مع الشروق ..الكرامة قبل الخبز... دائما
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/10/04
من القيم التي تربينا وكبرنا عليها «أن الكرامة قبل الخبز».. ومن الأشعار الخالدة التي حفظناها صغارا «لا تسقني كأس الحياة بذلة.. بل فاسقني بالعز كأس الحنظل» (عنترة).. والقيم والمبادئ هي أولا وأخيرا تلك المنارات التي يهتدي بها الانسان في حياته.. وهي البوصلة التي تقوده والتي تهديه الطريق القويم وتعصمه من الزيغ والانحراف وكذلك من التنازل أمام ضغوط الحياة مهما عتت واشتدت.
وتونس هي الآن بصدد إعادة تأكيد هذه الثوابت من خلال تمسكها بالقيم والمبادئ التي كرّسها المجتمع.. وحياة الدول وسط المجتمع الدولي هي أشبه ما تكون بحياة الانسان وسط المجتمع.. الحياة هنا وهناك تخضع لموازين القوى وتخضع لمعادلات الضعف والقوة.. والمفاضلة تكون بين دولة وأخرى كما بين فرد وآخر بمدى التمكن من مقومات القوة وبمدى التشبث بمنظومة القيم والمبادئ. وإلا أصبح كل شيء قابلا للبيع وللمبادلة في سوق المصالح وفي مزادات الربح والخسارة.
وحين نقول إن بلادنا هي الآن بصدد إعادة تأكيد هذه الثوابت فلأنّها بصدد بلورة وتأكيد نهج جديد في العلاقات الدولية يقوم على الانتصار للسيادة الوطنية ولاستقلال القرار الوطني واتخاذهما بوصلة تسير على هديها الدولة وتعصمها من التفريط في أي ذرّة من السيادة الوطنية مهما كانت المغريات ومهما كان المقابل ومهما كانت الظروف الآنية صعبة ومعقّدة.
لقد مضى زمن على العرب وعلى الأفارقة وعلى دول العالم الثالث لم نعد نسمع فيه نغمة العزف على وتر الانتصار للسيادة الوطنية ولاستقلالية القرار الوطني.. غياب شجّع الدول الغربية الجشعة لتحصيل المزيد من المكاسب والمصالح على حسابنا وعلى التمادي في الاستهانة بسيادتنا واستباحة قرارنا الوطني.. لتحوّلنا إلى مجرّد محميات تحكم عن بعد بأزرار يمسك بها القابعون في العواصم الغربية ويوجهون بها أمورنا كيفما اشتهت رياحهم وكيفما اقتضت مصالحهم.
الآن، انتهى ذلك الزمان وولّى.. وتونس ما فتئت تعلنها على الملأ. لا تفريط في ذرة من سيادتنا الوطنية. ولا تنازل عن ذرة من استقلالية قرارنا الوطني. صرخة يتردد صداها في القارة الافريقية التي ينشط فيها جيل من القادة المشبعين بالقيم الوطنية والمنتصرين لكرامة شعوبهم.. وهذا تحديدا محتوى الرسالة الأخيرة التي وجهها أول أمس رئيس الدولة في اتجاه الاتحاد الأوروبي. رسالة مفادها أن الربط بين مساهمة الاتحاد في تمويل ميزانيتنا وبين مقاومة الهجرة غير الشرعية مرفوض جملة وتفصيلا.. وبالتالي فإن كل أنواع وطرق الاملاءات مهما كانت ملتوية ومهما حاول الطرف الآخر تغليفها تبقى مرفوضة.. شأنها شأن كل المنن التي تحاول بعض الدوائر الاغداق علينا بغية استدراج بلادنا إلى مربع الخضوع للاملاءات والتنازل عن السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني.
ذلك أن تونس التي تعرف كيف تنهض بواجباتها وتعرف كيف تحترم التزاماتها ومسؤولياتها، تعرف أيضا أنها لا تتلقّى دروسا من أحد.. تماما كما تعرف كيف ترد على كل نزعات الهيمنة والتوسع التي تلجأ إليها بعض الدول والدوائر.. وهي تبقى منفتحة على كل علاقات التعاون المتوازن والمتكافئ والذي يستند إلى قواعد ومبادئ احترام سيادة الدول واحترام خصوصيات قرارها الوطني. مرحبا بالتعاون على هذه الأسس، أما ما زاد عن ذلك فهو مرفوض مرفوض إعلاء لقيمة الكرامة.. قبل الخبز.. دائما..
عبد الحميد الرياحي
من القيم التي تربينا وكبرنا عليها «أن الكرامة قبل الخبز».. ومن الأشعار الخالدة التي حفظناها صغارا «لا تسقني كأس الحياة بذلة.. بل فاسقني بالعز كأس الحنظل» (عنترة).. والقيم والمبادئ هي أولا وأخيرا تلك المنارات التي يهتدي بها الانسان في حياته.. وهي البوصلة التي تقوده والتي تهديه الطريق القويم وتعصمه من الزيغ والانحراف وكذلك من التنازل أمام ضغوط الحياة مهما عتت واشتدت.
وتونس هي الآن بصدد إعادة تأكيد هذه الثوابت من خلال تمسكها بالقيم والمبادئ التي كرّسها المجتمع.. وحياة الدول وسط المجتمع الدولي هي أشبه ما تكون بحياة الانسان وسط المجتمع.. الحياة هنا وهناك تخضع لموازين القوى وتخضع لمعادلات الضعف والقوة.. والمفاضلة تكون بين دولة وأخرى كما بين فرد وآخر بمدى التمكن من مقومات القوة وبمدى التشبث بمنظومة القيم والمبادئ. وإلا أصبح كل شيء قابلا للبيع وللمبادلة في سوق المصالح وفي مزادات الربح والخسارة.
وحين نقول إن بلادنا هي الآن بصدد إعادة تأكيد هذه الثوابت فلأنّها بصدد بلورة وتأكيد نهج جديد في العلاقات الدولية يقوم على الانتصار للسيادة الوطنية ولاستقلال القرار الوطني واتخاذهما بوصلة تسير على هديها الدولة وتعصمها من التفريط في أي ذرّة من السيادة الوطنية مهما كانت المغريات ومهما كان المقابل ومهما كانت الظروف الآنية صعبة ومعقّدة.
لقد مضى زمن على العرب وعلى الأفارقة وعلى دول العالم الثالث لم نعد نسمع فيه نغمة العزف على وتر الانتصار للسيادة الوطنية ولاستقلالية القرار الوطني.. غياب شجّع الدول الغربية الجشعة لتحصيل المزيد من المكاسب والمصالح على حسابنا وعلى التمادي في الاستهانة بسيادتنا واستباحة قرارنا الوطني.. لتحوّلنا إلى مجرّد محميات تحكم عن بعد بأزرار يمسك بها القابعون في العواصم الغربية ويوجهون بها أمورنا كيفما اشتهت رياحهم وكيفما اقتضت مصالحهم.
الآن، انتهى ذلك الزمان وولّى.. وتونس ما فتئت تعلنها على الملأ. لا تفريط في ذرة من سيادتنا الوطنية. ولا تنازل عن ذرة من استقلالية قرارنا الوطني. صرخة يتردد صداها في القارة الافريقية التي ينشط فيها جيل من القادة المشبعين بالقيم الوطنية والمنتصرين لكرامة شعوبهم.. وهذا تحديدا محتوى الرسالة الأخيرة التي وجهها أول أمس رئيس الدولة في اتجاه الاتحاد الأوروبي. رسالة مفادها أن الربط بين مساهمة الاتحاد في تمويل ميزانيتنا وبين مقاومة الهجرة غير الشرعية مرفوض جملة وتفصيلا.. وبالتالي فإن كل أنواع وطرق الاملاءات مهما كانت ملتوية ومهما حاول الطرف الآخر تغليفها تبقى مرفوضة.. شأنها شأن كل المنن التي تحاول بعض الدوائر الاغداق علينا بغية استدراج بلادنا إلى مربع الخضوع للاملاءات والتنازل عن السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني.
ذلك أن تونس التي تعرف كيف تنهض بواجباتها وتعرف كيف تحترم التزاماتها ومسؤولياتها، تعرف أيضا أنها لا تتلقّى دروسا من أحد.. تماما كما تعرف كيف ترد على كل نزعات الهيمنة والتوسع التي تلجأ إليها بعض الدول والدوائر.. وهي تبقى منفتحة على كل علاقات التعاون المتوازن والمتكافئ والذي يستند إلى قواعد ومبادئ احترام سيادة الدول واحترام خصوصيات قرارها الوطني. مرحبا بالتعاون على هذه الأسس، أما ما زاد عن ذلك فهو مرفوض مرفوض إعلاء لقيمة الكرامة.. قبل الخبز.. دائما..
عبد الحميد الرياحي