مع الشروق .. مجــزرة شـــارع الرشيــــد

مع الشروق .. مجــزرة شـــارع الرشيــــد

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/03/03

المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في شارع الرشيد بقطاع غزة و ذهب ضحيتها اكثر من 100 شهيد، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، والاحتجاجات الدولية هي في أغلبها منافقة، ولن يقدر أصحابها على  تحريك حتى سيارة إسعاف فما بالك باتخاذ موقف لوقف فوري للعدوان. ولكن رمزية الإسلام هي التي تدفعنا إلى تذكر مواقف الرشيد عندما هدده نقفور ملك الروم  و طالبه بإرجاع الأموال التي كان يحصل عليها بيت مال المسلمين من أموال الجزية فكان الرد الحاسم الذي لا يقبل نقاشا "بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام".  و نستذكر ايضا قصة تلك المرأة التي استنجدت بالخليفة العباسي المعتصم عندما تعرضت للظلم من الروم و صاحت صيحتها الشهيرة "وا معتصماه"  فكان الجواب القاطع "«بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بَعْدُ؛ فقد قرأتُ كتابكَ، وسمعتُ خطابكَ، والجواب ما ترى لا ما تسمع، {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}»، ثم زحف عليهم وكان فتح عمورية. 
أما اليوم وعلى مدار نحو ستة اشهر متتالية وخمسة سبعين عاما من الاحتلال و الجريمة التي تلد جريمة أكثر بشاعة، تستباح الأرض و يعفّر العرض و الشرف بالتراب و يغمس الطحين بالدماء و لكن لا مجيب. لا صوت يعلو في هذه الأمة سوى صوت الخضوع و التطبيع و الانبطاح لمجرمي الحرب. في سماء غزة تظهر بعض فهلويات السياسة العربية، بأن ينفش أحدهم ريشه قائلا إنه يتولى بنفسه إسقاط المساعدات الإنسانية على من تبقى من أهل غزة و لا يخجل من أن ينشر صوره متباهيا بهذا "الإنجاز العظيم"، والحال أن النياشين  تغرق البلاد العربية  من مشرقها إلى مغربها، ولكنها نياشين  من ورق. 
جريمة شارع الرشيد، ليس لها من ردّ سوى إعلان حرب شاملة على عصابة المجرمين الذين ارتكبوا محرقة غزة. أما ما عدا ذلك فهو سياسة خذلان و خنوع بل و مشاركة في جرائم الحرب. أليس عارا على العرب و المسلمين الذين يفوق عددهم المليار نسمة أنّهم اتخذوا قرارا بكسر فوري للحصار على غزة في الرياض منذ نحو ثلاثة أشهر، ولكنهم أعجز من أن يدخلوا قارورة ماء واحدة  إلى أطفال يموتون بالعشرات جوعا. بل إن هؤلاء يسعون إلى منع المصالحة بين الإخوة وتغليب هذا على ذاك، فما أحوجنا  في هذا الزمن إلى ذلك الردّ  الذي أرسله معاوية  إلى هرقل ملك الروم  عندما أراد  دق الإسفين بينه وبين  الخليفة علي بن أبي طالب،  " أخان وتشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما، إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أُقدِّمه لعلي". فأين نحن من قادة كان العالم يرتبك من رسائلهم في هذا الزمن الذي تجوع فيه الحرّة و تستباح فيه الأرض.      
كمال بالهادي

تعليقات الفيسبوك