مع الشروق.. بوتين و«نوفوروسيا» في أوكرانيا

مع الشروق.. بوتين و«نوفوروسيا» في أوكرانيا

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/05/10

بخطاب مدوّ في "يوم النّصر" على النازية، لا يترك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجالا للشكّ في تحقيق النّصر في "حرب الضرورة" في أوكرانيا التي أطلقتها موسكو في 24 فيفري الماضي ضدّ "النازيون الجدد".
منذ بدء "العملية العسكرية الخاصة" تحدّى كل المسؤولين الكبار في روسيا فشل العملية وأصروا دائما على سيرها وفق الخطة المرسومة في نفي دائم للرواية الغربية القائلة بأن العملية فشلت".
من المنظار الروسي، يبدو أن كل شيء مخطّط له بإحكام وأن الهدف الحقيقي للعملية سيظهر عاجلا أو آجلا وهو السيطرة على شرق وجنوب أوكرانيا ولكن الأهم هو تأبيد هذه السيطرة.
بمعنى أن المناطق التي سيطرت وستسيطر عليها روسيا في شرق وجنوب أوكرانيا سيكون من المستحيل عودتها الى السيادة الاوكرانية وهذا تحديدا ما يثير جنون الغرب وخاصة أمريكا التي أغرقت البلاد بالسلاح لاستنزاف موسكو و جعلها تدفع ثمنا باهظا في كل الحالات.
كان واضحا منذ البداية أن الغرب لم يفهموا بالشكل الواضح الأهداف الحقيقية لموسكو في أوكرانيا وهي ليست اسقاط نظام كييف كما روّجوا أو السيطرة على العاصمة وفرض واقع جديد.
ولم يكن الهجوم على كييف الا تمويها من الروس لتشتيت القوات الاوكرانية والانقضاض على ماريوبول والشرق ككل في إطار مشروع قديم يريد بوتين شخصيا احياؤه وهو "نوفوروسيا".
هذا الحلم الذي لطالما راود "قيصر روسيا" بدأ الحديث عنه و عن مفهوم إعادة إحياء "روسيا الجديدة" أو "نوفوروسيا" سنة 2014، و يضمّ مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا يراها القوميون الروس في روسيا وأوكرانيا مناطق روسية منحها الاتحاد السوفياتي لأوكرانيا.
وقال بوتين في خطابه وقتها، بعد نحو شهر من سيطرة روسيا على منطقة القرم مبرراً ضمها: "سوف أذكّركم: هذه نوفوروسيا (أي روسيا الجديدة)"، مشيراً إلى مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، حيث كان بوتين يتخطى المناطق الانفصالية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك والقرم، ليشمل جميع مناطق البحر الأسود الساحلية ذات الأعداد الكبيرة من الناطقين بالروسية في أوكرانيا.
الآن وبعد أكثر من شهرين من بدء "العملية الخاصة"، تم فعليا تطبيق هذا المشروع على أرض الواقع، ففي "خيرسون" التي سيطر عليها الروس جنوب اوكرانيا، تمّ السماح لكل سكان المدينة بالحصول على جوازات سفر روسية و اعتبار المدينة تابعة لروسيا قبل نهاية هذا العام.
اضافة الى ذلك يصرّح جل المقرّبين من بوتين أن كل المناطق التي سيطروا عليها في شرق وجنوب أوكرانيا ستكون تحت السيادة الروسية مستقبلا، وربما هذا تحديدا ما يدفع الغرب الى نوع من الهستيريا.
وما يؤرق الغربيين أكثر أنه لا شيء تقريبا يردع بوتين، لا العقوبات التاريخية ولا تزويد كييف بكميات أسلحة هائلة ولا اغراق اوكرانيا بالمرتزقة الذين أصبحوا جيشا كاملا يواجه موسكو.
لقد تأكد الغرب وخاصة أمريكا أن بوتين عازم على تنفيذ كل ما خطّط له و سيحقّق ذلك في النهاية، والشيء الوحيد الذي يمكنهم القيام به هو أن يكون هناك ثمن باهظ جدا لذلك على المدى القصير والبعيد.

 بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك