هكذا نطور مداخيل البلديات

هكذا نطور مداخيل البلديات

تاريخ النشر : 10:15 - 2021/03/12

تعاني مختلف المجالس البلدية من شح الموارد المالية التي تعود أساسا الى عدم حرص بعض المسؤولين البلديين على تسخير ما هو متاح من موارد بشرية ونصوص قانونية لتنفيذ مختلف الأحكام والرسوم على جميع المواطنين بالعدل والقسطاس.
بعيدا عن أيّ تمييز لقد قام مجلس بلدية تونس في بداية 2018 بعمل جبار لإعادة روح المبادرة لبلدية تونس رغم النقائص اللوجستية والمالية والموارد البشرية (خاصة التقنية) لعدة أسباب قديمة وجديدة.
إن الموارد المالية وكيفية التصرف فيها مع الإمكانيات البشرية من اهم العناصر التي تطور العمل البلدي والتنمية المحلية فلذلك لا بد من جرد الأملاك البلدية وتحديث منوال التنمية المحلية عبر تنقيح بعض القوانين إن لزم الأمر وخلق الثروة بإنشاء مشاريع جديدة ومستدامة والإقلاع عن فكرة ان البلدية تعطي بالمجان حتى يقع تنظيم البرامج الاجتماعية للدولة التونسية.
المجلس البلدي لمدينة تونس تأثر سلبا بالانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة وتعطلت فيه العديد من الأعمال وتم شيء من توظيف العمل البلدي لفائدة الأحزاب بل أكثر من ذلك، قُدمت المصلحة الفردية على المصلحة العامة قصد التموقع طمعا في الكراسي قبل مصلحة البلاد والعباد. لقد تم اليوم نسبيّا الاستثمار اللوجستي في بلدية تونس ولكنه يبقى قليلا لان الاسطول القديم لم يعد مربحا بل أصبح مكلفا، كما أن ميزانية مشاريع القرب او ما يسمى كل سنة بالمشاريع التشاركية التي تشمل الطرقات والتنوير والمناطق الخضراء لا تفي بالحاجة بل هي قليلة جدا مقارنة بالحالة الكارثية للبنية التحتية في اغلب مناطق البلاد، لذلك وجب البدء في إنجاز مشاريع وطنية كبيرة على المدى المتوسط لصيانها وإعادة هيكلتها والتي نعتبرها في نفس مرتبة لقمة العيش للتونسيين.
إن الدولة لا يقتصر دورها على حسن التصرف فيما لديها من موارد مادية وبشرية ولوجستيكية والمحافظة على مداخيلها القارة والمتحركة، بل عليها أن تجد الحلول المناسبة لخلق الثروات إن بادر مجلس نواب الشعب بمساعدة العمل الحكومي. كما حان الوقت وخاصة قبل اعطاء الضوء الاخضر للانتخابات الجهوية لتوضيح السلطات وعلى المجلس النيابي اعطاء الأولوية لمراجعة العديد من التشريعات البلدية للقطع مع البيروقراطية وتضارب وتناقض بين النصوص القانونية التي تدفع كل متحمس لخدمة منطقته وجهته وبلديته، الى رمي المنديل والانسحاب في صمت مرير. إن عدم التوازن بين البلديات على مستوى الميزانية أثر سلبا على نجاح مسار العمل المحلي في البلاد كما أن مراجعة القوانين والمجلات ذات العلاقة بالشأن البلدي حتى تكون أكثر تناغما مع مجلة الجماعات المحلية التي يتعيّن أيضا مراجعتها بعد وجود عديد السلبيات التي تضمنتها بعض فصولها مما أدى الى فشل عدد هام من المجالس البلدية. لن نفتح ملف ميزانيات البلديات المتفاوتة والغير عادلة والتي تسببت في استقالة العديد من روساء البلديات لعدم وجود الحلول المادية للتسيير ولن نفتح كذلك ملف الشرطة البيئة والشرطة البلدية.
كما أننا لن نتطرق لملف التنسيق بين الادارات الجهوية والبلديات وتأثيرها السلبي على البنية التحتية وجودة الخدمات ولن نخوض أيضا في العديد والعديد من الملفات الشائكة وأهمها الصراع القائم بين السلطة المركزية والسلطة المحلية... كله سيأتي في حينه. بغض النظر عن عدم التوازن الجغرافي للبلديات الذي عصف بتطبيق اللامركزية في تونس، فان عدم التوازن الديموغرافي للبلديات ومشاكل الميزانيات الضعيفة جعل التفكير في اعادة النظر في تقسيمها امرا حتميا لإصلاح الحكم المحلي إذ أن 68% من البلديات لا يتجاوز عدد سكانها 20.000 ساكن، في حين أنّ المعدّل الوطني هو 32000 ساكن، مقابل بلديات أخرى ذات كثافة سكّانية تتجاوز 100.0000 ساكن والاتعس من ذالك ان بعض الدوائر (تابعة لـ 350 بلدية منتخبة) تفوق العديد من البلديات المنتخبة كثافة سكانية وترابيا. على ضوء التجربة التي خضناها في بلدية تونس بعد انتخابات 2018، نرى أنّه بالإمكان اعتماد الحلول التالية:
العمل على خلق توازن جغرافي ومالي بين البلديات وتنقيح النصوص القانونية اللازمة لازالة التناقض والتضارب بينها ومراجعة المجلات ذات العلاقة بالشأن البلدي،
الحرص على توضيح السلطات بين المجلس الجهوي والبلديات قبل الانتخابات الجهوية القادمة،
تطوير مفهوم السلطة المحلية وترسيخها في الوعي المواطني كامتداد للسلطة المركزية، وكآلية لتنفيذ سياسة الدولة في الاطار المحلي بهدف إزالة الفروقات بين الجهات والعمل على جعل الجغرافيا التونسية مفتوحة على برامج ومخططات التنمية المحلية وفضاء لدينماكية تنموية وبشرية متكافئة،
التعاون على وضع رؤى مشتركة للامركزية والعمل البلدي واستراتيجية وطنية للتنمية المحلية وفق معايير وطنية موحدة، وحسب ما تقتضيه مصلحة المتساكنين والمصلحة العليا للمناطق،
وضع برنامج للتكوين والرسكلة والتأطير للمستشارين البلديين ويمكن أن يكون متاحا لشباب المنطقة بهدف تكوين القيادات السياسية للدولة التونسية مستقبلا،
العمل على إقامة أواصر التعاون وتبادل التجارب مع السلط المحلية في العالم وأساسا في أوروبا والمشرق العربي،
خلق شبكة حوار وتعاون بين المستشارين البلديين ومؤسسات المجتمع المدني مع تفعيل سياسة القرب من خلال احداث منصة الكترونية تفاعلية للتواصل الدائم بين المستشارين وبين المواطنين والبلدية مع تطبيقة الفوروم المواطني، لرصد مشاكل المواطنين وأولوياتهم حسب الجهة.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

في شهر أكتوبر: 2 أكتوبر تاريخ تحرير بيت المقدس أيام صلاح الدين الأيوبي.
16:12 - 2024/05/14
تعتبر مدينة المتلوي أوّل مدينة يصلها القطار ذلك أنّ السكّة الحديديّة مدّت إليها تحديدا يوم 19 أفر
09:29 - 2024/05/14
الجامعات الغربية تقول اليوم كلمتها من خلال الحراكات  الطالبية وليس غريباً أن تكون غزة التي تشهد أ
09:29 - 2024/05/14
استُكْمِلَ تنصيبُ المجلس الوطني للجهات والأقاليم بِمركزيته،  وأقاليمه،  وولاياته،  ومعتمديّاته،  
08:57 - 2024/05/13
قالها وزير الفلاحة مخاطبا فلاحا طلب منحه رخصة لحفر بئر فتعللت الادارة بانتظار اجتماع لجنة اسناد ا
08:57 - 2024/05/13
لقد استغل المرحوم علي البلهوان كل المناسبات (ابّان فترة الإستعمار) ليدعوا الناس إلى مواصلة النضال
08:57 - 2024/05/13
أعادت ملحمة «طوفان الأقصى» بعد مرور سبعة أشهر على انطلاقتها الاعتبار لمفاهيم التحرّر الوطني والعز
08:57 - 2024/05/13
نصبُوا خيامهم، ورفعوا أعلامهم، وأشهروا لافتاتهم بين تلافيف ساحات أعرق، وأشهر الجامعات الأمريكيّة،
08:57 - 2024/05/13