فليرحل كل الفاسدين، بل كل السلطات التي تعايشت مع الفساد

فليرحل كل الفاسدين، بل كل السلطات التي تعايشت مع الفساد

تاريخ النشر : 20:18 - 2021/08/28

 ولنقطع مع صورة الوجاهة المزعومة التي يلهث من أجلها البعض ويريد البعض الخروج بها فقط كصورة لإرضاء كبرياء حزبي أو شخصي لا أهمية له وإثبات وجود لا ينفع البلاد في هذه اللحظة ولم يفتكه أحد من أحد. 
في الخامس عشر من شهر جانفي من سنة ألفين وستة عشر نشرنا على موقع نواة مقالا بعنوان "إزالة آثار 14 جانفي-23 أكتوبر: بناء جمهورية ثالثة قبل 2020 ..."، وجاء مما جاء فيه في ذلك الوقت أي قبل خمس سنوات وفي مبحث الأمن الاستراتيجي، جاء فيه مقترح "احداث مجلس استشاري أعلى واسع النطاق يعتني بالشؤون الإستراتيجية ذات الأولوية وطويلة الأمد" ومقترح "استحداث مجلس اقتصادي واجتماعي ينكب على اقتراح وتفعيل خطط إنمائية عاجلة لإنقاذ أحزمة الخطر والتهديد." لا ندري الآن ما إذا كان ذلك ممكنا بعد هذه السنوات في هذه المرحلة وبهذه الصيغة وبهذه العبارات والحال أن المطلوب الآن فريق عمل مصغر قد يعضده فريق موسع وقد لا يكون مستعجلا. ولكنه من الثابت التأكيد على ان الدولة تحتاج ومن منظور استراتيجي مثل هذا العمل ومثل هذه الأطر وكدولة وليس كأطراف مرتبطة بمصالح ضيقة وإنما كهندسة دائمة لما يقوم عليه كيان الدولة ومصالح الوطن العليا وحياة الشعب المقدسة.
ومن هنا ومن منطلق فحص جزء من الدعوات القائمة على ما سمي الخوف على الديمقراطية، نود اليوم تشخيص حقيقة الديمقراطية التي نراها مناسبة وهي في نظرنا الديمقراطية المشتركية وحقيقة التشاركية التي نراها ملاءمة وهي المشتركية في نظرنا وليس مجرد المشاركة أو الاشتراك أو التشريك أو التشارك، وكل هذه المعاني لا تعني في النهاية أكثر من أخذ دور وحصة ونصيب.
إن هذه اللحظة من التاريخ في رأينا لحظة مشترك وزمنية مشترك، بل هو زمان المشترك. وهذا هو معنى الشراكة المطلوبة والتشاركية المعقولة. وإن الذين يتحدثون عن التشاركية على معنى المشاركة في القيادة السياسية للمسار زمن الاستثناء ومع الرئيس ومجلس الأمن القومي، واهمون وعابثون. فالمسألة ليست مسألة شخص أو مجموعة من الأشخاص ولا هي مسألة توزيع سلطات أو احتكار سلطات بل هي كيفية اتخاذ القرار وطريقة تنفيذه وضرورة أن تسير هذه الأمور بهكذا طريقة ولمدة زمنية محدودة في كل الحالات تحفظ فيها الدولة والشعب وتتركز فيها الإرادة السياسية في أطر مضبوطة لمقاومة التشتت والتصدي للتفكيك والتحلل وتجاوز الإحباط والهدر ووقف الأخطار والتهديدات من ارهاب وفساد واختراق وانهيار وبناء السيادة والمناعة تدريجيا وإنقاذ قدرة الدولة والمؤسسات على العمل والإنتاج ومعيشة الناس ومرافقهم الحيوية الأساسية. وأكثر من ذلك طبعا في كل المستويات التي لم نذكرها. 
وإن الذين يتحدثون عن التشاركية بمعنى تشاور الرئيس مع ألف حزب وحزب فاسد أو غير فاسد، واهمون وخارج التاريخ. فلا الظرف يقتضي ولا المزاج العام يتفهم ولا الأمر ممكن ولا حتى مفيد لا شكلا ولا مضمونا، هذا من جهة. 
ومن جهة أخرى، فإن الذين يتحدثون عن التشاركية مع الرئيس حصرا عن طريق اللقاءات معه أو عن طريق احداث إطار للغرض لتحديد الإجراءات المتوافق عليها، واهمون وخارج المستقبل، فعلى الاختصار، هذه هي السياسة التي خربت البلاد والتي انتفض ضدها الناس وهم جاهزون لمعاودة الكرة ولا أحد حقيقة منع هؤلاء من تقديم مقترحات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ثم الذين يتحدثون عن التشاركية بمعنى أن لا يحدث مثلا أي استفتاء ولا أي انتخابات إلا برضاهم وعلى مزاجهم، وهم واهمون وخارج ارادة غالبية الشعب وهم، عذرا وعفوا ولطفا، إما إلى التقاعد الوجوبي النهائي أو إلى التقاعد الاختياري المبكر. 
أما الذين يستحثون الرئيس على التشاركية بمعنى تشاور القوى التي تقف في جبهة واحدة وخاصة منها المنظمات على الضرورات المقبلة، فهذا معقول وضروري. والذين يتحدثون عن الشراكة الوطنية الضمنية من أجل المستقبل كمنحازين للشعب وليس كأصحاب حصص، فهذا أيضا معقول وممكن. وأما الاستشارات على مستوى الكفاءات وأصحاب المشاريع والمبادرات كأفراد ومجموعات على مستوى الحكومة أو على مستوى المستشارين أو على مستوى الرئيس أو على مستوى مركز الدراسات فهذا أيضا من جهة خدمة الوطن والشعب وليس من جهة السلطة معقول ولكن غير ضروري كاطار، لأنه حاصل بطبعه ويحصل بين الفينة والأخرى والكل يستمع إلى الكل، وسيحصل أكثر.
وعليه فإن منبت هذا التمشي وهذه الروح هو المشترك نفسه كما ذكرنا أعلاه. وهو الذين مكن ويمكن من ابداع حقائق جديدة بوضع حد لنمط وجودنا الفردي السلبي والحزبي الفاسد من أجل تكوين أنفسنا الجماعية وثقافة دولتنا الجديدة المأمولة عن طريق علاقات التعاون والانصهار والمغايَرة ومن خلال انفتاحنا على لغة مشتركة. إن إنتاج الحقيقة هو فعل ابداعية لغوية جماعي كما يقول الفلاسفة. "فقد يحدث أن يتحول خلق ونشر شعارات سياسية في المظاهرات إلى إنتاج للحقيقة. فخطاب تسعة وتسعون بالمائة ضد واحد الذي تشكل أثناء حركة أوكيباي مثلا، يسلّط الضوء على واقع التفاوت الإجتماعي ويشارك بشكل كبير في تغيير مفردات النقاش العمومي. وأما الشعار الأرجنتيني لسنة 2001: "فليرحلوا جميعا" فذلك مثال أكثر تعقيدا. فهو لم يكن يعبّر فقط وبطريقة مكثفة عن الفساد السياسي وفساد النظام الدستوري في حد ذاته وانما أيضا على إمكانية قيام ديمقراطية اشتراك جديدة". (طوني ناغري- مايكل هارت، 2013).
فليرحل كل الفاسدين إذن، بل كل الذين اشتركوا مع الفاسدين سلبا وإيجابا، بل كل الذين فشلوا في التغيير وكل الذين لم يفهموا بعد أن التسلية الديمقراطية فساد وعبث الفصل بين سلطات الفساد فساد وتركها خائرة خائبة رخوة منخورة ومخربة للبلاد جريمة مطلقة، وان الديمقراطية الحقة تبدأ بعد نهاية حالة الاستثناء.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22