مع الشروق ..إرهاب تجاوز الحدود

مع الشروق ..إرهاب تجاوز الحدود

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/28

محرقة جديدة ارتكبتها آلة القتل الصهيونية أول أمس برفح أدت إلى استشهاد العشرات وإصابة المئات تكشف للمرة المليون طبيعة هذا الكيان الذي يبني كل مقومات وجوده على جثث الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ دون حسيب ولا رقيب وبدعم مفضوح من القوى الاستعمارية التي زرعته كقاعدة عسكرية متقدّمة لرعاية مصالحها ومنع كل نهضة عربية ممكنة في المنطقة التي تتحوّز على كل عناصر التقدم لو كان مصيرها بيدها لا بأيدي الغرب.
فما اقترفه الجيش الصهيوني بقصفه لخيام النازحين وفي منطقة من المفترض وفق ما أعلنه الصهاينة أنفسهم أن تكون آمنة وبعيدة عن مناطق الاشتباك يبرز أن الكيان الغاصب لا عهد له ولا يلتزم بمواثيق ولا يُعتدّ مطلقا بما يقدمه من التزامات في حرب يعتبرها وجودية مغلفة بمسحة دينية لا لبس فيها ونعتبرها حرب إبادة جماعية مكتملة الأركان تهدف إلى مسح الوجود الفلسطيني العربي من أرض فلسطين المقدسة في إطار مشروع أكبر يهدف إلى ابتلاع كل الدول العربية التي تكتفي اليوم بالفرجة.
فمن الواضح أن هذا الكيان المجرم لا يلقي بالا لكلّ التحذيرات الدولية التي تطالبه بالعدول عن عملياته العسكرية في رفح والتي أتت حتى من أقرب حلفائه وحماته الخُلّص بالنظر لحجم الكارثة الإنسانية التي ستحلّ بالقطاع المنكوب وهي التحذيرات التي لم تأت رأفة بالفلسطينيين بل في إطار حسابات انتخابية نتيجة الضغوطات الكبرى التي تسلّطها عديد المجتمعات الثائرة المنتفضة في كبريات العواصم والمدن الغربية نصرة للقضية الفلسطينية من باب التراحم الإنساني والقيم الكونية المشتركة المتخلّصة من عباءة الايديولوجيا المقيتة التي لطالما حرّكت الساسة الغربيين وكل تلك الأصوات المدافعة عن إسرائيل ظلما وبهتانا.
وبات من الواضح أن محرقة الخيام التي ارتكبها الصهاينة تأتي في سياق الرد عن القرارات التي أعلنتها محكمة العدل الدولية والتي أمرته فيها بوقف عملياته العسكرية في رفح فإذا بالرسالة أتت سريعا من كيان أصبح اليوم وفي نظر العالم بأسره مارقا عن كل القوانين والتشريعات والمؤسسات الدولية وبات خطرا على أقرب حلفائه وهي الطبيعة المتأصلة فيه والتي ينضاف إليها الهوس المرضي بالسلطة لرئيس وزراء الكيان المحتل بنيامين نتنياهو الذي يريد إطالة أمد حكمه على جثث المدنيين وحتى على حساب الرهائن من شعبه وهو المحاصر داخليا والمعزول خارجيا في سابقة لم تحصل لأي من المسؤولين الصهاينة طيلة حروبهم الظالمة التي شنّوها على العرب وعلى الشعب الفلسطيني الصامد.
ومهما دعته قوته وقدرته المدعومة بمدد سياسي وعسكري غربي وبصمت عربي يقارب حد التواطؤ على تقتيل الشعب الفلسطيني ، فإن نتنياهو لا يدرك وهو المدفوع بجنون السلطة وبطبيعته الإجرامية أن الرياح لن تبقى دوما لصالحه، فانتفاضة الطلاب الغربيين وقرارات المؤسسات القضائية الدولية غير المسبوقة بشأنه وبشأن كيانه المارق تشكّل كلها عوامل تغيير جيوستراتيجي تدريجي واضح تتماشى مع المتغيرات العالمية الحاصلة منذ حرب أوكرانيا وتراجع نفوذ القوى التقليدية وهو ما سيزيد في تضييق الخناق عليه وسيطيح به مهما تعاظم جبروته وسيجد نفسه في كتب التاريخ مع أسلافه وأمثاله من مجرمي الحرب.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك