مع الشروق : قرارملغّم.. وخياران أحلاهما.. مرّ
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/19
«لا يستقيم الظل والعود أعوج»، مثل عربي قديم ولكنه ينطبق بالكامل على القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بخصوص غزة وترتيبات ما بعد الحرب الصهيونية على القطاع.. ففي ضوء الغطرسة والعربدة الصهيونية، وفي ضوء العجز والتخاذل العربيين وفي ضوء الانحياز الأمريكي المطلق وانفراد إدارة ترامب بملف التسوية في غزة هل يمكن أن ننتطر قرارا من مجلس الأمن يكون متوازنا ومنصفا للطرف الفلسطيني ومنتصرا لمنطق قوة الحق والشرعية في مواجهة حق القوة ومنطق الغطرسة والأمر الواقع؟
لماذا نطرح هذا السؤال ولماذا نفترض أن ظل قرار مجلس الأمن بشأن غزة أعوج بما أن مصدره أعوج؟ لا يختلف اثنان على أن هذا القرار يضاعف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة ولكامل فلسطين بوصاية دولية تضمن للكيان الصهيوني «احتلالا مريحا» لجهة كونه يستجيب لكامل اشتراطاته الأمنية والعسكرية ويؤجل المستقبل السياسي للشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة إلى أجل غير مسمى. ذلك أن المطلب الأساسي للكيان ومنذ طوفان الأقصى يتمثل في استئصال حركة حماس ومعها باقي فصائل المقاومة وفي تجريدها من السلاح لتأمين ظروف «احتلال مريح» يطلق أيادي قادة اسرائيل في سعيهم المحموم لإقامة «اسرائيل الكبرى».. كما أن القط الأمريكي لا يصطاد لوجه الله.. بل ان غزة أو على الأقل الجزء الواقع خلف «الخط الأصفر الصهيوني» واقع بالكامل صلب مخطط ترامب لانشاء ريفييرا في غزة تحول القطاع إلى مشروع استثماري.. علاوة على انشاء قاعدة عسكرية في القطاع تؤمّن لأمريكا استكمال ترتيباتها الاستراتيجية للاقليم وللعالم وتضمن تكريس طريق «الهند ـ أوروبا» في مواجهة طريق الحرير الصيني.. وكل هذا يقتضي أيضا استئصال فكرة المقاومة وغياب أي أثر للسلاح وهو ما يجعل قرار مجلس الأمن وهو أمريكي المنشإ والصياغة قرارا مستجيبا بالكامل للمصالح الصهيونية والأمريكية.. لجهة كونه يعطي الكيان ـ بأياد عربية وإسلامية ودولية ـ ما عجز عن تحقيقه بغطرسة وجنون القوة ممثلا في اقتلاع سلطة حماس في غزة وتجريدها من سلاحها.. ولجهة كونه يعطي أمريكا سلطة الوصاية على القطاع ويؤمن لها موطئ قدم يقع بالكامل صلب أطماع أمريكا وصلب حساباتها الاستراتيجية.
وماذا عن الحقوق والمصالح الفلسطينية في المقابل؟ تلك مسألة مؤجلة ومتروكة إلى معطيات قد تتوفر مستقبلا وقد لا تتوفر.. فالبحث في مسألة انشاء دولة فلسطينية مستقلة متروك للمجهول ومتروك لعوامل تتحكم فيها اسرائيل بالكامل. فمن يضمن ألا ينقلب الكيان على كل ترتيبات قرار مجلس الأمن في أية لحظة طالما أن وقف اطلاق النار رهين حسابات ومصالح الكيان؟ ومن يضمن تماسك مجلس الوصاية إذا غاب ترامب ورحلت إدارته طالما أن المبادرة برمتها مرتبطة به؟ ومن يضمن ألا يعتمد الكيان ومعه الادارة الأمريكية الواقعة بالكامل تحت هيمنة اللوبي الصهيوني إلى تمطيط الفترة الانتقالية إلى ما لانهاية بما يوفر للكيان الفسحة الزمنية التي يحتاجها لاستكمال تنفيذ مخططاته لتهجير سكان الضفة وتهويدها وتهجير ما سوف يتبقى من سكان غزة وضمها وتهويدها طالما أن القطاع قد أصبح رهينة بين أيدي اللص الأكبر واللص الأصغر وبين أيدي جملة من «الضباع» الطامعة في فتات إعادة التعمير؟
أمام هذا المشهد السيريالي المخيف تقف المقاومة الفلسطينية في هذه اللحظة الحرجة التي يضيق فيها هامش المناورة إلى أقصى حدود الضيق. فالقرار يعطي اسرائيل كل ما تطلب ويؤجل كل ما يطلبه الفلسطينيون إلى ما لانهاية.. والقرار يغلف مطالب وشروط الكيان بغلاف الشرعية الدولية وهو ما يؤمن لاسرائيل فرصة تحقيق أهدافها بأياد عربية ـ دولية ويبقى أمامها خيار العودة لاستخدام القوة مسنودة في هذه الحالة بقوة الشرعية الدولية لأن حماس وفصائل المقاومة سوف تظهر بمظهر الرافض لقرار مجلس الأمن والمتمرد على الشرعية الدولية. وكل هذا يضع المقاومة في وضع حرج بين مطرقة الشرعية الدولية وسندان عودة الحرب والعدوان بما سيعمق مأساة ومعاناة أكثر من مليوني بشر يعيشون الموت والحصار والخراب منذ أزيد من عامين.. هذا علاوة على الحصار المطبق المفروض على سكان القطاع بما فيه فصائل المقاومة وبيئتها وعلى الوضع العربي المنهار.. وهذا وذاك يزيدان في تضييق هوامش المناورة أمام فصائل المقاومة لجهتي الرفض أو القبول بقرار «ملغم» صمّم ليحقق أهداف اسرائيل وأمريكا أو لينفجر في وجه الشعب الفلسطيني.
عبد الحميد الرياحي
«لا يستقيم الظل والعود أعوج»، مثل عربي قديم ولكنه ينطبق بالكامل على القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي بخصوص غزة وترتيبات ما بعد الحرب الصهيونية على القطاع.. ففي ضوء الغطرسة والعربدة الصهيونية، وفي ضوء العجز والتخاذل العربيين وفي ضوء الانحياز الأمريكي المطلق وانفراد إدارة ترامب بملف التسوية في غزة هل يمكن أن ننتطر قرارا من مجلس الأمن يكون متوازنا ومنصفا للطرف الفلسطيني ومنتصرا لمنطق قوة الحق والشرعية في مواجهة حق القوة ومنطق الغطرسة والأمر الواقع؟
لماذا نطرح هذا السؤال ولماذا نفترض أن ظل قرار مجلس الأمن بشأن غزة أعوج بما أن مصدره أعوج؟ لا يختلف اثنان على أن هذا القرار يضاعف الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة ولكامل فلسطين بوصاية دولية تضمن للكيان الصهيوني «احتلالا مريحا» لجهة كونه يستجيب لكامل اشتراطاته الأمنية والعسكرية ويؤجل المستقبل السياسي للشعب الفلسطيني وحقه في دولته المستقلة إلى أجل غير مسمى. ذلك أن المطلب الأساسي للكيان ومنذ طوفان الأقصى يتمثل في استئصال حركة حماس ومعها باقي فصائل المقاومة وفي تجريدها من السلاح لتأمين ظروف «احتلال مريح» يطلق أيادي قادة اسرائيل في سعيهم المحموم لإقامة «اسرائيل الكبرى».. كما أن القط الأمريكي لا يصطاد لوجه الله.. بل ان غزة أو على الأقل الجزء الواقع خلف «الخط الأصفر الصهيوني» واقع بالكامل صلب مخطط ترامب لانشاء ريفييرا في غزة تحول القطاع إلى مشروع استثماري.. علاوة على انشاء قاعدة عسكرية في القطاع تؤمّن لأمريكا استكمال ترتيباتها الاستراتيجية للاقليم وللعالم وتضمن تكريس طريق «الهند ـ أوروبا» في مواجهة طريق الحرير الصيني.. وكل هذا يقتضي أيضا استئصال فكرة المقاومة وغياب أي أثر للسلاح وهو ما يجعل قرار مجلس الأمن وهو أمريكي المنشإ والصياغة قرارا مستجيبا بالكامل للمصالح الصهيونية والأمريكية.. لجهة كونه يعطي الكيان ـ بأياد عربية وإسلامية ودولية ـ ما عجز عن تحقيقه بغطرسة وجنون القوة ممثلا في اقتلاع سلطة حماس في غزة وتجريدها من سلاحها.. ولجهة كونه يعطي أمريكا سلطة الوصاية على القطاع ويؤمن لها موطئ قدم يقع بالكامل صلب أطماع أمريكا وصلب حساباتها الاستراتيجية.
وماذا عن الحقوق والمصالح الفلسطينية في المقابل؟ تلك مسألة مؤجلة ومتروكة إلى معطيات قد تتوفر مستقبلا وقد لا تتوفر.. فالبحث في مسألة انشاء دولة فلسطينية مستقلة متروك للمجهول ومتروك لعوامل تتحكم فيها اسرائيل بالكامل. فمن يضمن ألا ينقلب الكيان على كل ترتيبات قرار مجلس الأمن في أية لحظة طالما أن وقف اطلاق النار رهين حسابات ومصالح الكيان؟ ومن يضمن تماسك مجلس الوصاية إذا غاب ترامب ورحلت إدارته طالما أن المبادرة برمتها مرتبطة به؟ ومن يضمن ألا يعتمد الكيان ومعه الادارة الأمريكية الواقعة بالكامل تحت هيمنة اللوبي الصهيوني إلى تمطيط الفترة الانتقالية إلى ما لانهاية بما يوفر للكيان الفسحة الزمنية التي يحتاجها لاستكمال تنفيذ مخططاته لتهجير سكان الضفة وتهويدها وتهجير ما سوف يتبقى من سكان غزة وضمها وتهويدها طالما أن القطاع قد أصبح رهينة بين أيدي اللص الأكبر واللص الأصغر وبين أيدي جملة من «الضباع» الطامعة في فتات إعادة التعمير؟
أمام هذا المشهد السيريالي المخيف تقف المقاومة الفلسطينية في هذه اللحظة الحرجة التي يضيق فيها هامش المناورة إلى أقصى حدود الضيق. فالقرار يعطي اسرائيل كل ما تطلب ويؤجل كل ما يطلبه الفلسطينيون إلى ما لانهاية.. والقرار يغلف مطالب وشروط الكيان بغلاف الشرعية الدولية وهو ما يؤمن لاسرائيل فرصة تحقيق أهدافها بأياد عربية ـ دولية ويبقى أمامها خيار العودة لاستخدام القوة مسنودة في هذه الحالة بقوة الشرعية الدولية لأن حماس وفصائل المقاومة سوف تظهر بمظهر الرافض لقرار مجلس الأمن والمتمرد على الشرعية الدولية. وكل هذا يضع المقاومة في وضع حرج بين مطرقة الشرعية الدولية وسندان عودة الحرب والعدوان بما سيعمق مأساة ومعاناة أكثر من مليوني بشر يعيشون الموت والحصار والخراب منذ أزيد من عامين.. هذا علاوة على الحصار المطبق المفروض على سكان القطاع بما فيه فصائل المقاومة وبيئتها وعلى الوضع العربي المنهار.. وهذا وذاك يزيدان في تضييق هوامش المناورة أمام فصائل المقاومة لجهتي الرفض أو القبول بقرار «ملغم» صمّم ليحقق أهداف اسرائيل وأمريكا أو لينفجر في وجه الشعب الفلسطيني.
عبد الحميد الرياحي