مع الشروق: نذر حرب... في مياه الخليج

مع الشروق: نذر حرب... في مياه الخليج

تاريخ النشر : 09:56 - 2020/04/26

يبدو أن العلاقات المتأزمة والمتوترة بين أمريكا وإيران تسير في اتجاه صدام عسكري ستكون عواقبه وخيمة على المنطقة وعلى السلم والأمن الدوليين.وقد تكدست نذر هذه المواجهة خاصة منذ صعود ترامب الى سدة الحكم في البيت الأبيض. حيث  تمثل اول اجراء يتخذه في طلاق رصاصة الرحمة على الاتفاق النووي الذي أبرمته ايران مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالاضافة  الى ألمانيا. وهو موقف اعتبرته ايران عدائيا ويفضي الى تأبيد العقوبات الأمريكية المفروضة عليها بما فيها تجميد الأموال والأرصدة الإيرانية .وهو ما أفضى الى خنق الاقتصاد الإيراني وضاعف معدلات التضخم التي باتت تلقي بثقلها على المواطن الإيراني وتحرج النظام في طهران.وقد جاءت ازمة الانتشار الكبير لفيروس كورونا في ايران وما سببته في الأسابيع الاولى من إعداد ضخمة للوفيات والإصابات ،لتزيد في احراج السلطات الإيرانية التي وجدت نفسها تحارب هذا الفيروس المدمر بخزائن خاوية وبأيد  مكبلة.


كل هذه "التوابل"مضافا اليها ضغوط إدارة ترامب على صندوق النقد الدولي وعلى الدول المانحة  لمنع حصول طهران على اية قروض لمواجهة انتشار الفيروس الخطير،زادت في تصعيد اجواء العداء والاحتقان بين الطرفين...كما زادت في تصعيد اجواء التوتر وفِي مزيد دفع الأمور الى حافة الهاوية بمافيه احتمال اندلاع مواجهة عسكرية.وقد جاءت الخطوة الإيرانية الاخيرة لتشكل النقطة التي أفاضت كاس التوتر بين الطرفين واعطت فرضية المواجهة زخما غير مسبوق. هذه النقطة تمثلت في إطلاق ايران بنجاح قمرا صناعيا عسكريا. وهو ما مثل صدمة للإدارة الامريكية اولا بسبب ما يتيحه من قدرات على التصوير والتقاط وجمع المعلومات العسكرية. وثانيا بسبب ان هذا النجاح العلمي في مجال عسكري حساس وكانت تتفرد به أمريكا في صراعها مع ايران بات يشي بقدرة طهران على إطلاق صواريخ عابرة للقارات. وكل هذا من منظور أمريكي هو عبارة عن تجاوز لكل الخطوط الحمر. وكذلك تهديد كبير وخطير لأمن أمريكا. علاوة على انه تطور يفضي الى قلب قواعد اللعبة وأسس إدارة الصراع مع ايران بشكل يتيح للخصم الإيراني هوامش تحرك ومناورة جديدة  واوراق ضغط هامة يمكنه تجييرها لكسب  صراع الإرادات .وكل هذه عوامل وتطورات لا يقبل بها قانون الغطرسة الامريكي بما يحويه من استكبار ونزوع الى الهيمنة وفرض الاملاءات على الدول الكبيرة قبل الصغيرة.


ولتكتمل الصورة وتكتمل داىءرة الغضب الامريكي على ايران تدخل على الخط عمليات الدعم التي تتلقاها الادارة الامريكية مندول خليجية لم تتوقف عن التحريض على ايران. ولا تدخر جهدا ولألاّ تفوت فرصة في حث "الحليف"الامريكي على ضرب ايران ولجم طموحاتها التوسعية في الإقليم  وانهاء اندفاعها للعب دور في المعادلات الإقليمية بدءا بالعراق ووصلا الى اليمن، مرورا بسوريا ولبنان. وإذا أضفنا الى كل هذا الضغوط الرهيبة التي يمارسها الكيان الصهيوني في اتجاه ضرب ايران ولجم وانهاء طموحاتها النووية الى الأبد، فإن مشهد توجه مياه الخليج نحو مواجهة أمريكية إيرانية يكون قد اكتمل. ليصبح شبح الحرب اقرب الى منطقة الخليج من أي وقت مضى.


بين صدمة أمريكا وانزعاجها الدائم من سياسات ايران ومن اصرارها على التمادي في صراع الإرادات والمصلح معها... وبين اختناق ايران بسبب العقوبات الامريكية وبسبب الحصار الاقتصادي والمالي المطبق الذي تفرضه وتديره أمريكا بقبضة حديدية... وهو ما بات يكبل ايران ويحرمها من اية موارد حتى في زمن مكافحة فيروس كورونا المدمر...بين هذا وذاك تتكدس نذر مواجهة مدمرة وخطيرة على الأمن الإقليمي والعالمي. ويجد الطرفان الامريكي والايراني  في طريق تفتح على احتمالين...اما التمادي في نهج التصعيد وفِي اعتماد لغة القوة والعضلات...وأما الاصغاء الى لغة العقل والتقاط هذه اللحظة الحرجة للطرفين وتحويلها الى فرصة  لمفاوضات شاملة تضع كل الملفات على الطاولة.... وتفضي الى توافقات تنهي  التهديدات الجدية للسلم والأمن الدوليين وتعيد تصحيح مسار العلاقات بين الطرفين..


هل ينزل ترامب من فوق شجرة الغطرسة والاستكبار،،،وهل تتخلى ايران عن طموحاتها الإقليمية حتى تنتصر لغة العقل؟ عناصر الإجابة تبقى معلقة بين واشنطن وطهران ...كما تبقى رهينة تطور الأحداث في الأيام والأسابيع المقبلة،خاصة في ضوء الاحتكاكات الاخيرة في مياه الخليج  وفِي ظل سياسة"حافة الهاوية"التي يعتمدها الطرفان  والتي يمكن ان تشعل نار الحرب في اية لحظة...
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

هل يمكن أن تسفيد الشعوب العربية من بترولها بما يحقق لها آمالها في التنمية الاقتصادية والنهوض  الا
08:05 - 2024/06/03
عندي ـ حسابيا ـ وعند المطلعين أن الكيان الصهيوني انتهى وبلا رجعة منذ بزوغ فرج السابع من أكتوبر (ت
08:05 - 2024/06/03
أغنية غناها الهادي الجويني في حفل عشاء رسمي اقيم على شرف الرفيق  شون لاي وزير خارجية ماو تسي تونغ
07:00 - 2024/06/02
منذ إعادة انتخابه لعهدة رئاسية ثانية في أفريل 2022 كان واضحا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لن
07:00 - 2024/06/02
لمزيد الترويج للمنتجات التونسية
07:00 - 2024/06/02
ضمّ مكتب رئيس بلديّة المتلوي المدخل والشاعر لقاءا جمع أفرادا من المجلس المحلّي للتنمية الجديد بال
07:00 - 2024/05/28