنافسة الشرسة بين القوى الدولية الكبرى على النفوذ في افريقيا حتى ان مؤتمر تيكاد 8 ذاته يدخل في اطار هذه المنافسة مثله مثل منتدى التعاون الصيني الافريقي الذي التئم في العاصمة السينغالية العام الماضي والقمة الامريكية الافريقية المزمع عقدها في واشنطن نهاية العام الجاري . 
لم تخف الصين قلقها من مؤتمر تيكاد8 في تونس وتذمرها من تزايد النفوذ الياباني في القارة السمراء . وقد جاء في مقال صدر حديثا في اكبر صحيفة حكومية صينية ( Global Times ) ان " العرض السخي الذي قدمته اليابان ( 30 مليار دولار ) بنية انانية لا يزال غير كاف لتأسيس القدرة التنافسية مع الصين . وعلى النقيض من كرمها في الخارج كانت اليابان بخيلة في تعاملها مع مياه الصرف الصحي الملوثة بمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية المدمرة من خلال إغراقها في المحيط ، وهو تصرّف غير مسؤول. وأشار يانغ إلى أن هذا يعكس أن الأولويات الاستراتيجية لليابان قد تم منحها للمنافسة العالمية على الموارد وجهود المساعدات الخارجية بدلاً من الأمن البيئي المجاور لها " … ويؤكد هذا المقال مدى حدة الصراع الجاري الان بين الصين واليابان على النفوذ في افريقيا دون اغفال - بطبيعة الحال - بقية القوى الكبرى الاخرى كالولايات المتحدة الامريكية واوروبا وروسيا … 
صحيح ان تونس ظفرت شأنها شأن العديد من الدول الافريقية بعدد من المشاريع من مؤتمر تيكاد8 ، ولكن هل ان هذا العدد هو كل ما كنا نطمح اليه وهل ان المشاريع التي ظفرنا بها سترى النور ؟ تلك هي المسألة على قول شكسبير في مسرحية " هاملت " . 
يقول الكاتب الامريكي الشهير مارك توين " مبدأ الأخذ والعطاء هو مبدأ الدبلوماسية – أعط واحد وخذ عشرة " … نحن ندرك جيدا ان اليابان او غيرها من الدول الكبرى على غرار الولايات المتحدة الامريكية والصين والتي دأبت على اقامة مثل هذه المؤتمرات والقمم لا تقدم استثمارات او بالاحرى خدمات بلا مقابل لان غرضها واضح وهو البحث عن نفوذ في افريقيا … ولهذا السبب علينا نحن ايضا ان نطالب بمشاريع اكثر وذات قيمة اكبر وذلك باللعب  على الصراع المحتدم بين هذه القوى بلا استثناء ودون الوقوع في ازمات اقتصادية مع الغير … كما لا يجب علينا الاصطفاف وراء هذا المحور او ذاك والتعامل مع كل الاطراف والمحاور .
واذا كانت نتائج تيكاد8 في غير المأمول فهناك قمم اخرى على الابواب على غرار القمة الامريكية الافريقية التي ستنتظم في ديسمبر القادم في واشنطن ، ويمكن استثمار هذه الفرصة بناء على الصراع الجاري الان بين القوى الكبرى في العالم .
محسن عبد الرحمان 

تعليقات الفيسبوك