مع الشروق... تسيير وزارات «بالنيابة».. إلى متى؟

مع الشروق... تسيير وزارات «بالنيابة».. إلى متى؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/07/23

في مثل هذا الوضع الصحي الخطير والوضع الاقتصادي والمالي المتدهور، يتم اليوم في تونس تسيير ما لا يقل عن 18 وزارة، بعضها سيادية وأخرى معنيّة بالقطاعات الاقتصادية والمالية الكبرى، عن طريق وزير واحد لكل وزارتين. وهو التمشي الذي بدأ منذ جانفي الماضي عندما أجرى رئيس الحكومة تحويرا وزاريا ورفض رئيس الجمهورية القبول به ويُصرّ رئيس الحكومة إلى اليوم عليه رغم تحذير الخبراء والمتابعين من تداعياته السلبية..
ويشمل التسيير المزدوج وزارات اقتصادية حساسة على غرار الفلاحة التي يسيرها وزير تكنولوجيات الاتصال بالنيابة والصناعة والطاقة والمناجم التي يسيرها وزير التجارة بالنيابة والسياحة التي يسيرها وزير مكلف بتسيير وزارة الثقافة بالنيابة والشؤون المحلية والبيئة التي يسيرها وزير التجهيز بالنيابة وأملاك الدولة والشؤون العقارية التي يسيرها وزير الشؤون الدينية بالنيابة ووزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني التي تسيرها بالنيابة كاتبة الدولة للرياضة.
كما يشمل التسيير بالنيابة حقيبتين سياديتين هما وزارة العدل التي تسيرها بالنيابة وزيرة الوظيفة العمومية، ووزارة الداخلية التي يشرف عليها بالنيابة رئيس الحكومة.. وانضافت مؤخرا وزارة الصحة التي أصبح يسيرها بالنيابة وزير الشؤون الاجتماعية وهذا دون اعتبار وزارة المالية التي وقع ضمها منذ تشكيل الحكومة لوزارتي الاقتصاد ودعم الاستثمار تحت إشراف وزير واحد، ولم تنجو من هذا التمشي سوى 7 وزارات فقط..
 وقد تأكد طيلة الفترة الماضية أن خيار تسيير الوزارات بالنيابة كان خيارا فاشلا في ظل حالة الشلل والعجز الذي أصاب مختلف المجالات: فلا الدولة نجحت في الإنقاذ الاقتصادي والمالي في ظل تدهور كل المؤشرات والأرقام الاقتصادية والمالية إلى مستوى غير مسبوق وتراجع الترقيم السيادي لتونس، ولا هي نجحت في التعاطي الجيد مع أزمة كورونا على مستوى توفير اللقاحات وحسن التكفل بالمرضى العمومية وهو ما جعلها تُصنف دولة عالية المخاطر.
وطيلة الفترة الماضية اعتبر المختصون ان أبرز القطاعات الاقتصادية والاجتماعية ذهبت ضحية خيار "لتسيير بالنيابة" بدليل عدم تسجيل أي تطور أو تحسين فيها وتدهور مؤشراتها وأرقامها ومردودها المالي في انتظار ما سيؤول إليه الوضع في الفترة القادمة في مجالي الشؤون الاجتماعية والصحة بعد أن شملهما التسيير بالنيابة أيضا. فيما يدور الحديث أيضا عن تراجع في أداء وزارتي الداخلية والعدل للسبب نفسه..
ورغم أن رئيس الجمهورية قيس سعيد يتحمل مسؤولية هذه "اللخبطة" بعد أن رفض القبول بالتحوير الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة، إلا أن مسؤولية هذا الأخير تبدو أكبر. فمنذ أن أثار التحوير الوزاري الجدل كان بإمكان رئيس الحكومة التراجع عنه والإبقاء على الفريق الحكومي الأصلي إلى حين إيجاد توافق بينه وبين رئيس الجمهورية.. وكان بإمكانه أيضا البحث عن توافقات مع رئيس الجمهورية حول أسماء جديدة يقع عليها الاختيار، لكن ذلك لم يحصل.
وبشهادة أغلب المختصين، فإن تواصل الوضع على ما هو عليه سيؤدي بالبلاد في الفترة القادمة إلى مآل لا تُحمد عقباه خاصة في ظل تواصل تقلبات الوضع الوبائي وتواصل حالة الضعف الاقتصادي والمالي والاحتقان الاجتماعي. وهو ما يؤكد ضرورة تحلي مختلف الأطراف الفاعلة بأكثر مسؤولية في تسيير شؤون البلاد وعدم تركها رهينة صراعاتهم وخصوماتهم السياسية التي لا تنتهي والمرور فورا إلى إنهاء "مهزلة" تسيير وزارات بالنيابة حفاظا على ما بقي من الدولة ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه اقتصاديا وماليا وصحيا..
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك