مع الشروق .. قيمة العمل... أولا وأخيرا

مع الشروق .. قيمة العمل... أولا وأخيرا

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/02

و نحن نحيي بالأمس كسائر دول العالم عيد الشغل الموافق لغرة ماي من كل سنة يحقّ لنا أن نطرح أسئلة مشروعة عن مدى تجذّر هذه القيمة في مجتمعنا عقلية و ممارسة و سلوكا في الوقت الذي يروم فيه الجميع تحقيق التطور الاقتصادي و إرساء التنمية و خلق الثروة و التي تبقى كلها أهدافا ممكنة إذا ما كان المجتمع يعلي قيمة العمل و يضعها في مقدمة أولوياته بعيدا عن التواكل و الكسل و هو جهد مشترك بين الجميع.
فالمجتمعات التي عرفت طريق النجاح الاقتصادي و لمست التطور في كل المجالات لم تكن لتحقق ما حققته بعصا سحرية أو بمجرد إرادة سياسية بل بذهنية عامة و بعقلية تعلي من مبدإ العمل انطلاقا من الحسّ الوطني الذي تشبعت به حتى أن بعضها نهض من الركام بعد أن عصفت به الحروب مثل اليابان و ألمانيا أو رواندا و جنوب إفريقيا في قارتنا السمراء بعد أن عانتا ويلات الحرب الأهلية و الميز العنصري لتنتفضا اليوم و تحقّقا أرقاما متميزة على صعيد التنمية و خلق الثروة هما جديرتان بهما نتيجة الانكباب على العمل بروح وطنية عالية.
و ترسيخ هذه القيمة الفضلى يجب أن يكون أولوية بعد أن تم ضربها منذ 2011 نتيجة تسويق الأوهام و ترديد شعارات لا تستقيم و لا يمكن تحقيقها من بعض الأطراف بعد الثورة التي لم تعمل على تحقيق النمو و وضع الاستراتيجيات و البرامج و المشاريع لتطوير البلاد و هو ما تسبب في حالة إحباط عامة زادت في نفور المواطن من كل ما له علاقة بالصالح العام و ضربت قيمة العمل التي كانت هي المعيار الأساسي لتحقيق النجاح في إطار المصعد الاجتماعي بينما تحولت ممارسات أخرى متعلقة بالولاءات و المحاصصات بعيدا عن منطق الكفاءات إلى المعيار المحدد للتعيين في المناصب.
و تحتاج بلادنا في هذه المرحلة التي تمر بها إلى إعادة التفكير في إعلاء هذه القيمة و مراجعة الآليات و التشريعات باتجاه منح أهمية أكبر لقاعدة الإنتاج في العمل و تثمين ذلك ماديا و معنويا من أجل إذكاء التنافس و إعادة الاعتبار إلى مبدإ الكفاءة بعيدا عن كل اعتبارات أو ممارسات جانبية لا تمت بصلة إلى الجوهر الحقيقي للعمل و هو ما سيكون له الوقع الإيجابي سواء للمؤجر أو الأجير.
فلا بديل اليوم عن الانكباب على مشروع جامع ينخرط فيه المجتمع يكون واضح المعالم و الأهداف حتى يتم تحقيق التطور الاقتصادي و التنموي المطلوب و يعيد الأمل للشباب بإمكانية بناء الوطن بسواعد و أفكار أبنائه وبناته من الكفاءات التي تحتاج إلى الإيمان بها و بقدراتها و إلى تشريعات تمكنها من تنفيذ أفكارها و إبداعاتها عبر العمل ولا شيء غير العمل كقيمة كبرى تُبنى بها الأمم.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك