مع الشروق .. ليبيا... والسلام المنشود

مع الشروق .. ليبيا... والسلام المنشود

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/06/09

من شوارع وساحات الحرب إلى أروقة المباني الديبلوماسية، بدأت الأزمة الليبية تدخل منعرجا جديدا قد لا يقل ضراوة عن المواجهات العنيفة المستمرة بين رجل الشرق الليبي المشير خليفة حفتر ورجل الغرب الليبي فائز السراج.
في هذا الاطار سارعت القاهرة إلى لم شمل المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح للإعلان عن مبادرة سياسية لحل الأزمة الليبية وافق عليها "الخصمان" على المباشر دون تردّد.
هذه المبادرة المصرية جاءت في اطارين أولهم اخماد الخلاف بين خليفة حفتر وعقيلة صالح وتقليص نفوذ الأول لصالح الطرف الثاني الذي أطلق مبادرة سياسية في أفريل الماضي وحظيت بقبول دولي.
أما الاطار الثاني فكما هو معلوم تقود مصر والامارات الجبهة الداعمة لحفتر عسكريا وسياسيا منذ بروز نجمه سنة 2014 ،لكن فشله في السيطرة على طرابلس بالإضافة الى خسارته الغرب الليبي، دفع بالقاهرة الى تبني مبادرة سياسية تقودها هي حتى تظل سيّدة اللعبة.
المبادرة المصرية التي تضمنت مفاوضات في جنيف وتشكيل مجلس رئاسي منتخب وحل الفصائل المسلحة وإخراج جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا، حظيت بإجماع اقليمي ودولي لكنها في المقابل لم تحظ بموافقة حكومة الوفاق وداعمتها الرئيسية أنقرة وبعض دول الجوار الليبي.
فبالنسبة الى حكومة الوفاق، لا تمثل القاهرة طرفا محايدا وهي التي وقفت دائما وبقوة في صف المشير خليفة حفتر، بينما اتهمت حكومة الوفاق دائما بالإرهاب وبالتالي لا يمكن أن تقود هي الحل السياسي وهي طرفا في المشكل.
أما الجزائر فقد بدا ردها على المبادرة المصرية باهتا وباردا وفيه رفض ضمني لها لأنها تعتبر نفسها، رفقة تونس، الأحق بقيادة ورعاية أي مبادرة سياسية تجمع الأطراف الليبية بما أنهما التزما الحياد تجاه هذه الأزمة ولم يدعما بصفة واضحة أي طرف.
وفي هذا الاطار تحديدا بحث وزير الخارجية بحكومة الوفاق الليبي محمد الطاهر سيالة، مساء السبت الماضي، التطورات الميدانية في بلاده، مع وزيري خارجية تونس نور الدين الري والجزائر صبري بوقادوم.
ويبدو أن هذه المكالمة حملت بين طياتها رسالة مفادها أن تونس والجزائر تحظيان بالأولوية لقيادة أي مبادرة سياسية تخص الأزمة الليبية من بوابة حيادهما أولا وفي اطار المغرب العربي ثانيا.
وبدت المبادرة المصرية وكأنها قفز على المبادرة السياسية التي كان قد أطلقها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي وعطلتها دولة اقليمية، كما أنها بدت كاستفراد بالحل في ليبيا دون أدنى تنسيق مع دول الجوار الليبي.
لا يمكن لدول كتونس والجزائر ومصر التي تتأثر مباشرة بما يحدث في ليبيا، أن تكون خارج دائرة قيادة الحل، بل شريكا فاعلا لا غنى عنه في أي مبادرة سياسية، ولعلّ عمل هذا الثلاثي على مبادرة موحدة يمكن أن يكون الخيار الأنجع لبداية جديدة في ليبيا.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك