مع الشروق : فتنة السويداء ومخطّط تفكيك سوريا

مع الشروق : فتنة السويداء ومخطّط تفكيك سوريا

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/19

يبدو أن الكيان الصهيوني بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو يواصل بثبات استكمال أركان مشروعه المعروف بـ"الشرق الأوسط الجديد"، مستندا إلى آلة عسكرية اجرامية لا ترحم ولا تتوقف، ودعم أمريكي وغربي غير مشروط ..
وما نشهده اليوم في الجنوب السوري وفي محافظة السويداء، من أحداث مشبوهة وصفقات مريبة، ليس إلا حلقة من حلقات المخطط الأكبر لإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة بما يخدم مصالح الاحتلال ويُضعف بنية الدولة السورية من الداخل.
ومنذ نشأته غير الشرعية، لم يكن المشروع الصهيوني مبنيا على الحجة أو القوة الشرعية، بل اعتمد على استراتيجيات التفكيك من الداخل، مستخدما الطائفية والانقسامات العرقية والفتن كأدوات لتفتيت المجتمعات. فالكيان لا يعيش إلا على الفتن، ولا يستقر إلا على أنقاض الوحدة، وقد بنى سياسته على استثمار كل خلاف عربي، وتضخيم كل صراع بين الاشقاء، حتى يغدو الحلم العربي بوحدة الصف والتكامل مجرد أمنية بعيدة المنال.
وقد رأينا بصمات هذا المشروع الصهيوني في كل مكان ، ففي العراق دعم الحركات الانفصالية، وفي لبنان أشعل الحرب الأهلية عبر تسليح الطوائف، وفي فلسطين يعمل على تغذية الانقسام بين الفصائل خاصة بين حماس وفتح، وفي سوريا دعمت "إسرائيل" المجموعات المتطرفة، وقدّمت لها حتى العلاج في مستشفياتها، وسعت جاهدة إلى ضرب بنية الدولة الوطنية عبر وكلاء وأدوات في الداخل .
واليوم، تُعاد نفس تلك اللعبة في السويداء، تحت شعارات خادعة وأجندات خفية ومزاعم بحماية الدروز. وإلا، فما الذي يفعله الصهاينة في السويداء، تلك المدينة السورية العربية الإسلامية؟ وما علاقتهم بأهلها الصامدين؟
ولعل أكثر ما يثير الريبة في ملف السويداء هو موقف الجولاني، الحاكم المؤقت لسوريا، حيث تشير المعطيات إلى تواطؤ مفضوح، أو على الأقل صمت مريب، حيال الانتهاكات الصهيونية في الجنوب.
فرغم الخطاب الذي ألقاه الجولاني قبل يومين للتنديد بالقصف الإسرائيلي، إلا أن إعلان حكومته عن الانسحاب العسكري من السويداء بدا وكأنه استجابة ضمنية للمطالب الإسرائيلية، وتمهيد مكشوف لتنفيذ خطة تقسيم الجنوب، وتحويله إلى منطقة نفوذ صهيوني مباشر. ويرى البعض أن السويداء اليوم تُسلَّم كما سُلِّمت مدن الجنوب بعد سقوط بشار الأسد، دون مقاومة تُذكر، بل ضمن ترتيبات تُدار خلف الكواليس...
فالوقائع الميدانية في سوريا تكشف حجم الخطر، خاصة وأن الكيان بات يسيطر فعليا على معظم الجنوب السوري، ويعمل على تثبيت ست نقاط عازلة، بينما ترفع أعلامه فوق بعض المدن السورية.
وليكن معلوما ان الكيان الصهيوني لن يتوقف بتاتا حتى يُفكك سوريا إلى أربعة أجزاء أو أربع دويلات متناحرة تكون الأولى للدروز في الجنوب، والثانية للأكراد في الشمال، والثالثة للعلويين في الغرب، والرابعة للسنة في الداخل. وهذه التقسيمات منشورة منذ فترة في الإعلام العبري، وما أحداث السويداء إلا حلقة من حلقات هذا المشروع...وبناءً على هذه التطورات، فإن المرحلة تتطلب صحوة سورية عاجلة، وتوحيدا للصفوف بعيدا عن الطائفية والولاءات الضيقة.
كما أن الموقف العربي مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بوقفة حاسمة وجريئة قبل أن تُحسم المعركة لصالح العدو، وتُبتلع دولة عربية أخرى ضمن مشروع الهيمنة والتطبيع والإخضاع. فهل تستفيق الأمة قبل فوات الأوان؟

ناجح بن جدو 

تعليقات الفيسبوك