مع الشروق ..الحلول المطابقة لحاجيات واقعنا  !

مع الشروق ..الحلول المطابقة لحاجيات واقعنا  !

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/06/04

لا تبنى المجتمعات إلاّ على قاعدة التشاور والحوار والعلاقات الديمقراطية الحقيقية بين الدولة والمجتمع. فالرأي الواحد لا يبني وطنا حتى وإن كان يمتلك كل صفات العبقرية، وديمقراطية الفوضى لا تستطيع أن تبني وطنا إلا على شاكلة ما عشناه منذ سنة 2011. وعليه فإنّ المنطقة الوسط التي ظلت مغيّبة هي الانفتاح على العقل التونسي المكبّل بأطره العلمية من جهة و المهمّش من طرف طبقة سياسية استطاعت أن تصل إلى السلطة بكل الوسائل إلا بوسيلة العلم و التنمية الحقيقية. 
ومن هذا المنطلق فإن اجتماع رئيس الدولة بمجموعة من أساتذة الاقتصاد بالجامعة التونسية، لهو خير دليل على ضرورة الحوار مع العقل التونسي في شتّى الاختصاصات، وعلى أهمية الانفتاح على منتجات الفكر التونسي، حتى نتوصل إلى صيغة نموذجية لمثال تنموي تونسي، يستجيب لإمكانيات هذا البلد الطبيعية و البشريّة، و يحدد معالم الطريق التي ستؤدي إلى  صناعة المستقبل التونسي في ظل هذا العالم المتغيّر. و نحن على يقين أنّ الاجتماع بثلة من اساتذة الاقتصاد، هو مجرّد خطوة أولى، يجب أن تليها حوارات أخرى مع نخب تونس الفكريّة و تحديدا مع علمائها في التكنولوجيات الحديثة التي تمثل مصدر واردات مالية ضخمة، ومع مثقفيها و مفكّريها وفلاسفتها و مؤرّخيها و مع خبراء التنمية، و الاستراتيجيين و السوسيولوجيين ، فلديهم من الحلول ما يغني عن كلّ وسائل التسول و التوسّل لصندوق النقد الدولي، الذي شنّ عليه الخبير الاقتصادي الدولي ستيف هانكي في تغريدة له على موقع «تويتر»هجوما لا ذعا ، إذ قال «على عكس مزاعم صندوق النقد الدولي، فإنّ البرامج التي يقدمها هي الطريقة المثالية لإعاقة النمو والغرق تحت جبل من الديون». ونشر المحاضر البارز في جامعة جونز هوبكنز رسماً بيانياً يوضح الدول الست الأكثر استدانة من صندوق النقد الدولي، إذ جاءت الأرجنتين على رأس القائمة بإجمالي مديونيات يصل إلى 32.3 مليار دولار، تلتها مصر بإجمالي رصيد مديونية مستحق يصل إلى 13.3 مليار دولار، وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثالثة بدين قيمته 9 مليارات دولار، ثم الإكوادور، وباكستان، وكولومبيا بأرصدة مديونيات مستحقة تبلغ 6.1 و5.6 و3.8 مليار دولار. و لم تسدد أي دولة مذكورة أي ديون إلى صندوق النقد خلال ماي الماضي، فيما عدا مصر التي لم تتأخر عن مواعيد سدادها.
 هذه هي حقيقة الواقع الذي يرى فيها محلّلو صندوق النقد أنها الحل الوحيد حتى لا تنهار الدولة التونسية،و أعتقد أن هؤلاء أفرغوا ما في جعبتهم من رؤى و أفكار و عليهم أن يتركوا الساحة لصناع جدد للأفكار و للرؤى، قادرين على تقديم حلول ذاتية كتلك التي أنجزها شباب تونس إثر الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي، و بها قادوا مرحلة نهضة شاملة، مازلنا إلى اليوم نعيش على وقعها.
رئيس الجمهورية  عليه أن لا يكتفي بهذه الحوارات، بل عليه إن اقتضى الأمر تكوين لجان استشارية و وحدات تفكير و مخابر بحث، كما عليه تفعيل المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية، وبهذه الخطوات سنصل إلى استنباط حلول تونسية محضة.   
كمال بالهادي  
 

تعليقات الفيسبوك