مع الشروق : خطّة ترامب... فرصة أم فخ؟

مع الشروق : خطّة ترامب... فرصة أم فخ؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/07

في الذكرى الثانية لحرب الابادة على قطاع غزّة، قدّم الرئيس الامريكي دونالد ترامب خطة للسلام تعد فورا بإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية، وبإرسال "مساعدات كاملة على الفور" إلى غزة التي تعاني من المجاعة جراء الحصار، وبإطلاق سراح حوالي 1700 من سكان غزة الذين تحتجزهم إسرائيل.
وإلى جانب ذلك، تعد الخطة أيضا بإعادة إعمار وتطوير قطاع غزة لصالح شعبها، مع ضمان بأن الكيان الصهيوني لن يحتلّ أو يضم القطاع، وأن قوات الاحتلال الإسرائيلية ستنسحب تدريجيا.
كما يوجد وعد بعدم إجبار أي من سكان غزة على مغادرة القطاع، بعد أن كان ترامب أثار مخاوف في وقت سابق من هذا العام، باقتراحه أن تستولي الحكومة الأمريكية على قطاع غزة بعد تهجير سكانه، وتحوله إلى منتجع سياحي.
من المسلّم دائما أنّه وإضافة الى الدعم اللامحدود واللامتناهي واللا مشروط، لن تطرح أمريكا خطّة سلام ليست في مصلحة الكيان الصهيوني، وهذا ما شهدناه دائما خاصّة خلال حرب الابادة المستمرّة منذ عامين.
لكن طرح ترامب خطّته للسلام الآن، يعود لعدّة أسباب منها الشخصية، فمن جهة يريد ترامب منح الاحتلال انتصارا عبر المفاوضات بعد التأكّد من فشل الحل العسكري، اضافة الى انقاذ ما يمكن انقاذه من سمعة الاحتلال  وعزلته دوليا.
أيضا يريد ترامب وقف نزيف خسارة الاحتلال للرأي العام الدولي وخاصّة وسط الأجيال الصاعدة ، حيث بات الشباب الغربي مؤمنا بالقضية الفلسطينية على حساب الدعم التاريخي الشعبي للاحتلال مع الأجيال السابقة.
أما على الجانب الشخصي فإن ترامب المغرم النرجسي بشخصيته والذي يعدّد دائما كم أوقف من حرب منذ عودته الى البيت الأبيض، يريد تسجيل رقم جديد مع وقف حرب جديدة و هذا ربّما ما كان يرى أنّه ينقصه لاستحقاق جائزة نوبل للسلام.
حركة المقاومة الاسلامية "حماس" يبدو أنّها تفهم وتدير اللعبة جيّدا، وهي التي تعرف وخبرت "سياسة التدويخ" الأمريكية والصهيونية وتعرف جيّدا ان الشيطان يكمن في التفاصيل.
لذلك لم ترفض ولم تقبل الخطة الامريكية بل اكتفت ببنديها الرئيسيين وهما وقف الحرب والافراج عن الاسرى الصهاينة، تم ترحيل ما بقي من الخطة الى المفاوضات مع الاصرار على ان يكون باقي الخطة ضمن مناقشات الداخل الفلسطيني بما فيها التخلّي عن السلاح وعن حكم غزة، وهي مناورة ذكيّة جدا.
بين الكيان المحتل والولايات المتّحدة من جهة والمقاومة من جهة ثانية هناك حسابات لكل طرف، فبينما ترى واشنطن ان الخطّة فرصة للسلام، يرى الاحتلال انّها "انقلاب" أمريكي في الأولويات ويصرّ على الحسم العسكري متجاهلا الرأي العام الدولي والعزلة الدولية.
في المقابل ترى "حماس" ان الخطّة قد تكون فرصة ولكن لا يجب ان تتحوّل الى فخ في الأخير، لذلك يجب التفاوض على كل كلمة وكل فصل مع الاستناد على الاجماع الفلسطيني في شقّيه العسكري والسياسي.
هي إذن لعبة حذرة من جميع الأطراف، ستستخدم فيها جميع التكتيكات السياسية والدبلوماسية من أجل ان ينال كل طرف ما يطمح إليه، ولو أن الاحتلال بات محشورا في الزاوية من كل النواحي، وحتى المزاج الامريكي نفسه تغيّر.
بدرالدّين السّيّاري
 

تعليقات الفيسبوك