في الاستثناء فرصة لنظام سياسي موحّد وسيادي بالاستفتاء وتونسة النظام الاقتصادي بإعادة البناء

في الاستثناء فرصة لنظام سياسي موحّد وسيادي بالاستفتاء وتونسة النظام الاقتصادي بإعادة البناء

تاريخ النشر : 00:35 - 2021/08/26

هذا العنوان مقصود لذاته ولا ننوي شرحه أو تفسيره بما يلحق. وإنما نود هنا التذكير بضرورة مقاومة الانحرافات المصطنعة بفعل التبعية ونظرية التنمية التابعة ولا شك رأس المال المدول الذي بات معولما مندمجا في بعض الدول ومعلوما وهامشيا في دول أخرى. ولا يعاني بلدنا في واقع الحال تبعية اقتصادية متعددة الاتجاهات وإنما أيضا تبعية فكرية مركبة وتضخما للتهافت المكثف على كلمتين ورقمين وبيانين من صندوقين دوليين... وهكذا، وكأنه لا أوطان ولا حياة ولا علم إلا في كراريس الاستعمار. 
يوجد أمر آخر مقلق جدا إلى جانب ما يسمى التهافت الخبري المزعوم في خصوص التمارين المألوفة وهي التحليل والنقد للبيانات الاقتصادية والمؤشرات والميزانيات…الخ. غير أن هذا التوجه المسهب المفرط يستهدف في العادة المدارس والنماذج الاقتصادية الكبرى إما لبث يأس ما أو لاصطناع أمل مزور مبني على الوهم. يعزز هذه الحقيقة في ظننا أيضا رهط من الايديولوجيات المزيفة للوعي العام وللرأي العام الاجتماعي دون أي تدقيق أو تمحيص وخاصة ايديولوجيا التنمية دون أي إثارة في الأوساط المعنية للحالات الخصوصية التي تكون فيها التبعية عائقا حقيقيا أمام التنمية أو بالأحرى الإنماء ومتى تكون التنمية التابعة نفسها عائقا أمام الإنماء الفعلي ودون تنبيه أيضا لكيفية الانتقال إلى مرحلة يكون فيها الشعب قاطرة للتطور ولا إشارة إلى متى يكون النظام مصدر التعطيل الأكبر أمام تحالف قواه لتحقيق مسؤولية تنمية قوى الإنتاج وبالتالي تخطيط وتنفيذ مهمات الإنقاذ الوطني الشامل في إطار مشروع وطني شعبي واضح المعالم ومتكامل الأركان.
هاهنا وجب توضيح ما يلي:
أولا لا يمكن البتة ضمن هذا النظام الاقتصادي السائد في تونس اليوم ولا ضمن شروط النمط التنموي الحالي، لا يمكن الفصل مطلقا بين الرأسمالية والدولة. وهنا لا نعلم لماذا يتم التغافل عن هذا العامل وكيف تحل صعوباته وتناقضاته. وثانيا لن يتسنى لأحد البتة تجاوز استحالة الربط بين الدولة وبرجوازيتها الوطنية اذا جاز لنا تسمية أصحاب رأس المال المحلي من ملاك ومستثمرين وغيرهما برجوازية وطنية ولذلك نبسط لنقول رأس المال الخاص والدولة الوطنية. وثالثا حقيقة استحالة الفصل ما بين هذه الدولة الوطنية والتخطيط المركزي الموجه. ورابعا استحالة تغييب الدولة دون وضعها مباشرة في اليوم التالي تحت وصاية الاستعمار حتى إذا كان هذا التخلي وضعا للشعب وجها لوجه أمام استحالة النهوض دون العناية حقيقة بدور الدولة المباشر دون التخاذل ليوم واحد.
اننا عندما نذكر بهذه الابجديات، وكما اسلفنا لا يتعلق الأمر هنا فقط برئيس الجمهورية، وإنما بالكفاءات الوطنية السيادية من أبناء الشعب ومن المؤمنين بالوطن بأبعاده الفكرية والعقائدية العميقة أن يهبوا للتصحيح قبل فوات الأوان. ونعرض هنا مبدئيا ما هو معروف حد البداهة وهو السيطرة على خمسة عوامل وتفيد كلها السيطرة على التراكم قبل الانتقال الكيفي وهي أولا إعادة تكوين قوى العمل وتحقيق الاكتفاء والتوازن. وثانيا السيطرة على تمركز الفائض المالي واستقلاليته النسبية عن المال الأجنبي. وثالثا السيطرة على السوق المحلية التي تخصص للإنتاج الوطني وتحقيق المنافسة الدولية المحدودة. ورابعا السيطرة على الموارد الطبيعية واستخدامها. وخامسا السيطرة على التكنولوجيا الضرورية وإعادة تشكيلها.
ما يعني بالأساس الخروج من وضع لا ديمقراطية/لا تنمية ومن وضع خطاب الديمقراطية الليبرالية الجديدة وفخ جدلية العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في ظل نظام راسمالي مشوه وفاسد وتابع وغير مكتمل وما بعد مجرد الاعتراف بالحقوق والمرور إلى تحقيقها. ما يتطلب أولا نظرة للعلاقة ما بين الفاعلين في واقعنا وثانيا التفريق الانتقالي ما بين الدولة الجديدة ووضع الطبقات الجديد. وإذا لم يتسنى ذلك يصبح خطاب الحقيقة الثورية لا حقيقة الواقع الاكراهي هو الأولوية. وترجمة ذلك إما المرور بقوة القانون وبقوة تغيير القوانين وإما الانتكاسة. هذا لأن آليات النظام الاقتصادي يمكن أن تكون عوامل مساعدة كما يمكن أن تكون عوامل تفجير لا تواجه التحديات وإنما تتحمس للانهيار. وإن تبلور أي مشروع إما يكون تبلورا وطنيا بمركزية دور الدولة وإما بمبادرات شعبية أو معا ولكن بفارق نوعي بين الحالة الثورية وحالة الفوضى.
أحيانا وهذا الغالب على هذا العصر يصبح مشروع البرجوازية الوطنية مستحيلا وفي نفس الاستحالة يقع مشروع الهيجان الشعبي بلا أفق ثوري واضح ويضيع الاستثناء حتى في ظرف استثنائي. ونسأل نهاية هل يمكن لاقتصاد منحسر ومنهك مثل الاقتصاد التونسي أن يتكيف مع واقع الصعوبات الداخلية والاملاءات الخارجية بتوقيتها؟ وهل يمكنه فك الارتباط التدريجي حقا دون تناقضات ودون تصادمات وفي توقيت معقول بتوقيت الانتظارات الشعبية؟ وهل يتم ذلك دون قوى اجتماعية ثورية ودون قوى الشعب المتحالفة؟ وهل يمكن افتراض حالة بين حالتين أي تنمية من خلال التكيف أم انه علينا الانكباب على إبداع لم نره بعد ويجب أن نعمل عليه لحسن التصرف في هذه الفرصة التاريخية النادرة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22