مع الشروق.. أزمة جديدة داخل البيت الأوروبي

مع الشروق.. أزمة جديدة داخل البيت الأوروبي

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/11/15

دخلت العلاقات بين باريس وروما نفقا مظلما خاصة بعد صعود اليمين المتطرف في إيطاليا الى سدّة الحكم بقيادة جورجيا ميلوني التي أصبحت رئيسة للوزراء وهي التي لم تترك فرصة تمرّ دون "إطلاق النار" على جارتها فرنسا.
ولا تبدو الأزمة بين البلدين وليدة اليوم أو حول ملف الاختلاف بينهما الآن وهو الهجرة، بل تعود جذورها الى اختلاف الرؤى في الملفات الخارجية خاصة فيما يتعلّق بإفريقيا وتحديدا ليبيا.
فروما التي كانت أكبر حليف غربي لنظام العقيد الراحل معمّر القذافي، تحمّل كامل المسؤولية لباريس في ذلك من كونها أحد الأطراف الرئيسية في اسقاط ليبيا في الفوضى وصولا الى تقويض مصالح روما في هذا البلد الذي يزخر بالخيرات.
وفي هذا الإطار تحديدا كانت باريس قد سحبت سفيرها في روما سنة 2019، احتجاجًا على تصريحات مسؤولين إيطاليين اعتبرتها "متجاوزة لكل الحدود"، انتقدت السياسة الفرنسية في إفريقيا وليبيا، واتهمت الحكومة الإيطالية حينها فرنسا بالعمل على إبقاء الوضع على ما هو عليه في ليبيا، كما اتهمتها بتفقير القارة الإفريقية بسبب استغلال ثرواتها منذ عقود طويلة.
ولا يخفي المسؤولون رفيعو المستوى في إيطاليا آراءهم بل ويصدحون بها علانية حيث يعتبرون أن فرنسا السبب الأبرز في تأزم الوضع في ليبيا وفي تفقير إفريقيا ونهب ثروات القارة السمراء، وهي السبب في ارتفاع عدد المهاجرين غير النظاميين المتجهين نحو السواحل الإيطالية.
صحيح أن حكومة رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي كتمت غيضها وأدارت العلاقات مع باريس بحذر شديد، لكن مع وصول اليمين المتطرّف الى السلطة والذي كان يشحذ سكاكينه ضدّ باريس منذ مدّة، انفجر كل شيء.
في المقابل لم ينس الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دعم زعيم حركة "خمس نجوم" لويجي دي مايو المشارك في الحكومة اليمينية المتطرفة لمتظاهري "السترات الصفراء" في فرنسا.
ولم يكتف دي مايو وقتها  بالدعم الشفوي بل أرسل رسالة في الغرض، وهي المرة الأولى التي يرسل فيها مسؤول رسمي داخل إحدى الدول الأوروبية رسالة يعبر فيها بصراحة عن دعمه لحركة احتجاجية تطالب بإسقاط الحكومة في دولة أوروبية أخرى.
وبناء على كل ما سبق وجد البلدان الآن ضالتهم في ملف الهجرة للانتقام من بعضهما البعض وكيل الاتهامات التي وصلت الى حد اتهام رئيس الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني لنظيرها الفرنسي ايمانويل ماكرون بـ"الخائن".
وفيما لا تبدو العلاقة بين الطرفين سائرة نحو التهدئة على الأقل على المدى القريب، يبرز الاتحاد الأوروبي كأكبر متضرّر من الصراعات الداخلية التي تعصف به في الفترة الأخيرة بالتوازي مع الأزمات المحيطة والتي على رأسها حرب أوكرانيا.
وهذا يعني أن كيان الاتحاد الاوروبي سيدخل في مرحلة حرجة خاصة في ظلّ صعود موجة اليمين المتطرّف عبر القارة العجوز الى مستوى تاريخي قد يهدّد وحدة هذا الكيان ويكون مصدر تفكّكه من الداخل.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك