مع الشروق.. ليبيا...وعقبة الميليشيات المسلّحة

مع الشروق.. ليبيا...وعقبة الميليشيات المسلّحة

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/02/23

رغم المسارات السياسية الايجابية التي توصّل إليها فرقاء ليبيا مؤخرا، فإن طريق السلام والاستقرار والمرور الى مرحلة جديدة لا يزال معقّدا وملغّما في نفس الوقت، ولعل ملف الميليشيات المسلّحة هو أبرز عقبة.
ما توصّل اليه الليبيون مؤخرا في جينيف من اتفاق حول تسمية رئيس حكومة ورئيس مجلس رئاسي جديدين كان خطوة هامة في طريق التسوية السلمية للأزمة المدمّرة التي تضرب البلاد منذ 2011.
وكان اعتراف الخاسرين - على الأقل ظاهريا-  وقبلوهم بنتائج هذا المسار خطوة أخرى جيّدة نحو التقدّم وترسيم الحكومة الجديدة التي يقودها عبدالحميد الدبيبة والتي ستأخذ على عاتقها تمهيد الطريق نحو انتخابات عامة في ديسمبر المقبل.
لكن ورغم هذا كلّه ظلّ ملف الميليشيات المسلحة أكبر عقبة ليس أمام الحكومة الجديدة فقط بل أمام التسوية النهائية في ليبيا، وهي –أي الميليشيات- لاتزال تسرح وتمرح وتحكم في عديد المدن ولا رادع لها.
آخر شطحات هذه الميليشيات المارقة كان محاولة تصفية الحليف القديم وزير داخلية حكومة الوفاق الحالي فتحي باشاغا الذي تعرّض لمحاولة اغتيال أول أمس على طريق جنزور في العاصمة طرابلس عبر سيارة مسلحة.
وفيما يبدو أنها معركة كسر عظام بين الرجلين القويين في العاصمة، شهدت العاصمة بعد حادثة الاغتيال اشتباكات مسلّحة بين ميليشيات تابعة لباشاغا وأخرى تابعة للسراج والتي اعتبرت أن حادثة الاغتيال مفبركة.
بغضّ النظر عما إذا كانت الحادثة محاولة اغتيال أو سوء فهم وتنسيق أمني، فإنها جاءت لتؤكد الضرورة الملحة والعاجلة لتوحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية عبر تفكيك وإعادة دمج الميليشيات المسلحة في كيان واحد يخضع فقط للحكومة الجديدة.
منذ سنوات ترزح العاصمة طرابلس تحت سطوة الميلشيات التي خاضت حروبا عنيفة فيما بينها لعل أبرزها معارك المطار المتعددة، وحتى قدوم حكومة الوفاق لم يغيّر شيئا بما أنها خيّرت مهادنتها فقط.
وإضافة الى صراعها على النفوذ والسلطة تمتهن هاته الميليشيات تهريب الوقود والاتجار بالبشر كما تحمي وتحتكر تأمين بعض المؤسسات المدنية والحيوية وتعتبرها مصدر استرزاق لها.
وتشير التقديرات إلى أن عدد الميليشيات المسلحة في ليبيا يصل إلى أكثر من 300 مجموعة مختلفة التسليح والأعداد بعضها يتبع أشخاصا والبعض الآخر يتبع تيارات متطرفة، وأخرى تتبع مدنا ومناطق.
ملف الميليشيات يجعل من مهمّة الحكومة الجديدة شديدة الصعوبة وهو أكبر عائق أمام وحدة واستقرار ليبيا نفسها، ودون تخطّي هذا العائق فإن كل المسارات السياسية ستسقط في الماء وستظلّ دار لقمان على حالها.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك