مع الشروق..وزراء الخارج «التكنوقراط»... أية إضافة؟!

مع الشروق..وزراء الخارج «التكنوقراط»... أية إضافة؟!

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/03

على امتداد السنوات العشر الماضية، تداول على كرسي رئاسة الحكومة وبقية الكراسي الوزارية جيل جديد من المسؤولين تطلق عليهم عادة صفة "التكنوقراط المستقل" أغلبهم من الخارج حيث درسوا وعملوا وتحملوا مسؤوليات في مؤسسات دولية وتكونت لديهم خبرة في التسيير وفي استنباط الحلول وفي التفكير بحكم احتكاكهم بمناخ العمل المتطور في تلك الدول. ومنذ 2011 إلى اليوم فُتحت أمام هذا الجيل أبواب مسؤولية تسيير الوزارات وبعض المناصب العليا الأخرى، بعد أن كانت قبل ذلك حكرا في جانب كبير منها على وجوه سياسية تقليدية.
وقد بدأ هذا التوجه مع حكومة الباجي قائد السبسي الاولى في 2011 لكن انطلاقته الفعلية كانت مع حكومة مهدي جمعة، التكنوقراط المستقل القادم من الخارج، والذي استقدم بدوره فريقا حكوميا يحمل الصفات نفسها تقريبا. وتواصل الأمر نفسه لكن بدرجة أقل مع حكومة حبيب الصيد سنة 2015 وأيضا سنة 2016 عندما تم تكليف يوسف الشاهد بمهمة رئاسة الحكومة بوصفه من جيل التكنوقراط الجديد الذي درس في الخارج واستقر فيه واشتغل في مؤسسات أجنبية.. وقد عين الشاهد بدوره عددا من الوزراء وكتاب الدولة الذين يلتقي معهم في السيرة الذاتية نفسها واعتمد ذلك بمناسبة مختلف التحويرات الوزارية. ويتواصل هذا التمشي اليوم مع حكومة 2020 بدءا برئيسها الياس الفخفاخ المحسوب على هذا الجيل الجديد وصولا إلى بعض الأسماء التي تولت حقائب وزارية مختلفة.
لكن لسائل أن يتساءل اليوم: ما هي الإضافة التي قدمها وزراء هذا الجيل الشاب التكنوقراط القادم من الخارج للعمل الحكومي؟ هل كانوا فعلا في مستوى الصفة التي يحملونها وتميزوا عن نظرائهم الحاملين لصفة "مُسيّسين محليّين" ؟ هل قدموا أفكارا جديدة للعمل الحكومي وساهموا في تغيير طرق التسيير والحوكمة التي استلهموها من دراستهم وعملهم بالخارج وقدموا قيمة مضافة لعمل الوزارات التي أشرفوا عليها وساهموا في تغيير المنوال التنموي والاقتصادي وتركوا بصماتهم في الأماكن التي مروا منها؟
الإجابة عن مختلف هذه التساؤلات يمكن استنتاجها من الوضع الذي آلت إليه اليوم البلاد في مختلف المجالات. فلا الاقتصاد نما بالشكل المطلوب في مختلف المجالات، بل حصل عكس ذلك تراجع كبير في مختلف المؤشرات، ولا المنوال التنموي تغير نحو الأفضل ولا طرق العمل والتسيير والحوكمة في الإدارة تغيرت وتطورت نحو الحداثة بل ازدادت الفوضى والتسيب وسوء التصرف في المال العام. والأخطر من ذلك أن عددا من هؤلاء أصبحت تحوم حولهم شبهات فساد عديدة وشبهات تضارب مصالح. كما ان عددا كبيرا منهم فقد شيئا فشيئا صفة "التكنوقراط المستقل" بعد أن استهواهم العمل السياسي وتكوين الأحزاب فدخلوا بذلك في نفق الصراعات وتصفية الحسابات السياسية وتلاشت شيئا فشيئا صفاتهم الأصلية.
صورة مؤسفة عن هذا الجيل الجديد من التكنوقراط المستقلين القادمين من الخارج الذين علق عليهم التونسيون في البداية آمالا عديدة لتغيير الواقع في البلاد بالنظر إلى ما يتحلّون به من صفات وخاصة بالنظر إلى خبراتهم وإلى ما استلهموه من عملهم في الخارج، حيث النماء الاقتصادي والتطور الإداري والاستقامة والحوكمة الرشيدة. غير ان العكس هو الذي حصل وبدأ هؤلاء وكأنهم بعيدون عن الواقع وغير مسيطرين على الملفات التي بعهدتهم، لتبقى التساؤلات قائمة حول مدى الإضافة التي قدمها هؤلاء للبلاد وتفسح المجال مجددا أمام  الجدل نفسه بمناسبة تشكيل الحكومات القادمة والذي قد تميل الكفة فيه  نحو الوزراء "المُسيّسين" والمحليّين.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك