مع الشروق.. من وعد بلفور.. إلى «إسرائيل الكبرى»

مع الشروق.. من وعد بلفور.. إلى «إسرائيل الكبرى»

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/11/03

مرّت يوم أمس الذكرى الرابعة بعد المائة لوعد بلفور المشؤوم... ذلك الوعد الذي أعطى بموجبه من لا يملك ـ اللورد بلفور ـ أرض فلسطين لمن لا يستحق (الكيان الصهيوني).
هذا الوعد ظلت القوى العظمى في القرن الماضي تدعمه في السر وفي العلن... وتعمل بدأب وتصميم كبيرين على خلق المناخات الملائمة لتحقيقه... وشيئا فشيئا عملت بريطانيا التي كانت تخضع فلسطين إلى الانتداب على تسهيل تسلل الصهاينة إلى أرض فلسطين في مرحلة أولى. كماعملت على تسهيل تهاطلهم عليها.
في مرحلة ثانية على أساس أن «فلسطين أرض بلا شعب وهبت لشعب بلا أرض». وظلت القوى الغربية تناور وتخاتل وتتحين اللحظة التاريخية والسياسية الملائمة لتحقيق الوعد المشؤوم وزرع الكيان الصهيوني في أرض فلسطين وفي قلب الوطن العربي... في مسعى مكشوف لتضرب عصفورين بحجر واحد. أولهما فرض «حل» لملف الشتات اليهودي وثانيهما شطر الوطن العربي إلى شطرين وضرب الترابط الجغرافي بين جناحي الأمة الشرقي والغربي...
وحتى لا ينسى شبابنا العربي وحتى لا ينسى أبناء أمتنا العربية فقد استعملت الأمم المتحدة لفرض الأمر الواقع حيث تم استصدار قرار التقسيم الذي زرع الكيان الصهيوني على جزء من الأرض الفلسطينية.
وسوف تستعمل الأمم المتحدة وفي الطليعة منها مجلس الأمن الدولي لمنح الغطاء السياسي لتمدد وتمطط هذا الكيان الذي اتخذ من غطرسة القوة ومن سياسة العبث بقرارات الشرعية الدولية منهاجا لفرض الأمر الواقع وقضم الأراضي الفلسطينية تارة بقوة الحديد والنار وتارة أخرى بسياسة الاستيطان... إلى أن تقلصت مساحة الأراضي الفلسطينية وتحولت إلى أشبه ما يكون بقطعة الجبن الفرنسية...
حيث تحول حلم الدولة الفلسطينية إلى شتات تجمعات سكانية تحيط بها المستوطنات وتخنقها الطرق الالتفافية وتكتم أنفاسها نقاط المراقبة الصهيونية على مداخل ومَخَارج المدن والقرى والبلدات الفلسطينية.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الإدارة الأمريكية تعمدت في بدايات الفرز الحالي إكمال ما بدأه الانقليز في بدايات القرن الماضي.
حين عمدت إدارة ترامب إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة تعبيرا عن اعتراف واشنطن بتكريس القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني.
وبذلك تكتمل خيوط المؤامرة ويبسط الصهاينة سيطرتهم وغطرستهم على الجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخية...
وينعمون باعتراف أمريكي سيفتح الباب لاعتراف دولي بأن القدس عاصمة الكيان الصهيوني... وإذا علمنا أن القدس بما هي موطن المسجد الأقصى وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وبما هي الرمز والعنوان للقضية الفلسطينية، وبما هي عاصمة الدولة الفلسطينية، فإنه يصبح بإمكاننا تمثل حجم الدمار الذي ألحقته الخطوة الأمريكية بعدالة ونبل قضية شعب قهره الانقليز في البداية وقهره الأمريكان في النهاية وتركوه يرزح تحت غطرسة كيان لا يعرف غير لغة البطش والقوة ولا يعترف بغير الغطرسة والتسلط عنوانا لسياساته... وكذلك عنوانا للخطوات الممنهجة التي ظل ينفذها على أرض الواقع ويهيئ من خلالها المناخات الملائمة لإنجاز «حلم» إسرائيل الكبرى والتي تمتد من النيل (في مصر) إلى الفرات (في العراق).
والمتابع للتطورات وللمستجدات ولمآلات الأحداث والحرائق التي تشعلها القوى العظمى من وقت لآخر في المنطقة العربية يدرك أن هذا المخطط الصهيوني ينفذ على نار هادئة حينا وعلى نار حامية أحيانا...
وما مفهوم الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به ـ كوندوليزا رايس ـ في العشرية الأولى من هذا القرن وما تبعه من إشعال لحرائق «الربيع العبري» ربيع الخراب والدمار للوطن العربي إلا دليل آخر على عمق وخفايا وخلفيات ما يدبّر لمنطقتنا من تدمير وتخريب لإخضاعها إلى مشرط التقسيم وإعادة التشكيل حتى تبرز كيانات قزمية عاجزة وفاشلة وتعبّد الطريق للمخطط الصهيوني الكبير الهادف إلى إنجاز إسرائيل الكبرى... ولو بعد حين. فهل مازالت لدى العرب عيون يرون بهاوعقول يفقهون بها؟!
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك