مؤتمر باريس لتمويل الاقتصادات الإفريقية: الاقتصاد التونسي رسميا تحت "الوصاية الدولية" وافريقيا يتكالب عليها الكبار!!

مؤتمر باريس لتمويل الاقتصادات الإفريقية: الاقتصاد التونسي رسميا تحت "الوصاية الدولية" وافريقيا يتكالب عليها الكبار!!

تاريخ النشر : 09:59 - 2021/05/19

شاركت تونس في مؤتمر باريس لتمويل الاقتصادات الإفريقية وهو مؤتمر مستحدث مخصص للدول الاكثر مديونية و الاكثر فقرا.
وحضر  المؤتمر قادة أفارقة وأوروبيين إلى جانب مؤسسات دولية في محاولة  للايهام بوجود حلول مبتكرة لأزمة تمويل القارة الأفريقية التي تتوق إلى التحكم بتنميتها وتحرير نفسها من قيود الدين لكن الهدف الحقيقي والغير معلن منه هو ابقاء و تشديد الوصاية على الدول الافريقية وربطها نهائيا بدائنيها وفق ما يؤكده عدد من الخبراء.
ولقد نشأت فكرة هذا المؤتمر نهاية العام الماضي عقب تقرير صندوق النقد الدولي بأنّ إفريقيا معرّضة لخطر حدوث عجز في التمويل قدره 290 مليار دولار بحلول عام 2023.
إيمانويل ماكرون في شهر افريل الفارط قال : «لا يمكننا الركون إلى وصفات قديمة» في وقت «نترك أفريقيا جماعياً أمام حلول تعود إلى الستينيات»، ودعى إلى اتفاق جديد لتمويل أفريقيا.
في ظاهره هو طرح معقول ومبادرة مستحدثة عن المألوف والحال أنه يستبطن حماية نوعية للمصالح الفرنسية لا تخفى على المتفحص ورجل الاقتصاد.  فالمنطق المعروف او المعادلة التقليدية في عالم المال والأعمال والسياسة مستقرة على كبدأ بديهي  أنه لاشيء دون مقابل وهو الأمر ذاته الذي سينطبق على تونس، حيث أن مجرد مشاركة تونس في هذا المؤتمر واستدعاءها له إقرار لوحده بأننا دخلنا رسميا نادي الدول الإفريقية الفقيرة و المفقّرة.
نحن نتفهم الاكراهات الديبلوماسية و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرفض رئيس الجمهورية دعوة الرئيس الفرنسي للمشاركة في هذا المؤتمر ولا يمكن أن نرفض مساعدة من يرغب في مساعدتنا، لكن لا يجب أن تكون هذه المشاركة بغاية التسول واستجداء مذل لشطب الديون الذي سيقابل بالرفض قطعا، وإنما يجب أن يكون الخطاب حاملا لمشاريع وأفكار تشاركية ومقترحات منطقية للنهوض بالاقتصاد التونسي خاصة والافريقي عمومًا.
إن الاقتصاد التونسي وفي أتعس حالاته قادر على النهوض في أي لحظة ولا يمكن أن تؤثر فيه أزمة عابرة كفيلة بإدخالنا لنادي الدول الفقيرة فالمثل التونسي يقول"صبري على روحي و لا صبر الناس عليّ" .
أما عن حظوظ تونس في هذا المؤتمر وتطلعاتها منه فلا نعتقد أنها ستكون كبيرة و منقذة للمالية العمومية، وما ستحصله هو مزيد من الارتهان للخارج.
والخطر أن تنتهي هذه المشاركة بسقوط اقتصادنا رسميا تحت الوصاية الدولية وهو ما تؤكده المواقف الرافضة لمثل هذه التوجهات  من نواب و سياسيين استشعروا الخطر مبكرا و نبهوا اليه كما استشعرناه.
أما بخصوص القارة عموما فالكل يعلم أن اوروبا و فرنسا على وجه التحديد في حاجة للدول الإفريقية أكثر من حاجة هذه الأخيرة لها لان ما يقدمه الصينيون مثلا من استثمارات و ما يضخونه من اموال اكثر بكثير  مما تمن به أوروبا مجتمعة، والتي لم تتخل عن نفسها الاستعماري في تعاملها مع الاقتصادات الافريقية.
إن الصراع اليوم على أشده بين اغلب القوى الدولية على الثروات الافريقية، حيث لا تزال القارة السمراء تحتكم على احتياطات كبيرة من المعادن النفيسة فضلًا عن المساحات الشاسعة من الأراضي الصالحة للزراعة والغابات، كما لا تزال تعد أغنى تجمع للموارد الطبيعية في العالم أهّلها لاعتلاء المركز الثاني عالميًا بعد الصين بحسب مؤشر التنمية البشرية.
وتتوقع المؤسسات المالية الدولية بأن تشكل  إفريقيا المورد الأساسي للصناعة في العالم خلال السنوات القليلة القادمة، إلا أنه رغم هذه الموارد لا يزال الركود الاقتصادي وانخفاض مستويات المعيشة سائدان في أغلب دولها، إذ يُعاني ثلث سكانها من الجوع والفقر وهو ما تسعى مثل هذه المؤتمرات للاستفادة منه واستثماره لصالح الدول الراعية وزاعمة الانقاذ،
فضلا عن النفط الذي  تبلغ الاحتياطات القارية منه نحو 10% من الاحتياطي العالمي، وتتركز بالاساس في نيجيريا وليبيا وغينيا الاستوائية. وبحسب تقارير دولية تمتلك افريقيا نحو 75 بليون برميل من احتياطي النفط، كما تنتج حوالي 300 مليون برميل منه لتوليد الطاقة، علاوة على نصيبها من الناتج العالمي للذهب والذي لا يقل عن ربع الإنتاج العالمي ومثله تقريبا من مادة اليورانيوم.
هذا فيض من غيض مما تمتلكه إفريقيا من مقدرات ومدخرات أبقاها بخلاف منطق الاشياء والافكار  في أدنى مراتب الفقر والجوع،  ولهذا نتفهم تكالب الدول الكبرى عليها. ومن المؤكد ان افريقيا ستشكل مركز الثقل العالمي في قادم السنوات استنادا الى ما تحتكم عليه من ثروات ومدخرات فهي وحسب الارقام المعلنة والمتداولة:
- ثاني قارات العالم من حيث المساحة ( 30 مليون م2)
- السكان : 1.2 مليار نسمة
- الدول : 55 دولة
- تمتلك ( 12  ٪ ) من احتياطي النفط العالمي
- و( 10  ٪) من إجمالي احتياط الغاز العالمي
- ثلث الاحتياطي العالمي من اليورانيوم
- ( 25  ٪) من إنتاج الذهب في العالم
- ( 50  ٪) من احتياطي الذهب في العالم
- ( 30  ٪)  من احتياطات العالم من المعادن
علما ان ديون اتحاد الأوروبي تناهز 121٪ من نسبة المردود الخامPIB بينما تجاوزت ديون الولايات المتحدة الأمريكية عتبة ال139٪... أي ان ديون القارة الأفريقية لم تتجاوز ربع ما يعانيه القوى المهينمة وذلك في حدود 46٪
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

استُكْمِلَ تنصيبُ المجلس الوطني للجهات والأقاليم بِمركزيته،  وأقاليمه،  وولاياته،  ومعتمديّاته،  
08:57 - 2024/05/13
قالها وزير الفلاحة مخاطبا فلاحا طلب منحه رخصة لحفر بئر فتعللت الادارة بانتظار اجتماع لجنة اسناد ا
08:57 - 2024/05/13
لقد استغل المرحوم علي البلهوان كل المناسبات (ابّان فترة الإستعمار) ليدعوا الناس إلى مواصلة النضال
08:57 - 2024/05/13
أعادت ملحمة «طوفان الأقصى» بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقتها الاعتبار لمفاهيم التحرّر الوطني والعز
08:57 - 2024/05/13
نصبُوا خيامهم، ورفعوا أعلامهم، وأشهروا لافتاتهم بين تلافيف ساحات أعرق، وأشهر الجامعات الأمريكيّة،
08:57 - 2024/05/13
لا يمكن فهم ما يجري في غزة، إلا في سياق الحرب العدوانية الطويلة التي قامت بها الحركة الصهيونية وح
07:00 - 2024/05/09
على هامش اللقاء الثلاثي بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجل
07:00 - 2024/05/08
نعم ثمة هجرة وثمة تهجير وثمة حرب تهجير متنقلة.
19:30 - 2024/05/06