مع الشروق: قادة الغرب... بلا مساحيق.. وبلا شرعية !

مع الشروق: قادة الغرب... بلا مساحيق.. وبلا شرعية !

تاريخ النشر : 06:48 - 2023/11/08

يصرّ قادة الغرب على تأكيد حقيقة أن الديمقراطية عندهم هي كذبة كبرى ومحطّة يلتفتون فيها إلى شعوبهم لأخذ تفويضها ثم الانصراف إلى خدمة مصالحهم الضيقة ومصالح اللوبيات ومراكز القوى التي دعمتهم بالمال وبالاعلام.
لماذا نقول هذا الكلام؟ وكيف نصل إلى هذا الاستنتاج والحال أن هؤلاء القادة يعتقدون في الديمقراطية كمنهج للحكم و«يبدعون» في اعطاء المواعظ والدروس لباقي خلق اللّه باسمها وباسم تمجيد أفضالها ومزاياها؟.. الجواب بسيط وهو بدا ظاهرا للعيان منذ انطلاق العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة.. ومنذ بداية حرب الإبادة الجماعية التي يفرضها على الشعب الفلسطيني وفي الضفة أيضا بلا حسيب ولا رقيب.


هذا العدوان الهمجي ورغم هول المجازر المرتكبة حظي ويحظى بغطاء سياسي كامل وبتأييد أعمى من قيادات الغرب التي تسير وراء الجلاد وتمعن في مدّه بأسباب إبادة الضحية.. مقابل هذا التأييد الأعمى واللامشروط تستدير الشعوب الغربية في الاتجاه المعاكس.. وتتخلص من غشاوة التأثير الصهيوني التي كانت تعمي الأبصار بالأكاذيب وبالإمعان في لعب دور الضحية.. ودور «النظام الديمقراطي» وسط غابة من الوحوش المتربصة والمتوثبة للانقضاض عليه. الشعوب الغربية باتت تنزل إلى الشوارع في مليونيات صاخبة ومشهودة تندّد بالمجازر الصيهونية المروعة وتدعو إلى وقف حرب الإبادة الصهيونية ضد الأطفال والنساء والكهول والشباب وضد حرب التدمير الممنهج التي تطال دور السكن وكل مظاهر الحياة في القطاع الصابر..


من واشنطن إلى نيويورك إلى كل الولايات الأمريكية.. ومنها إلى كندا وأستراليا.. ومنها إلى لندن وباريس إلى الكثير من المدن والعواصم الأوروبية يخرج الناس في مظاهرات حاشدة منادين بلجم الكيان الصهيوني وبوقف إبادته للأبرياء في قطاع غزة.. ويبدو أن قادة الغرب قد أصيبوا بالعمى السياسي وبالصمم حيث باتوا لا يرون ولا يسمعون.. أو هكذا نفهم من خلال صممهم وسكوتهم وتماديهم في دعم العدوان ومدّه بالمال وبالسلاح وبالغطاء السياسي اللازم لاستدامة حربه القذرة التي ترقى بامتياز إلى درجة الجرائم ضد الانسانية وحروب الإبادة التي يفترض أن يُساءل عنها قادة الكيان وأن يمثلوا أمام محكمة الجنايات الدولية..


الشعوب الغربية وهي تخرج بتلك الاعداد المهولة وتردّد كل تلك الشعارات المدوية كأنها خرجت في استفتاء تلقائي لتعبر عن رأيها في قضية حساسة تشغل بالها وتهز ضمائرها.. وهو استفتاء في صلب العملية الديمقراطية وفي صميم التعبير الموضوعي والتلقائي والحر عن الرأي.. وهذه وتلك أسس الديمقراطية التي يتبجح قادة الغرب باتباعها نظاما للحكم ولتسيير شؤون شعوبهم.. فأين الديمقراطية في صممهم عن سماع أصوات شعوبهم المنادية بوقف العدوان الصهيوني وبالتوقف فورا عن دعمه ومدّه بأسباب التمادي في غيّه وعدوانه؟ وأين الديمقراطية حين يغمضون عيونهم ويصمّون آذانهم فلا يرون ولا يسمعون شعوبهم وهي تملأ الشوارع والساحات في موجات بشرية هادرة ومزمجرة  تنديدا بالمجازر الصهيونية وضغطا لوقف آلة العدوان؟ ثم أية شرعية تبقى لهم وشعوبهم تسحب البساط من تحت أقدامهم وتجرّدهم من أية شرعية شعبية حين تتّجه هي ضدّ العدوان الصهيوني فيما يمضي القادة معصوبي العيون والضمائر في اتجاه دعم الكيان الصهيوني وتشجيعه على التمادي في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.


إن هذه المفارقة العجيبة التي بات يعيشها قادة الغرب كشفت كل نفاقهم وانتهازيتهم.. وعرّت انحيازهم المطلق وخضوعهم الكامل للصيهونية العالمية التي تقودهم كالقطعان فلا يرون ولا يسمعون إلا ما يرى ويسمع الصهاينة.. أكثر من هذا فقد بدّدت هذه المفارقة زيف مساحيق الديمقراطية التي يختبئون وراءها لإعطاء الدروس والمواعظ وممارسة كل أنواع الضغوط على شعوب العالم الثالث؟ فأية شرعية تبقى لهؤلاء القادة وهم يديرون ظهورهم لشعوبهم ولا يحترمون آراءها ومواقفها؟ وأية قيم يمكن أن يدافعوا عنها بعد الآن وأيديهم وضمائرهم ملطخة بدماء أطفال غزة ونساء غزّة.. وكل أهالي غزّة؟


عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك