مع الشروق.. لبنــان ... والنجاة من الانهيــار

مع الشروق.. لبنــان ... والنجاة من الانهيــار

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/09/29

في مشهد حاد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية، أصبح لبنان وجها لوجه مع وضع معقّد وشديد الخطورة وقد ينفجر في أي لحظة، بعد أن تخلّى - في ظلّ أزمة اقتصادية مدمّرة - رئيس الحكومة المكلّف حسان دياب عن تشكيل حكومة جديدة.
كان متوقعا لكثيرين من متابعي المشهد السياسي اللبناني وتعقيدات تشكيل الحكومة، أن يعتذر رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، عن عدم استكمال عملية تشكيلها وهو المحاصر داخليا بالمشهد السياسي اللبناني وخارجيا بإملاءات الاتحاد الاوروبي و فرنسا تحديدا.
فمنذ تكليفه في 19 ديسمبر الماضي، ظل دياب غارقا في حقل ألغام السياسيين الذين جمعتهم الطائفية والمصالح الضيّقة وفرّقتهم مصلحة لبنان الذي يقف -كما وقف عشية 1975- على أعتاب حرب أهلية.
ويكفي معرفة أن فشل تشكيل الحكومة الجديدة سببه حقيبة وزارة المالية خاصة وحقائب وزارية أخرى بدرجة ثانية التي يصرّ أهل الطوائف على الفوز بها مهما كلّف الأمر.
كانت مأساة انفجار مرفإ بيروت في مارس الماضي لحظة فارقة في لبنان فهي القطرة التي أفاضت الكأس وأسقطت الساسة نهائيا من أعين شعبهم حتى باتو يعتبرون الآن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هو الحاكم الشرعي والمخلّص الحقيقي الوحيد.
هذا الانفجار لم يكن حدثا أمنيا عابرا فحسب بل هو انفجار لأشياء أخرى عديدة اقتصادية واجتماعية وسياسية وكان مرآة حقيقية لما تعيشه لبنان من وضع داخلي مأزوم وتدخل خارجي قطّع أوصال البلد.
ينسى أو يتناسى السيّد ماكرون الذي نصّب نفسه وصيا ووليا على لبنان وكأنه احدى مقاطعاته الفرنسية أن بلاده مع بلدان أخرى كالسعودية وايران وأمريكا تحديدا، لم يجعلوا هذا البلد آمنا بسبب نزواتهم المدمّرة.
فهذه التدخلات الخارجية هي من أوصلت لبنان الى هذا الوضع وهي نفسها من تعطّل خروجه منه وتبقيه فريسة للضياع والفتنة والافلاس وحتى عدم الاستقرار الأمني داخليا وخارجيا.
ويبدو الآن أن مصير هذا البلد مرتبط بعاملين أساسيين وهو تشكيل حكومة بعد أن يتنازل المؤثرون الاساسيون في المشهد اللبناني و الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي بمباركة أوروبية.
بالنسبة للعامل الأول فيظلّ رهين التنازل و التوافق الشيعي السني الذي يبدو صعبا في هذه المرحلة الاقليمية المشتعلة وفي ظلّ الصراع الثنائي على هذا البلد واصرار الطرف الامريكي على عزل «حزب الله».
أما العامل الثاني الذي بالإضافة الى أنه نتيجة للعامل الأول فهو أيضا يخضع لإملاءات كثيرة منها ما هو داخلي متعلّق بتركيبة الحكومة ومنها ما هو خارجي متعلّق بالتطبيع وغيره من الامور.
على ضوء هذين العاملين سيتحدّد مصير لبنان، بين الانهيار الحتمي أو النهوض من الرماد كطائر الفينيق بإرادة شعبه وما تبقى من نخبته وسياسييه الصادقين والمخلصين لإرث هذا البلد.  
وحتى تلك اللحظة التي تعود فيها لبنان لسالف اشراقتها وعروبتها وصمودها أمام كيان محتل رابض على حدودها ... «من قلبي سلامٌ لبيروت وقُبلٌ للبحر والبيوت».
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك