مع الشروق..الحـــوار أو التنــاحــــر

مع الشروق..الحـــوار أو التنــاحــــر

تاريخ النشر : 08:00 - 2021/02/02

غير آبهين بما وصلت وما ستصل اليه الأمور من خطورة، يصرّ من يقودون الدولة برؤوسها الثلاثة على ادخال البلاد في دوّامة التناحر التي تقودها نرجسية "الأنا أو لا أحد"، عوض الحوار الذي يقودنا الى مصلحة الجميع.
نعم البلاد في وضع خطير وغير مسبوق، فبعد "البلوكاج" الاجتماعي والاقتصادي طيلة السنوات الماضية، دخلت البلاد الى مربّع "البلوكاج" السياسي الحاد ليكتمل بذلك المشهد التراجيدي الذي سقطت فيه الدولة.
فمع إصرار كل طرف على أنّه القائد والزعيم الأوحد الممثل للدولة ولوجودها، يزداد وضع البلاد انهيارا وغرقا في ربوع الفوضى التي لا قدّر الله ستقودنا هذه المرة الى وضع يصعب التكهّن به.
للأسف المعركة اليوم هي معركة زعامات وليست معركة حلول اقتصادية وتنموية وصحية تخلّص المواطن من براثن الموت واليأس والاحباط الذي وصل الى درجات بالغة الخطورة قد تستغرق عقودا لإصلاحها.
واصبح ذلك واضحا من حالة الاحتقان الاجتماعي غير المسبوقة التي لا يكترث بها السياسيّون ويصنّفونها حسب أهوائهم مرة حقا مكتسبا ومشروعا ومرة أخرى اجراما وفجورا.
هم لا يعرفون أن "الجوع كافر" وأن صاحبه عندما يصل إلى تلك المرحلة لن يفرّق بين من كان مسؤولا عن الوضع أو لا أو من كان يريد نظاما برلمانيا أو رئاسيا، بل سيدمّر الأخضر واليابس وسيقتلع حتى رخام منازل الجميع.
تضخّم ونرجسية "الأنا" أصبحت تقود البلاد الى المواجهة غير المحسوبة العواقب، عوض التعقّل واستعمال المصلحة العليا كمحرّك أساسي لأي فعل سياسي في ظلّ وضع حرج تعيشه البلاد على جميع المستويات.
والإصرار على عدم التنازل ولو قيد أنملة وتغليب المصلحة الشخصية الضيّقة على المصلحة العامة العاجلة، هو عبث ما بعده عبث وسيحرق أصحابه أولا قبل أي طرف آخر.
كان يمكن لو كانت الوطنية الدافع الوحيد لأي طرف، أن تؤجّل المعارك الشخصيّة التي تمّ تقديمها على مصلحة شعب بأكمله، ولكن الارادة الصادقة والوطنية الخالصة هي نفسها في أزمة اليوم.
نعم نحن اليوم في أزمة عقل و إرادة ومسؤولية ووطنية، تواجه بشجاعة تاريخية مآسي هذه البلاد التي تغرق في  أزمات لا حصر لها والأخطر من ذلك أنه لا وجود لرؤيا أو استراتيجية واضحة للخروج منها.
يقولون إن "الأمل هو آخر شيء يموت في الانسان"، ولذلك يبقى الأمل قائما في أن يرأف الجميع بحال هاته البلاد وأن يؤجلوا اقتتالهم الى مرحلة يكون فيها هناك فعلا ما يمكن الاقتتال من أجله.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك