مع الشروق : الإغلاق الحكومي والإفلاس

مع الشروق : الإغلاق الحكومي والإفلاس

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/09

تعيش الولايات المتحدة على أطول فترة إغلاق حكومي، إذ تجاوزت عتبة الأربعين يوما، دون أن تتوصل إدارة ترامب لحلول تمكنها  من معالجة الوضع الإداري الذي يشلّ قطاعات كثيرة ويدخل البلاد في فوضى بدأت نتائجها تظهر سريعا على موقع الحزب الجمهوري  الذي أعلن خسارته لانتخابات محلية وأعادها ترامب للإغلاق الحكومي.   
المسألة قد تتخذ أبعادا أخرى إذ أن استمرار هذا الإغلاق من شأنه فقدان تمويل العديد من البرامج الاجتماعية إذ تتولى الحكومة تقديم مساعدات لمواطنيها، وتفيد أرقام رسمية أن شخصا من كل ثمانية أمريكيين تقريبا  يتلقى إعانات غذائية من الحكومة الأمريكية، في إطار برنامج معرض لخطر فقدان تمويله نهاية الأسبوع بسبب الإغلاق الحكومي المستمر منذ أكثر من شهر. منذ إغلاق مؤسسات الحكومة الفدرالية في الأول من أكتوبر بسبب خلافات مستمرة حول الميزانية بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس، أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب أنها لن تتمكن من تمويل برنامج “سناب” اعتبارا من السبت، وهو أول توقف للبرنامج منذ إنشائه قبل ستة عقود.   وبرغم وجود قرار من المحكمة العليا تلزم إدارة ترامب بتوفير التمويلات لهذا البرنامج بحلول أمس السبت، إلا أن المحكمة قررت تعليق هذا القرار، ما يعني أن نحو 42 مليون مواطن أمريكي  سيجدون أنفسهم في حالة عوز وجوع تام إذ ستوقف البرنامج عن مدهم بالغذاء لغياب التمويل الحكومي. 
وبرغم مناشدات دونالد ترامب لما سماه تلاعبا بين الديمقراطيين و الجمهوريين في مجلس الشيوخ إلاّ أن المجلس رفض تمرير  قرار ينهي أطول فترة فراغ حكومي. و لا يبدو الأمر أنه يجد طريقه للحل، على الأقل في الايام القادمة.   وتشير التطورات السياسية إلى أن الأمر يتجه لمزيد من التصعيد في ما يخص سوق العمل، إذ إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تبدأ في تسريح جماعي للموظفين الاتحاديين إذا رأى الرئيس أن المفاوضات مع الديمقراطيين في الكونغرس "لن تحقق أي تقدم على الإطلاق". وحاليا يواجه نحو مليوني موظف الحكومي مستقبلا مجهولا لأنهم إما يعملون مجانا أو أنهم سيواجهون التسريح مما يفاقم ازمة البطالة في المجتمع الأمريكي ، وهي حقائق لا يستطيع دونالد ترامب أن يتجاوزها بل إنها ستؤثر على مركزه ومكانته و تنهي محاولاته لتقديم نفسه الرئيس الذي أعاد لأمريكا قوتها. 
المشهد في الولايات المتحدة يتغير جذريا، لفائدة أطراف قد تقلب الموازين السياسية في أي لحظة فالمجتمع الامريكي الذي تضرر كثيرا من سياسة العقوبات الجمركية التي فرضها ترامب على دول العالم، ومن سياسة الاصطفاف مع الكيان الصهيوني و تورط إدارة واشنطن في حرب أوكرانيا و تهديدها بخوض حرب في فنزويلا، إنما هي كلها أسباب أدت إلى بداية ثورة اجتماعية في عقر دار الرأسمالية العالمية، ويكفي أن يخرج عمدة نيويورك الجديد ويعلن انتماءه للتيار الاشتراكي اليساري  في قلب عاصمة العالم، حتى نفهم حجم التغيرات الجذرية التي ضربت معقل الرأسمالية والليبرالية الدولية. 
كمال بالهادي        
 

تعليقات الفيسبوك