مع الشروق.. المعارضة شيء... والتحريض على تونس شيء آخر

مع الشروق.. المعارضة شيء... والتحريض على تونس شيء آخر

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/10/16

بكل تأكيد يبقى حق الاعتراض على الحاكم وحق معارضة النظام القائم وحق نقد الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالبلاد حقا مشروعا ومكفولا بالدستور وبطبيعة النظام الديمقراطي الذي تبنيه تونس.
لكن هذا الحق لا يجب بأي حال من الأحوال أن يتحول إلى مطية لتصويب قذائف الحقد على تونس وإلى تعلة للتآمر عليها وعلى مصالحها العليا.. لأن الاختلاف في هذه الحالة يصبح معول هدم والحال أنه أصلا يد تبني وتضيف وتسعى لتصويب الأخطاء وتحصين الوطن من كل الهزّات أو المخاطر.
وما يأتيه بعض الساسة في الفترة الأخيرة يعدّ فعلا مشينا ومدانا في كل الشرائع لأنهم توغلوا بعيدا في التعبير عن معارضتهم للاجراءات التي يتخذها رئيس الدولة منذ الخامس والعشرين من جويلية وحتى الآن. فقد أعمى الحقد أبصارهم وبصائرهم ان كان لهم بصر وبصائر وخلطوا بين معارضة نظام قائم وسياسات تنفذ وبين التآمر على تونس والتحريض عليها. فماذا يعني أن يدعو من يزعم أنه تونسي والشعب يكابد في عز أزمة كورونا إلى منع التلاقيح والتجهيزات عن البلاد بتعلة تسجيل نقاط ضد النظام القائم وبمسعى خبيث لتأليب الشعب ضده؟ وماذا يعني أن يعمد رئيس سابق ـ ولو كان مؤقتا ورئيسا بالصدفة ـ إلى التجييش في الخارج ضد عقد القمة الفرنكوفونية ببلادنا؟ وماذا يعني أن «يحتفل» ويفاخر بعد تأجيلها بأنه كان وراء قرار التأجيل. ومع أن أسباب التأجيل بعيدة عن خياله المريض وقد أفاض في شرحها بيان وزارة الخارجية وهي أسباب يدركها كل متابع فطن فإن ما أتاه ـ رئيس الصدفة ـ يعدّ فضيحة ما بعدها فضيحة.. وهو الذي يزعم أنه سياسي ويفترض أن تحرّكه  نوازع وطنية لأن الأوطان تفدى بالدماء وبالأرواح، والأوطان يذود عنها الأحرار بالغالي والنفيس. ولأن الاعتراض على رئيس دولة أو على قرار اتخذه ليس مدعاة لضرب مصالح وطنية وحشد الرأي العام الدولي ضد المصالح العليا للبلاد. وهذه حقائق كان يفترض الا تغيب عن رجل تقلد المنصب الأعلى في البلاد وكان يفترض أن يقدم المثال والقدوة في التضحية في سبيل الوطن وفي تقديم الغالي والنفيس اعلاء للراية الوطنية.
ان مثل هذه الخزعبلات لا يمكن أن تنطلي على الشعب التونسي. وهي خزعبلات لم تزد عن كونها عرّت الوجه القبيح لـ«المؤقت» وعرّت عورات بعض المسؤولين السابقين ممّن يدّعون في العلم فلسفة والحال أن سياساتهم قد دمّرت البلاد والعباد.. ولعلّ «المؤقت» مازال يذكر الدمارات التي ألحقها بتونس وبالوطن العربي وبالشقيقة سوريا في عهده السعيد. أليس هو وحلفاؤه من خرّبوا الاقتصاد وشفطوا خزائن الدولة وأغرقوا الادارة بالتعيينات؟ أليس هو من احتضن ما سمي «مؤتمر أصدقاء سوريا» الذي فتح أبواب الجحيم على أشقائنا في سوريا؟ أليس عهده التعيس هو المسؤول عن تسفير الآلاف من شبابنا إلى سوريا وإلى بؤر التوتر ليتحولوا إلى قنابل موقوتة ما زالت تشكل تهديدا لسوريا وليبيا وتونس؟ ألم تنفذ الاغتيالات السياسية في «عهده السعيد» ألا يتحمل المسؤولية السياسية عن كل هذا «الدمار» حتى يغضب الآن من قرارات الرئيس سعيّد ويكشر عن أنيابه لمعارضتها خارج البلاد بالتآمر والتحريض؟ ألم تكن تونس التي صبرت على فظاعاته لسنوات كاملة قادرة على استيعاب اعتراضاته وانتقاداته واحترازاته على الوضع القائم؟ لو كان فعلها لكان مهّد للشعب التونسي الطريق لنسيان أو لتناسي فظاعاته في حق البلاد والعباد ولكان تحوّل إلى زعيم وطني؟ اما وقد اختار السير في الطريق الخطإ والخطيئة. فلا نملك إلا أن نقول ما بالطبع لا يتغيّر فقد تعوّد السير في نهج التآمر على تونس وعلى مصالح شعبها وكيف يرجى الخير ممّن يَعمر قلبه الشرّ ويعميه الحقد.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك