مع الشروق.. عندما يغيّر الكيان قواعد الاشتباك مع إيران
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/01/31
في مشهد يستدعي العدوان الصهيوني على المفاعل النووي العراقي (أوزيراك عام 1981) نفّذ الكيان الصهيوني عدوانا مماثلا استهدف مجمعا صناعيا في العمق الايراني وهو ما يهدّد بإدخال منطقة الشرق الأوسط برمتها في دوامة من الفعل وردّ الفعل خاصة أن طهران كانت قد هدّدت مرارا وتكرارا بأنها سوف «تقطع الأيادي التي تمتد لضرب أهداف عسكرية إيرانية»...
الكيان الصهيوني وهو يقلب قواعد اللعبة ويعرّض أمن المنطقة الهشّ بطبعه لخطر كبير برّر عدوانه باستهداف مصنع إيراني للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (صواريخ فرط صوتية) بمساعدة روسية... مضيفا بأن هذه الصواريخ فيما لو امتلكتها إيران ستمكنها من إطلاق صواريخ حاملة لرؤوس نووية وهو ما من شأنه أن يمنح إيران مكانة وقوة عالمية ويسمح لها بفرض إرادتها على بعد آلاف الكيلومترات من حدودها وهذه التبريرات تطرح الكثير من الأسئلة الحارقة.
وهي أسئلة تحوم حول طبيعة الدور الذي يمنحه لنفسه كيان غاصب محتل للأرض الفلسطينية ويهدّد أمن المنطقة بأسرها... فهل تحوّل هذا الكيان على مرأى ومسمع من الشرعية الدولية إلى شرطي دولي وظيفته ضرب كل جهة يعتبرها الكيان الصهيوني «خطرا على أمنه» أو «تهديدا لكيانه»؟ سؤال يلد سؤالا آخر مؤداه: هل تحوّل المجتمع الدولي إلى غابة كبرى لا قوانين ولا شرائع ولا نواميس تضبط العلاقات داخلها حتى يتحوّل الكيان إلى الجهة التي توجّه الاتهام وتصدر الأحكام وتحرك ترسانتها الحربية لتنفيذها؟ ووفقا للمنطق الصهيوني ألا يحق لإيران وهي القوة الاقليمية الكبرى أن تتحرك لردّ الصاع صاعين خاصة أن كبار مسؤوليها سبق وأن هدّدوا مرارا وتكرارا بقطع الأيادي التي تمتد للنيل من أمن إيران؟ هذا دون إغفال دور الاذرع الايرانية القريبة من الكيان مثل «حزب الله» اللبناني والذي يعدّ بحق «مخلب قط» إيراني في رقبة الكيان والذي بإمكانه أن يلحق أذى كبيرا بكل الأهداف التي قد ينتقيها انتقاما لحليفه الايراني؟
إن مجمل هذه الأسئلة وغيرها والتي طرحها هذا العدوان الصهيوني الغاشم على بعد آلاف الكيلومترات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تاريخ تنفيذ هذا العدوان الصهيوني على إيران سيكون تاريخا فاصلا في تاريخ المنطقة، وما بعد تاريخ تنفيذ هذا العدوان لن يكون بأي حال مشابها لما كان قبله. ذلك أن الكيان بخطوته المتهوّرة هذه يكون قد أدخل تغييرا جذريا على قواعد الاشتباك في علاقة بالملف الايراني... تغيير ينقل اللعبة من خانة التهديد والتلويح باستخدام القوة إلى خانة استخدامها ووضع التهديدات موضع تنفيذ... وهي خطوة تجعل إيران التي تمتلك الكثير من وسائل الردع وإلحاق الأذى بأي هدف تنتقيه داخل الكيان في حلّ من أي حرج إذا ما قرّرت الردّ بالمثل ووضع تهديداتها هي الأخرى موضع تنفيذ... وهي تهديدات قد لا تكون متناسبة مع الضربة الصهيونية لأسباب كثيرة تغري إيران بركوب الحدث وتوجيه ضربة موجعة للكيان في سياق سياسة الهروب إلى الأمام وصرف اهتمام الرأي العام الايراني عن المشاكل الداخلية التي تشق الشارع الايراني منذ فترة... وكذلك في سياق إبراز طهران وكأنها رافعة لواء التصدّي للأطماع التوسعية الصهيونية والدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني في وقت يتخلّى فيه العرب وهم أصحاب القضية الأصلاء عن «قضيتهم المركزية» ويتركون الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهة آلة القتل والقمع الصهيونية...
قد يبدو الكيان الصهيوني بمغامرته المتهوّرة هذه بمثابة من تحرّش بخلية نحل لأن إيران تمتلك كامل مقومات القوة العسكرية وتمتلك ثقلا بشريا يجعل منها أحد أهم القوى الاقليمية في الشرق الأوسط كما تمتلك فوق هذا عقيدة إسلامية صلبة يشحن النظام في إيران الشعب على أساسها ويقدّم نفسه كحائط الصد الأكبر دفاعا عن فلسطين والقدس وفي مواجهة الأطماع الصهيونية أبعد من فلسطين المحتلة.
ومن يتحرش بخلية النحل عليه أن يتوقع لسعاتها... يبقى السؤال فقط حول مدى قوة وخطورة اللسعة التي سترد بها طهران على العدوان الصهيوني وكذلك حول مدى قدرة الكيان على تحمّل آثار هذه اللسعة وما ستجرّه من لسعات بحكم تعمّد الكيان الصهيوني كسر الحاجز النفسي الذي كان يحكم قواعد الاشتباك بينه وبين إيران؟
بكل تأكيد ستدخل المنطقة في دوامة من التصعيد قد تنسف استقرار الشرق الأوسط برمته.. لأن الرد الايراني قادم لا محالة وصمت إيران عن هذه «الصفعة الصهيونية» سيكون بمثابة الضربة القاضية لمصداقية وحتى لشرعية نظام تَنْبني عقيدته على معاداة الكيان الصهيوني...
عبد الحميد الرياحي
في مشهد يستدعي العدوان الصهيوني على المفاعل النووي العراقي (أوزيراك عام 1981) نفّذ الكيان الصهيوني عدوانا مماثلا استهدف مجمعا صناعيا في العمق الايراني وهو ما يهدّد بإدخال منطقة الشرق الأوسط برمتها في دوامة من الفعل وردّ الفعل خاصة أن طهران كانت قد هدّدت مرارا وتكرارا بأنها سوف «تقطع الأيادي التي تمتد لضرب أهداف عسكرية إيرانية»...
الكيان الصهيوني وهو يقلب قواعد اللعبة ويعرّض أمن المنطقة الهشّ بطبعه لخطر كبير برّر عدوانه باستهداف مصنع إيراني للصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (صواريخ فرط صوتية) بمساعدة روسية... مضيفا بأن هذه الصواريخ فيما لو امتلكتها إيران ستمكنها من إطلاق صواريخ حاملة لرؤوس نووية وهو ما من شأنه أن يمنح إيران مكانة وقوة عالمية ويسمح لها بفرض إرادتها على بعد آلاف الكيلومترات من حدودها وهذه التبريرات تطرح الكثير من الأسئلة الحارقة.
وهي أسئلة تحوم حول طبيعة الدور الذي يمنحه لنفسه كيان غاصب محتل للأرض الفلسطينية ويهدّد أمن المنطقة بأسرها... فهل تحوّل هذا الكيان على مرأى ومسمع من الشرعية الدولية إلى شرطي دولي وظيفته ضرب كل جهة يعتبرها الكيان الصهيوني «خطرا على أمنه» أو «تهديدا لكيانه»؟ سؤال يلد سؤالا آخر مؤداه: هل تحوّل المجتمع الدولي إلى غابة كبرى لا قوانين ولا شرائع ولا نواميس تضبط العلاقات داخلها حتى يتحوّل الكيان إلى الجهة التي توجّه الاتهام وتصدر الأحكام وتحرك ترسانتها الحربية لتنفيذها؟ ووفقا للمنطق الصهيوني ألا يحق لإيران وهي القوة الاقليمية الكبرى أن تتحرك لردّ الصاع صاعين خاصة أن كبار مسؤوليها سبق وأن هدّدوا مرارا وتكرارا بقطع الأيادي التي تمتد للنيل من أمن إيران؟ هذا دون إغفال دور الاذرع الايرانية القريبة من الكيان مثل «حزب الله» اللبناني والذي يعدّ بحق «مخلب قط» إيراني في رقبة الكيان والذي بإمكانه أن يلحق أذى كبيرا بكل الأهداف التي قد ينتقيها انتقاما لحليفه الايراني؟
إن مجمل هذه الأسئلة وغيرها والتي طرحها هذا العدوان الصهيوني الغاشم على بعد آلاف الكيلومترات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تاريخ تنفيذ هذا العدوان الصهيوني على إيران سيكون تاريخا فاصلا في تاريخ المنطقة، وما بعد تاريخ تنفيذ هذا العدوان لن يكون بأي حال مشابها لما كان قبله. ذلك أن الكيان بخطوته المتهوّرة هذه يكون قد أدخل تغييرا جذريا على قواعد الاشتباك في علاقة بالملف الايراني... تغيير ينقل اللعبة من خانة التهديد والتلويح باستخدام القوة إلى خانة استخدامها ووضع التهديدات موضع تنفيذ... وهي خطوة تجعل إيران التي تمتلك الكثير من وسائل الردع وإلحاق الأذى بأي هدف تنتقيه داخل الكيان في حلّ من أي حرج إذا ما قرّرت الردّ بالمثل ووضع تهديداتها هي الأخرى موضع تنفيذ... وهي تهديدات قد لا تكون متناسبة مع الضربة الصهيونية لأسباب كثيرة تغري إيران بركوب الحدث وتوجيه ضربة موجعة للكيان في سياق سياسة الهروب إلى الأمام وصرف اهتمام الرأي العام الايراني عن المشاكل الداخلية التي تشق الشارع الايراني منذ فترة... وكذلك في سياق إبراز طهران وكأنها رافعة لواء التصدّي للأطماع التوسعية الصهيونية والدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني في وقت يتخلّى فيه العرب وهم أصحاب القضية الأصلاء عن «قضيتهم المركزية» ويتركون الشعب الفلسطيني وحيدا في مواجهة آلة القتل والقمع الصهيونية...
قد يبدو الكيان الصهيوني بمغامرته المتهوّرة هذه بمثابة من تحرّش بخلية نحل لأن إيران تمتلك كامل مقومات القوة العسكرية وتمتلك ثقلا بشريا يجعل منها أحد أهم القوى الاقليمية في الشرق الأوسط كما تمتلك فوق هذا عقيدة إسلامية صلبة يشحن النظام في إيران الشعب على أساسها ويقدّم نفسه كحائط الصد الأكبر دفاعا عن فلسطين والقدس وفي مواجهة الأطماع الصهيونية أبعد من فلسطين المحتلة.
ومن يتحرش بخلية النحل عليه أن يتوقع لسعاتها... يبقى السؤال فقط حول مدى قوة وخطورة اللسعة التي سترد بها طهران على العدوان الصهيوني وكذلك حول مدى قدرة الكيان على تحمّل آثار هذه اللسعة وما ستجرّه من لسعات بحكم تعمّد الكيان الصهيوني كسر الحاجز النفسي الذي كان يحكم قواعد الاشتباك بينه وبين إيران؟
بكل تأكيد ستدخل المنطقة في دوامة من التصعيد قد تنسف استقرار الشرق الأوسط برمته.. لأن الرد الايراني قادم لا محالة وصمت إيران عن هذه «الصفعة الصهيونية» سيكون بمثابة الضربة القاضية لمصداقية وحتى لشرعية نظام تَنْبني عقيدته على معاداة الكيان الصهيوني...
عبد الحميد الرياحي
