مع الشروق .. المطلوب... محاسبة الفاشلين والعاجزين

مع الشروق .. المطلوب... محاسبة الفاشلين والعاجزين

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/07/25

الآن وقد وقعت الكارثة الصحية وأصبحت بلادنا تسجل يوميا سقوط مئات القتلى وآلاف الاصابات بالكورونا ظهر إلى العلن صراع مكشوف بين رأسي السلطة التنفيذية. وقد بدأت الرئاستان تتقاذفان بتهمة الاجرام في حق صحة المواطن وحياته.. وذلك في مسعى واضح من كل طرف للتفصّي من مسؤولية  ما حدث والقائه بالكامل على الطرف الآخر.. وهذه في الواقع مناورة عبثية من الجانبين لا يمكن أن تنطلي على الشعب ولا يمكن أن تعفي كل مسؤول على رأس الدولة من تبعات المجازر التي تحدث والفواجع التي تضرب آلاف العائلات.
قد يتكئ البعض على فظاعات النظامين السياسي والانتخابي اللذين فرّقا دم السلطة ومواقع القرار بين القبائل والقيادات السياسية. قد يتحجّج هذا المسؤول أو ذاك بضيق هوامش المناورة أمامه ومحدودية صلاحياته وبهشاشة الوضع السياسي المترجرج الذي لا يمكّن أي طرف من الامساك بزمام الأمور بالكامل.. لكن هذا الواقع لا يجب أن يحجب مسؤولية كل طرف في تردي الأمور أو وصولها إلى هذا المستنقع. كما لا يجب أن يعفي أي طرف من مسؤوليته في الدفع بالأمور إلى التعفن بهذا الشكل. فالأزمة الصحية تشارف على إنهاء عامها الثاني. والمسؤول الفطن يفترض أن يستقرئ الأحداث واتجاهات الجائحة ويستشرف اشكالاتها وتبعاتها.. وهو ما كان يطرح على كل الأطراف بقطع النظر عن خلافاتهم وعن حروب المواقع التي ينخرطون فيها أن يعدّوا العدة لمواجهة الكارثة المقبلة.. وأن يتجهزوا ويجهّزوا المستشفيات والاطار الطبي وشبه الطبي بالأدوات والوسائل اللازمة لمقاومة الجائحة. والمسؤولية من جوانبها الأخلاقية والسياسية والوطنية كانت تقتضي أن يتجرّد كل مسؤول من أنانيته ومن تعلقه المرضي بكرسي السلطة فيعمل وينجز أو أن  يعمد بالتالي إلى مصارحة الشعب والتنحي قبل حدوث الطوفان لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية أمام الشعب وأمام التاريخ.
لكن مسؤولينا، كل مسؤولينا ولا نستثني منهم أحدا يعانون من مرض الكرسي الذي يزيّن للواحد فيهم كل أخطائه وفظاعاته وقصوره وتقصيره ويظهرها له في شكل عبقريات ودهاء سياسي بدونه يختل توازن الكون فيلتصق بالكرسي التصاقا مرضيا وينصرف إلى دنيا الدسائس والمناورات والمؤامرات لتأمين الموقع. أما مصالح الناس ومشاكل الناس من صحة وشغل وتعليم وعيش كريم وتحسين قدرة شرائية فتلك مسائل فيها نظر.. وتلك مسائل يمكن أن تنتظر.
وبالمحصلة نجد أنفسنا اليوم في هذ المربع الخطير الذي بات فيه اللعب بالأمن الصحي للشعب وبصحة المواطن وحياته وهي حقوق أساسية من الحقوق التي على كل مسؤول السعي إلى تأمينها وتوفير أسبابها والسهر على احترامها ان كان يؤمن بأن روح المسؤولية هي أمانة وهي تفان في خدمة المجموعة الوطنية وليست مغانم ومنافع ومواقع تستأثر بكل الاهتمام.
ان  ما يجري هذه الأيام هو قمة الاجرام في حق الشعب وفي حق طموحاته التي نزلوا بسقفها إلى حد الحق في الحياة. كما أنه قمة الاجرام في حق الدولة الوطنية التي حوّلوها بارتجالهم وبعجزهم إلى دولة فاشلة وعاجزة عن تأمين صحة مواطنيها وهي التي بناها الزعيم الحبيب بورقيبة أول ما بناها على أساس الصحة والتعليم العموميين.. وبما أن الجريمة لا يمكن أن تكون بلا محاسبة فإن من حق الشعب أن يحاسب وأن يلفظ الفاشلين والعاجزين لأن ما يجري من عبث وعجز بات يهدّد مستقبل البلاد والعباد في الصميم.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك