مع الشروق ..صندوق النقد الدولي ومراعاة الحالة التونسية...

مع الشروق ..صندوق النقد الدولي ومراعاة الحالة التونسية...

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/02/13

مع اقتراب موعد انطلاق مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد، تزداد المخاوف لدى التونسيين من التأثيرات المنتظرة على الوضع المعيشي في البلاد لما سيفرضه الصندوق من إملاءات وشروط مقابل تمكين الدولة من قرض جديد. فالمواطن التونسي يعاني اليوم من صعوبات معيشية عديدة بسبب غلاء الأسعار وافتقاد بعض المواد من السوق وارتفاع نسبة البطالة والفقر ولن يقدر بين عشية وضحاها على تحمل المزيد..
مخاوف عديدة برزت في الفترة الأخيرة خاصة بعد بداية ظهور بوادر الخيارات التي تنوي الدولة المُضيّ فيها لنيل رضا صندوق النقد الدولي، أبرزها الترفيع المتواصل في أسعار المحروقات والتقليص من نفقات دعم المواد الأساسية ومن نفقات الأجور ومن التدخلات الاجتماعية للدولة والترفيع في العبء الجبائي على المواطن والمؤسسة. وهي الخيارات التي ستكون الدولة مطالبة بمزيد المضي فيها بسرعة قصوى وفي وقت وجيز للحصول على القرض الجديد.
وبقدر ما تبدو بعض الإصلاحات المفروضة من الصندوق ضرورية ولا مناص منها اليوم من أجل إيقاف نزيف المالية العمومية والنهوض بالاقتصاد، إلا أن طريق هذا التمشي لن تكون سهلة لأنها ستكون محاطة بمخاطر اجتماعية عديدة قد يصعب معها الإصلاح ويمكن توقع ما قد يتسبب فيه ذلك من احتقان اجتماعي وغضب شعبي في الفترة القادمة. وهو ما على صندوق النقد الدولي تفهمه عند فرض شروطه واملاءاته..
وأكثر من ذلك فإن الوضع الاجتماعي والمعيشي ينعكس حتما على الشأن الاقتصادي، وبالتالي فإن مزيد التضييق على معيشة الناس وتحميلهم أعباء إضافية سيلقي بظلاله حتما على الدورة الاقتصادية. فالعامل أو الموظف «الجائع» المُحمّل بهموم توفير النفقات المرتفعة لعائلته وأبنائه لن يقدم المردود المنتظر منه في العمل، وهو ما سيؤدي إلى تراجع الإنتاجية في شتى القطاعات وبالتالي إلى تراجع المردود الاقتصادي والمالي في البلاد.
وطيلة الأعوام الماضية ظل صندوق النقد الدولي يقدم التمويل تلو التمويل للحكومات المتعاقبة فأغرق الدولة في الديون دون أن يقوم في المقابل بممارسة ضغوطات صارمة على تلك الحكومات لتشرع في الإصلاحات بصفة تدريجية ودون أن يراقب مآل تلك التمويلات والقروض التي وقع إنفاقها في مجالات أخرى غير الإصلاح. وبالتالي فإن توجهه اليوم نحو فرض تنفيذ هذه الإصلاحات بسرعة وفي وقت قياسي ودون تحضير مسبق أو إجراءات مرافقة يبدو في غير محلّه.
ويؤكد كل ذلك أنه على صندوق النقد الدولي اليوم أن يتفهم خصوصيات الوضع في تونس وخاصة تفهم ما خلفته سنوات الانتقال الديمقراطي - الذي فُرض على بلادنا – من لخبطة سياسية ومن فشل على مستوى السلطة ومن استنزاف للمالية العمومية ومن صعوبات اقتصادية تفاقمت في العامين الأخيرين جراء وباء كورونا. ففرض مزيد من الشروط والاملاءات التي تفاقم معيشة المواطن نحو الأسوأ وتزيد من صعوبات المؤسسات الاقتصادية وتُربك الدولة وتمس من الاستقرار الاجتماعي لا يمكن أن يساعد على الإصلاحات المرجوة..
فاضل الطياشي  
 

تعليقات الفيسبوك