وجهة نظر: عندما يكون "الوعي" بالفقر أقوى من "الوعي" بالصحة
تاريخ النشر : 21:06 - 2020/04/07
"لو كان الفقر رجلا لقتلته" عبارة كان قد قاله الإمام علي بن أبي طالب وبقطع النظر عن سياقها وعن إطارها المكاني والزماني فإنها تنسحب على كل الأزمنة بل هي وصفة نفسية لما يشعر به الفقير أمام الحالة الخصاصة والحرمان التي وضعته الأقدار فيها سوى كان هو السبب المباشر أم هناك عوامل أخرى، ولا يختلف إثنان على نبذ الفقر وتداعياته النفسية والمادية على الإنسان ولعل هذا الشعور المقيت جعل العالم حلبة الصراع العيش فيها للأقوى ، رغم أنه لا مبرر لما يضر النفس ولا الإنسانية من أجل كسب القوت ، ومانعيشه في تونس من إفرازات للفقركلما هزت البلاد أزمة ،ولعل أخطرها أزمة فيروس كورنا والتي عرّت الواقع الإجتماعي بتفاصيله الدقيقة وانتفضت الفئات الفقيرة المعلومة والمجهولة ،حتى أن السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة ذاته في آخر تصريح له قال أن من الأشياء التي تم إكتشافها في مجتمعنا أثناء وضع تراتيب لتوزيع المنح وجود فئة تعد أكثر من 100 ألف شخصا وهم من صنف المتقاعدين لا تتجاوز جراياتهم 180 دينار وما يتبعهم من عائلات ،دون الحديث على الذين جراياتهم أقل من ذلك ولا على الذين لا دخل لهم أصلا ولا على الذين يقتاتون من حاويات الفضلات وهمهم الوحيد مواصلة العيش وعيش من هم في كفالتهم بقطع النظر عن الوسيلة، حياة سد الرمق إلى آخر رمق في حياتهم حياة وقودها الصحة كلما مرت سنة ذاب منها شيئا أو أشياء دون وعي يجعلهم يستحضرون فيه سبل الوقاية أو الحماية أو حتى أحيانا العلاج مادام النَّفَس يقوم بزفيره وشهيقه والقدمان تقوم بخطوات للبحث عن القوت لذلك لا غرابة فيما نشاهده هذه الأيام من هبّة شعبية من أجل الحصول على المنح والمساعدات رغم تواضعها حيث خرج العديد ممن اقتنعوا حتى بأن ما بين الموت والحياة التحام بالعالم الخارجيي قد يلتقيهم بهذا الفيروس الغاشم الذي لا يساوي بين الفقير أوالغني وبين الحاكم والمحكوم وبين الدولة القوية والدولة الضعيفة فهو فيروس لا يَرى ولا يُرى أصم أبكم ، لا نتصور أن الواحد منا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لا يعي بخطورته ولا بخطورة مسبباته ولا أحد منا لم يحفظ عن ظهر قلب قواعد السلامة والوقاية ويبقى السؤال لماذا إذا يخاطر العديد منا بحياته رغم هذا الوعي ؟ هل الحياة أقل قيمة من 200 دينار أو من بعض المشتريات تسد الرمق لمدة أسبوع ؟ هل أن نداء الجوع أقوى من نداء الصحة ؟ هل أن المادة أغمضت بصرنا وبصيرتنا عن ما هو أهم ؟ تساؤلات عدة قد تدخل خانة الفلسفة لتعقد تحليلها وصعوبة إيجاد إجابة واضحة لها ولكن ترجعنا إلى الأصل في الشيء للبحث عن سبب تأثير فراغ البطون على العقول ’؟ وأي مشاعر دفعت هؤلاء ل"لإنتفاضة العقيمة" على "الكورونا" سوى من أجل البطن أو لنزوات أخرى دون وعي بأن هذا الغول يفتك بالجسد والروح ، فقد لا نلوم هؤلاء ليس تبريرا لما يقومون به من خرق لأبجديات قواعد الوقاية الصحية لسلامة أنفسهم وغيرهم بل نلوم أنفسنا كعائلات ،مؤسسات تربوية ، ثقافية، أحزاب،منظمات،جمعيات نُخب ،وسائل إعلام...ماذا قدمنا لهؤلاء من وعي حتى نطالبهم به اليوم ؟ حينها يمكن أن نقرّ أن الوعي بالفقر كان أقوى من الوعي بالصحة وبين الوعي الأول والثاني مسافة سنوات ضوئية من التربية والثقافة وهما مصدر الجيش الأبيض الذي نتحدث عنه اليوم والذي في حاجة إلى تكامل مع ألوان كل الجيوش لأن الفيروس الأخطر هو الجهل بكل مظاهره لذلك كان من الأجدى اليوم أن نعدّل مقولة الإمام علي ابن أبي طالب بـ "لو كان الجهل رجلا لقتلته" وليس الفقر، ففقر البطون حتى بالوهم يزول عكس فقر العقول.

"لو كان الفقر رجلا لقتلته" عبارة كان قد قاله الإمام علي بن أبي طالب وبقطع النظر عن سياقها وعن إطارها المكاني والزماني فإنها تنسحب على كل الأزمنة بل هي وصفة نفسية لما يشعر به الفقير أمام الحالة الخصاصة والحرمان التي وضعته الأقدار فيها سوى كان هو السبب المباشر أم هناك عوامل أخرى، ولا يختلف إثنان على نبذ الفقر وتداعياته النفسية والمادية على الإنسان ولعل هذا الشعور المقيت جعل العالم حلبة الصراع العيش فيها للأقوى ، رغم أنه لا مبرر لما يضر النفس ولا الإنسانية من أجل كسب القوت ، ومانعيشه في تونس من إفرازات للفقركلما هزت البلاد أزمة ،ولعل أخطرها أزمة فيروس كورنا والتي عرّت الواقع الإجتماعي بتفاصيله الدقيقة وانتفضت الفئات الفقيرة المعلومة والمجهولة ،حتى أن السيد إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة ذاته في آخر تصريح له قال أن من الأشياء التي تم إكتشافها في مجتمعنا أثناء وضع تراتيب لتوزيع المنح وجود فئة تعد أكثر من 100 ألف شخصا وهم من صنف المتقاعدين لا تتجاوز جراياتهم 180 دينار وما يتبعهم من عائلات ،دون الحديث على الذين جراياتهم أقل من ذلك ولا على الذين لا دخل لهم أصلا ولا على الذين يقتاتون من حاويات الفضلات وهمهم الوحيد مواصلة العيش وعيش من هم في كفالتهم بقطع النظر عن الوسيلة، حياة سد الرمق إلى آخر رمق في حياتهم حياة وقودها الصحة كلما مرت سنة ذاب منها شيئا أو أشياء دون وعي يجعلهم يستحضرون فيه سبل الوقاية أو الحماية أو حتى أحيانا العلاج مادام النَّفَس يقوم بزفيره وشهيقه والقدمان تقوم بخطوات للبحث عن القوت لذلك لا غرابة فيما نشاهده هذه الأيام من هبّة شعبية من أجل الحصول على المنح والمساعدات رغم تواضعها حيث خرج العديد ممن اقتنعوا حتى بأن ما بين الموت والحياة التحام بالعالم الخارجيي قد يلتقيهم بهذا الفيروس الغاشم الذي لا يساوي بين الفقير أوالغني وبين الحاكم والمحكوم وبين الدولة القوية والدولة الضعيفة فهو فيروس لا يَرى ولا يُرى أصم أبكم ، لا نتصور أن الواحد منا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لا يعي بخطورته ولا بخطورة مسبباته ولا أحد منا لم يحفظ عن ظهر قلب قواعد السلامة والوقاية ويبقى السؤال لماذا إذا يخاطر العديد منا بحياته رغم هذا الوعي ؟ هل الحياة أقل قيمة من 200 دينار أو من بعض المشتريات تسد الرمق لمدة أسبوع ؟ هل أن نداء الجوع أقوى من نداء الصحة ؟ هل أن المادة أغمضت بصرنا وبصيرتنا عن ما هو أهم ؟ تساؤلات عدة قد تدخل خانة الفلسفة لتعقد تحليلها وصعوبة إيجاد إجابة واضحة لها ولكن ترجعنا إلى الأصل في الشيء للبحث عن سبب تأثير فراغ البطون على العقول ’؟ وأي مشاعر دفعت هؤلاء ل"لإنتفاضة العقيمة" على "الكورونا" سوى من أجل البطن أو لنزوات أخرى دون وعي بأن هذا الغول يفتك بالجسد والروح ، فقد لا نلوم هؤلاء ليس تبريرا لما يقومون به من خرق لأبجديات قواعد الوقاية الصحية لسلامة أنفسهم وغيرهم بل نلوم أنفسنا كعائلات ،مؤسسات تربوية ، ثقافية، أحزاب،منظمات،جمعيات نُخب ،وسائل إعلام...ماذا قدمنا لهؤلاء من وعي حتى نطالبهم به اليوم ؟ حينها يمكن أن نقرّ أن الوعي بالفقر كان أقوى من الوعي بالصحة وبين الوعي الأول والثاني مسافة سنوات ضوئية من التربية والثقافة وهما مصدر الجيش الأبيض الذي نتحدث عنه اليوم والذي في حاجة إلى تكامل مع ألوان كل الجيوش لأن الفيروس الأخطر هو الجهل بكل مظاهره لذلك كان من الأجدى اليوم أن نعدّل مقولة الإمام علي ابن أبي طالب بـ "لو كان الجهل رجلا لقتلته" وليس الفقر، ففقر البطون حتى بالوهم يزول عكس فقر العقول.