مع الشروق :الحرب عائدة... مع تأجيل التنفيذ؟
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/22
يتقاطر المسؤولون الأمريكيون إلى الشرق الأوسط في مهمة يختزلونها في «تثبيت» اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين المقاومة والكيان الصهيوني بضمانة دولية في منتجع «شرم الشيخ» المصري.. المسؤولون الأمريكيون تسبقهم في زياراتهم الماراطونية إلى المنطقة وآخرتها زيارة نائب الرئيس الأمريكي تقارير تؤكد تبرّم رئيس حكومة الكيان من قيود الاتفاق التي تنهي عدوانه الهمجي على قطاع غزة.. وتؤكد توجهه لإعادة اطلاق آلته الحربية بذريعة أن حركة حماس (ومعها باقي فصائل المقاومة) قد أخلّت بالتزامها القاضي بإعادة الأسرى الأحياء (وهو ما تم) وجثث القتلى في موعد زمني محدد وهو ما تم جزئيا حتى الآن.
لنقل ان اسرائيل كانت على يقين منذ البداية بصعوبة العثور على جثث مطمورة تحت أطنان من الأنقاض وتسليمها في الآجال.. بل اننا نجزم بأن هذا الكيان الهمجي كان على يقين باستحالة انجاز المهمة في الآجال المحددة وهو ما سوف يتخذه ذريعة لاستكمال عدوانه المصمم أصلا لتحقيق أهداف أبعد من استرجاع الأسرى (الأحياء والأموات) وتفكيك حركة حماس.. وهي الأهداف المعلنة للعدوان والتي عجز عن تحقيقها نتنياهو رغم حجم الدمار والأضرار والابادة التي ألحقها بالقطاع وبأهل القطاع.. وهنا تحديدا يكمن الفخ الصهيوني ـ الأمريكي.. هذا الفخ الذي يقضي باستدراج ـ المقاومة ـ إلى مربع تسليم الأسرى وهي أهم ورقة لديها وإلى احراز هدنة لإراحة الجيش الصهيوني وتمكينه من إعادة تنظيم صفوفه بعد الخسائر الكبرى التي مني بها والانهاك الذي ضرب صفوفه ومن ثم معاودة اشعال الحرب.. وذلك لعلم قادة الكيان ـ وهو ما صرح به نتنياهو ـ بصعوبة واستحالة العثور على جثث الأسرى الأموات وهو سوف يتخذ ذريعة لاشعال الحرب من جديد.
ليس هذا فقط، بل ان الجانب الأمريكي والذي يلبس لبوس رجل الاطفاء مع أنه من زوّد الكيان بكل مستلزمات العدوان من تمويل وتسليح وغطاء سياسي كان منذ البداية يشاطر حلفاءه الصهاينة هذه القناعات.. وهو ما سوف يتخذ ذريعة لاشعال الحرب من جدد بفعل تقصير حماس في تسليم جثث الرهائن الموتى وهو ما يعدونه خرقا للاتفاق واخلالا بالتزاماتها.. وهذا جانب من المخاتلات الأمريكية التي لجأت إلى أسلوب الخداع والتظاهر بالتقدم نحو السلام في حين أنها تخطط لعودة الحرب وفق ما هدّد به ترامب ذاته الذي توعّد بالتدخل لتدمير حماس.. وهو ما يطرح سؤالا جوهريا: لماذا هذا الاصرار الصهيوني على الحرب ولماذا هذا التواطؤ الأمريكي لإعادة اشعالها؟
يدرك كل العالم أن حركة حماس وأي قوة في العالم إذا وضعتها في ظروف قطاع بذلك الحجم من الدمار وبلا آليات ثقيلة للتعاطي مع أطنان الانقاض وبلا أجهزة استكشاف سوف تعجز عن اخراج «ابرة من كومة التبن».. كما يعرف الجميع أن أشخاصا بآليات خفيفة وبأدوات بسيطة ومهما توفر لديهم من نوايا حسنة ومن صدق وتفان في إنجاز المهمة سوف يعجزون عن تحقيق انجازات تذكر لأن الأيادي العارية لا يمكن أن تنبش في أطنان الأنقاض لتستخرج جثثا طُمرت تحتها منذ شهور طويلة.. وعند هذه النقطة يطل الفخ الصهيوني ـ الأمريكي برأسه: ابرام اتفاق يسمح بتجريد حماس من أهم ورقة ضغط لديها وتنفيس الضغط المسلط على إدارة ترامب وعلى الكيان الصهيوني من قبل شعوب العالم التي انتفضت منددة بالعدوان ومنادية بالحرية لعزة ولفلسطين.. ومن ثم معاودة العدوان بذريعة أن حماس قد أخلت بالتزاماتها كما خطّط له مهندسو الاتفاق.
أما عن دوافع ترامب ونتنياهو من الحرب فهي أبعد من تسريح الأسرى ومن تدمير حركة حماس. ترامب خطط ولا يزال للسطو على قطاع غزة كاملا وشاغرا لإقامة «الريفييرا» التي يحلم بها والتي ستدر عليه وعلى صهره ـ جاريد كوتشار ـ مليارات الدولارات علاوة على توطيد أركان استراتيجيته للشرق الأوسط برمته.. وقد أوكل هذه المقاولة إلى نتنياهو الذي يتفانى في إنجازها لأنها تتماهى بالكامل مع خطته لإقامة «اسرائيل الكبرى» الممتدة حتى النيل (وإلى ما أبعد من النيل) إلى الفرات.. ولأنه على يقين بأن اللحظة التاريخية المجنونة التي مكنته من رقاب كل قيادات المنطقة قد لا تعود في حال سمح بمرورها دون تحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى.
لكل هذا، فإن اتفاق وقف اطلاق النار ما هو في نهاية المطاف إلا ـ وقف مع تأجيل عودة العدوان ـ وهو ما تدركه فصائل المقاومة جيدا.. وهو ما يغذّي رفضها المطلق تسليم سلاحها.. وما يشكل اللغم الآخر الذي سوف ينفجر مع بداية تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق لو كتب له أن يصمد في ظل اندفاع نتنياهو نحو خيار الحرب.. ذلك أن تسليم سلاح المقاومة سواء في غزة أو في لبنان سيكون من قبيل الانتحار أو بالأحرى من قبيل التسليم بالنحر على يد عدو متعطش لمزيد من الدماء العربية.. ولا نعتقد بوجود شخص واحد في المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية يقبل بالانتحار أو النحر بعد كل التضحيات التي قدمت وبعد كل الدماء التي سالت.. وإزاء كل المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة وشعوبها والتي لن يقف في وجهها إلا سلاح المقاومة.
عبد الحميد الرياحي
يتقاطر المسؤولون الأمريكيون إلى الشرق الأوسط في مهمة يختزلونها في «تثبيت» اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين المقاومة والكيان الصهيوني بضمانة دولية في منتجع «شرم الشيخ» المصري.. المسؤولون الأمريكيون تسبقهم في زياراتهم الماراطونية إلى المنطقة وآخرتها زيارة نائب الرئيس الأمريكي تقارير تؤكد تبرّم رئيس حكومة الكيان من قيود الاتفاق التي تنهي عدوانه الهمجي على قطاع غزة.. وتؤكد توجهه لإعادة اطلاق آلته الحربية بذريعة أن حركة حماس (ومعها باقي فصائل المقاومة) قد أخلّت بالتزامها القاضي بإعادة الأسرى الأحياء (وهو ما تم) وجثث القتلى في موعد زمني محدد وهو ما تم جزئيا حتى الآن.
لنقل ان اسرائيل كانت على يقين منذ البداية بصعوبة العثور على جثث مطمورة تحت أطنان من الأنقاض وتسليمها في الآجال.. بل اننا نجزم بأن هذا الكيان الهمجي كان على يقين باستحالة انجاز المهمة في الآجال المحددة وهو ما سوف يتخذه ذريعة لاستكمال عدوانه المصمم أصلا لتحقيق أهداف أبعد من استرجاع الأسرى (الأحياء والأموات) وتفكيك حركة حماس.. وهي الأهداف المعلنة للعدوان والتي عجز عن تحقيقها نتنياهو رغم حجم الدمار والأضرار والابادة التي ألحقها بالقطاع وبأهل القطاع.. وهنا تحديدا يكمن الفخ الصهيوني ـ الأمريكي.. هذا الفخ الذي يقضي باستدراج ـ المقاومة ـ إلى مربع تسليم الأسرى وهي أهم ورقة لديها وإلى احراز هدنة لإراحة الجيش الصهيوني وتمكينه من إعادة تنظيم صفوفه بعد الخسائر الكبرى التي مني بها والانهاك الذي ضرب صفوفه ومن ثم معاودة اشعال الحرب.. وذلك لعلم قادة الكيان ـ وهو ما صرح به نتنياهو ـ بصعوبة واستحالة العثور على جثث الأسرى الأموات وهو سوف يتخذ ذريعة لاشعال الحرب من جديد.
ليس هذا فقط، بل ان الجانب الأمريكي والذي يلبس لبوس رجل الاطفاء مع أنه من زوّد الكيان بكل مستلزمات العدوان من تمويل وتسليح وغطاء سياسي كان منذ البداية يشاطر حلفاءه الصهاينة هذه القناعات.. وهو ما سوف يتخذ ذريعة لاشعال الحرب من جدد بفعل تقصير حماس في تسليم جثث الرهائن الموتى وهو ما يعدونه خرقا للاتفاق واخلالا بالتزاماتها.. وهذا جانب من المخاتلات الأمريكية التي لجأت إلى أسلوب الخداع والتظاهر بالتقدم نحو السلام في حين أنها تخطط لعودة الحرب وفق ما هدّد به ترامب ذاته الذي توعّد بالتدخل لتدمير حماس.. وهو ما يطرح سؤالا جوهريا: لماذا هذا الاصرار الصهيوني على الحرب ولماذا هذا التواطؤ الأمريكي لإعادة اشعالها؟
يدرك كل العالم أن حركة حماس وأي قوة في العالم إذا وضعتها في ظروف قطاع بذلك الحجم من الدمار وبلا آليات ثقيلة للتعاطي مع أطنان الانقاض وبلا أجهزة استكشاف سوف تعجز عن اخراج «ابرة من كومة التبن».. كما يعرف الجميع أن أشخاصا بآليات خفيفة وبأدوات بسيطة ومهما توفر لديهم من نوايا حسنة ومن صدق وتفان في إنجاز المهمة سوف يعجزون عن تحقيق انجازات تذكر لأن الأيادي العارية لا يمكن أن تنبش في أطنان الأنقاض لتستخرج جثثا طُمرت تحتها منذ شهور طويلة.. وعند هذه النقطة يطل الفخ الصهيوني ـ الأمريكي برأسه: ابرام اتفاق يسمح بتجريد حماس من أهم ورقة ضغط لديها وتنفيس الضغط المسلط على إدارة ترامب وعلى الكيان الصهيوني من قبل شعوب العالم التي انتفضت منددة بالعدوان ومنادية بالحرية لعزة ولفلسطين.. ومن ثم معاودة العدوان بذريعة أن حماس قد أخلت بالتزاماتها كما خطّط له مهندسو الاتفاق.
أما عن دوافع ترامب ونتنياهو من الحرب فهي أبعد من تسريح الأسرى ومن تدمير حركة حماس. ترامب خطط ولا يزال للسطو على قطاع غزة كاملا وشاغرا لإقامة «الريفييرا» التي يحلم بها والتي ستدر عليه وعلى صهره ـ جاريد كوتشار ـ مليارات الدولارات علاوة على توطيد أركان استراتيجيته للشرق الأوسط برمته.. وقد أوكل هذه المقاولة إلى نتنياهو الذي يتفانى في إنجازها لأنها تتماهى بالكامل مع خطته لإقامة «اسرائيل الكبرى» الممتدة حتى النيل (وإلى ما أبعد من النيل) إلى الفرات.. ولأنه على يقين بأن اللحظة التاريخية المجنونة التي مكنته من رقاب كل قيادات المنطقة قد لا تعود في حال سمح بمرورها دون تحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى.
لكل هذا، فإن اتفاق وقف اطلاق النار ما هو في نهاية المطاف إلا ـ وقف مع تأجيل عودة العدوان ـ وهو ما تدركه فصائل المقاومة جيدا.. وهو ما يغذّي رفضها المطلق تسليم سلاحها.. وما يشكل اللغم الآخر الذي سوف ينفجر مع بداية تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق لو كتب له أن يصمد في ظل اندفاع نتنياهو نحو خيار الحرب.. ذلك أن تسليم سلاح المقاومة سواء في غزة أو في لبنان سيكون من قبيل الانتحار أو بالأحرى من قبيل التسليم بالنحر على يد عدو متعطش لمزيد من الدماء العربية.. ولا نعتقد بوجود شخص واحد في المقاومة الفلسطينية أو اللبنانية يقبل بالانتحار أو النحر بعد كل التضحيات التي قدمت وبعد كل الدماء التي سالت.. وإزاء كل المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة وشعوبها والتي لن يقف في وجهها إلا سلاح المقاومة.
عبد الحميد الرياحي
