مع الشروق.. المطلوب... لنزع فتائل الأزمة وتهدئة التشنّج

مع الشروق.. المطلوب... لنزع فتائل الأزمة وتهدئة التشنّج

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/05/25

تعيش بلادنا ساعات حرجة بسبب المأزق الذي تردى فيه الحوار الوطني خاصة بعد رفض اتحاد الشغل الأولي المشاركة في حوار بالصيغة التي أعلنت. هذه الساعات الحرجة وما تحمله من مخاضات عسيرة تفتح على احتمالات عديدة وعلى سيناريوهات مختلفة وقد تكون محددة للاستقرار السياسي للبلاد وكذلك لاستقرارها الاجتماعي.
ذلك أن الدعوة إلى حوار محدد الشكل والمضامين مسبقا بما يجعل مخرجاته معروفة سلفا وتعبّر عن وجهة نظر أحادية عبّر عنها رئيس الدولة ويدافع عنها باستماتة باعتباره الممسك بالمقود منذ 25  جويلية الماضي، هذه الدعوة هي من قبيل وضع العربة قبل الحصان. وفيها إقصاء أو تحييد لطَيْف واسع من الأحزاب السياسية التي يفترض أن ترتكز عليها العملية السياسية كما هو الشأن في كل بلدان الدنيا... كما أنها تحيّد طيفا واسعا من الجمعيات المنخرطة في العمل الوطني ومن الشخصيات والنشطاء الذين بإمكانهم الإدلاء بدلوهم وعلى الأقل الاستئناس بآرائهم لأن كل هؤلاء شركاء في الوطن لا أحد ينكر عليهم حقهم في المشاركة في صياغة مستقبل تونس... خاصة والحديث يجري عن تونس جديدة وعن جمهورية ثالثة.. فهل يصح أن نبني جمهورية جديدة ونؤسس لوطن جديد يفترض أن يجمعنا بالاعتماد على شق من التونسيين وإن كان هذا الشق داعما لرئيس الدولة الذي يجمع كل الناس على وطنيته وعلى نظافة يده وعلى صدقه في الحرص على الخروج بتونس إلى برّ الأمان وتخليصها من كل الأدران التي ألحقتها بها عشرية سوداء دمّرت كل شيء وخربت كل المجالات وباتت تهدّد مستقبل البلاد والعباد.
إذا كان مفهوما  حرص رئيس الدولة على تحييد من خرّب ومن دمّر وعلى مطالبة من جرّب السلطة وفشل أن يتراجع خطوات إلى الوراء وإذا كان منطقيا مطالبة هؤلاء بالتواري وإفساح المجال لكفاءات ولطاقات جديدة لم تتلوّث ولم تعبث بمقدرات الشعب، فإن ذلك لا يصلح ليكون مسوّغا لوضع الجميع في نفس الكيس و«تجريم» كل الأحزاب وأخذها جميعا بجريرة الأحزاب التي حكمت فعربدت ففشلت وهي تتحمل أخلاقيا وسياسيا فاتورة الدمارات التي لحقت بالبلاد والمطبات التي أوقعنا فيها نظام سياسي معتل ومشلول وضعوه على المقاس ليؤبدوا به هيمنتهم على السلطة فإذا بالسحر ينقلب على الساحر وإذا به يتحول بمثابة الحبل الذي يشد وثاقهم ويقذف بهم خارج السلطة في 25 جويلية الماضي بعد أن بلغ العبث ذروته وبعد أن بلغ المأزق مداه.
ما العمل الآن؟ وكيف السبيل إلى حلحلة الأمور؟ وكيف نحلّ العقدة التي تقف عقبة كأداء أمام حوار تصحّ عليه صفة الحوار الوطني ويجمع أوسع طيف من الفعاليات السياسية والاجتماعية يتقدمها اتحاد الشغل والأحزاب الوطنية التي لم تنخرط في تدمير ونهب خيرات البلاد ولم تستقو بالخارج ولم تحرّض على استهداف البلاد ولا تتردد في اللجوء إلى سياسة الأرض المحروقة في سبيل العودة إلى السلطة؟ إن التمشي واضح للإجابة عن كل هذه التساؤلات الحائرة لأن خيوط وعناصر هذه الأجوبة تقع بين أيدي رئيس الدولة الذي يملك أن يُنفّس الأمور وأن يجمع حوله أوسع طيف ممكن لإنجاح هذا الحوار وتشريك أوسع طيف في صياغة مستقبل تونس على اعتبار أننا شركاء في الوطن. رئيس الدولة يملك أن يتراجع خطوة إلى الوراء من أجل تونس ومن أجل حوار وطني جدي وبناء.. وهو يملك من الحكمة والرصانة ما يكفي لقراءة اللحظة السياسية والاجتماعية قراءة دقيقة وصحيحة تكفيه لتعديل المنشور المنظم للحوار بشكل ينزع فتائل الأزمة والتشنّج ويضع قطار الحوار الوطني على السكة الصحيحة.
فهل ننتظر خطوة حاسمة تنزع كل الفتائل وتحوّل الساعات الحرجة التي تعيشها تونس إلى ساعات أمل وتفاؤل ووفاق وطني؟
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك