في سابقة لم يعرفها التاريخ.. الشرع يَنْسِفُ الذاكرة السورية
تاريخ النشر : 17:57 - 2025/10/06
علق خبراء مصريون على قرار الرئيس السوري أحمد الشرع إلغاء العطلة الرسمية المخصصة لذكرى حرب تشرين (أكتوبر) 1973.
ويقول خبير شؤون الأمن القومي المصري، الكاتب الصحفي بأخبار اليوم محمد مخلوف، في تصريحات خاصة لـ"RT": في الوقت الذي احتفل فيه المصريون والعرب جميعا بذكرى السادس من أكتوبر، ذلك اليوم الذي استعاد فيه العرب عزّتهم ومصر مجدها، خرج النظام السوري بقرارٍ رسمي ألغى فيه اعتبار السادس من أكتوبر عطلةً قومية، في سابقةٍ لم تعرفها أي دولة عربية شاركت في معركة العبور، فحرب أكتوبر لم تكن نصرًا مصريًا فحسب، بل كانت نصرًا عربيًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى شارك فيه من شارك بالمال أو بالرجال أو بالدعم السياسي والمعنوي، واستعاده الجميع كذكرى تخلّد اتحاد الأمة في لحظة عزّةٍ نادرة.
ويرى مخلوف أن القرار السوري بدا كمن يريد أن يطفئ شعلة النصر في الذاكرة، وأن يطمس حقيقة الارتباط العربي الذي جمع مصر وسوريا ذات يوم تحت راية واحدة، لافتا إلى أن أخطر ما في مشهد اليوم ليس تفجيرا يهزّ جدران مدينة، ولا قرارا يُطفئ شعلة احتفالٍ في دمشق أو في القاهرة، بل هو تفجيرٌ في الوعي الجمعي، ومحاولةٌ لاغتيال الذاكرة الوطنية. فحين يُمحى من الذاكرة معنى النصر، يُمحى معه الإحساس بالقدرة، وحين يُشوَّه معنى الفرح الوطني، تتصدّع الثقة في الذات.
وأوضح مخلوف أن الاحتفال بأكتوبر بشكل عام ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو استعادة لقيم عظيمة مثل الانتماء والعطاء والانضباط، وحرب أكتوبر لم تكن فقط معركة عسكرية لتحرير الأرض، بل كانت معركة وعي وإرادة وإدارة موارد بشرية واقتصادية وسياسية بحكمة، هذا هو ما جعلها مدرسة يتعلم منها العسكريون والسياسيون على حد سواء حتى اليوم.
وأشار محمد مخلوف إلى أن التخطيط للحرب كان يستند إلى فكر استراتيجي مبتكر يواكب القدرات المتاحة ويعالج نقاط ضعف العدو، فخطة الخداع الإستراتيجي كانت عبقرية، من إخفاء علامات الاستعداد للحرب واستيراد القمح لإشغال العدو، إلى إخلاء بعض المستشفيات عبر قصة التلوث المفبركة، إلى الإعلان المتكرر عن تدريبات تعبويّة لإيهام إسرائيل أن ما يجري مجرد نشاط روتيني، حتى جاء السادس من أكتوبر فكانت المفاجأة الكبرى للعالم كله.
وأكد مخلوف أن الجيش المصري اليوم يواصل بناء قدراته الشاملة على كل الاتجاهات الإستراتيجية. هناك تحديث للتسليح، وتدريبات مشتركة مع جيوش دولية، وتأهيل علمي وتكنولوجي للكوادر. هذه ليست مجرد إجراءات عسكرية، بل هي ترجمة عملية لروح أكتوبر التي علمتنا جميعاً أن الاستعداد الدائم هو مفتاح النصر، فقرار إلغاء عطلة لن يطفئ أو يغير النصر العظيم الذي سجله وخلده التاريخ بأحرف من نور.
من جانبه، يقول مساعد وزير الداخلية، مدير مكافحة الإرهاب بقطاع الأمن الوطني المصري الأسبق، اللواء عادل عزب، في تصريحات لـ"RT": لم يأتِ القرار من فراغ، بل سبقه — بأيامٍ قليلة — خروج مظاهراتٍ من مجموعاتٍ موالية للنظام السوري أساءت إلى مصر والمصريين، ورغم أن والد أحمد الشرع قدّم اعتذارا عن تلك الإساءات، فإنّ الاعتذار لم يصدر عن الحكومة السورية، وكأنّ النظام أراد أن يترك الباب مواربا بين الرسالة والموقف، بين الصمت والتواطؤ، ولا يمكن فصل قرار إلغاء الاحتفال عن تلك المظاهرات، فهو ليس مجرد إجراءٍ إداري، بل ترجمةٌ سياسية لموقفٍ متجذّر من مصر ودورها، موقفٍ لا يعبّر عن الشعب السوري بكل تأكيد، بل عن الشريحة التي ساهمت في الانقلاب على سوريا نفسها، فقرّرت أن تنفصل عن تاريخها قبل أن تنفصل عن حاضرها.
وما أشبه اليوم بالأمس… الإخوان يسيرون على الدرب ذاته
تابع اللواء عزب: فالإخوان المسلمون في مصر — الذين طالما ادّعوا حب الوطن — يسلكون المسار ذاته، فبينما يحتفل المصريون بأعيادهم القومية، يختار الإخوان نفس التوقيت ليحيلوا أفراح الوطن إلى مآتم، وذكرى النصر إلى دماء، لم يكن هذا السلوك وليد اليوم، بل نهجًا متكررًا عبر العقود، منذ أن تحوّلت الجماعة من دعوةٍ إلى مؤامرة، ومن فكرٍ إلى مشروعٍ لهدم الدولة من داخلها، فعلى مدار السنوات، كانت أي مناسبةٍ قوميةٍ كبرى في مصر — من احتفالات أكتوبر إلى الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية الجامعة — تستدعي لدى الإخوان غريزة التدمير.
وأشار إلى أنه لم يكن اختيارهم للتوقيت عبثا، بل كان مقصودا بعناية ليصنعوا من يوم الفرح المصري يوما للحزن، وليقتلوا في الناس الإحساس بالانتصار، فكما يتعمّد بعض الجهلة في العصبيات القبلية أن يفسدوا فرحة خصومهم في أفراحهم، هكذا يتصرّف الإخوان مع مصر كلما رفرفت راية أو ارتفعت تكبيرة نصر، موضحاً أنه يكفي أن نذكّر ببعض النماذج لا كلها، مثل تفجيرات طابا في أكتوبر 2004، التي جاءت في توقيتٍ يوازي احتفالات نصر أكتوبر، لتسقط عشرات الضحايا وتضرب السياحة المصرية في مقتل، ثم تفجيرات شرم الشيخ في يوليو 2005، أثناء موسم سياحيٍ نشطٍ كانت مصر قد بلغت فيه أرقاما قياسية في معدلات السياحة، فجاءت التفجيرات لتكسر موجة النمو وتوجّه رسالة دموية إلى الداخل والخارج بأن يد الإرهاب لا تفرّق بين مصري وسائح، ولا بين أمن واقتصاد.
وأضاف: وفي العام 2011، لم تكن الفوضى التي اندلعت في 25 يناير — يوم عيد الشرطة — ثورةً ضد الظلم كما رُوِّج، بل كانت خطةً مدروسة لاختيار يومٍ وطنيٍّ يمثّل رمزا لهيبة الدولة وأمنها، ليُستبدل فيه الاحتفال بالفوضى، وليُطلق عليه زورًا "الربيع العربي"، ولم يكن هذا النهج منفصلًا عن موقفهم من حرب أكتوبر ذاتها، فحين وصلوا إلى الحكم عام 2012، لم يحتفلوا بنصر أكتوبر كما يليق بمصر، بل احتفلوا باغتيال من صنع النصر، حيث جلسوا على المنصة التي اغتيل فيها الرئيس محمد أنور السادات، ودعوا قيادات تنظيم الجهاد — التنظيم الذي شارك في اغتياله — ليشاركوا في الاحتفال ذاته، لم يكن ذلك احتفالًا بالنصر، بل كان احتفالا بالثأر من صاحبه، احتفلوا لا بتحرير الأرض، بل بقتل من حرّرها.
اغتيال الذاكرة الوطنية… لا النصر وحده
وأوضح اللواء عزب أنه ما بين من ألغى الاحتفال باسم الشرع، ومن فجّر الوطن باسم الدين، يلتقي مشروعان على هدفٍ واحد: ألا تتذكّر مصر والعرب يومًا أنهم انتصروا، وألا يعودوا يوما إلى الإيمان بأن النصر ممكن. لكن التاريخ، كما أثبت دائما، لا يُمحى بقرار ولا يُطفأ بتفجير، لأن شعلة السادس من أكتوبر لم تشتعل في ساحات القتال فقط، بل اشتعلت في ضمير أمةٍ تعرف أنها إن انكسرت يومًا، فإنها لا تُهزم أبدًا
من إسقاط الوحدة إلى إلغاء الذاكرة
وتابع: لم يكن موقف النظام السوري اليوم، ولا موقف الإخوان في مصر، إلا امتدادا طبيعيا لسياسة قديمة تستهدف كسر الرابط بين مصر وسوريا منذ فشل تجربة الوحدة في أواخر الخمسينيات. ففي الوقت الذي كان فيه جمال عبد الناصر يؤمن بأن وحدة العرب هي الطريق إلى النهضة، كانت جماعة الإخوان المسلمين أول من تآمر على تلك الوحدة، وحرّض ضدها من الداخل والخارج. لم يغفروا لمصر أنها قادت مشوعا قوميا يعلو على رايات الجماعات، ولم يغفروا لسوريا أنها سلّمت قيادتها إلى رمز قوميٍّ لا ينتمي إلى طائفةٍ أو جماعةٍ بل إلى الأمة كلها، ومنذ ذلك الحين، ظل الحلم العربي في مرمى سهامهم، من إفشال الوحدة إلى محاولة تشويه النصر، ومن مقاومة القومية إلى اغتيال روحها.

علق خبراء مصريون على قرار الرئيس السوري أحمد الشرع إلغاء العطلة الرسمية المخصصة لذكرى حرب تشرين (أكتوبر) 1973.
ويقول خبير شؤون الأمن القومي المصري، الكاتب الصحفي بأخبار اليوم محمد مخلوف، في تصريحات خاصة لـ"RT": في الوقت الذي احتفل فيه المصريون والعرب جميعا بذكرى السادس من أكتوبر، ذلك اليوم الذي استعاد فيه العرب عزّتهم ومصر مجدها، خرج النظام السوري بقرارٍ رسمي ألغى فيه اعتبار السادس من أكتوبر عطلةً قومية، في سابقةٍ لم تعرفها أي دولة عربية شاركت في معركة العبور، فحرب أكتوبر لم تكن نصرًا مصريًا فحسب، بل كانت نصرًا عربيًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى شارك فيه من شارك بالمال أو بالرجال أو بالدعم السياسي والمعنوي، واستعاده الجميع كذكرى تخلّد اتحاد الأمة في لحظة عزّةٍ نادرة.
ويرى مخلوف أن القرار السوري بدا كمن يريد أن يطفئ شعلة النصر في الذاكرة، وأن يطمس حقيقة الارتباط العربي الذي جمع مصر وسوريا ذات يوم تحت راية واحدة، لافتا إلى أن أخطر ما في مشهد اليوم ليس تفجيرا يهزّ جدران مدينة، ولا قرارا يُطفئ شعلة احتفالٍ في دمشق أو في القاهرة، بل هو تفجيرٌ في الوعي الجمعي، ومحاولةٌ لاغتيال الذاكرة الوطنية. فحين يُمحى من الذاكرة معنى النصر، يُمحى معه الإحساس بالقدرة، وحين يُشوَّه معنى الفرح الوطني، تتصدّع الثقة في الذات.
وأوضح مخلوف أن الاحتفال بأكتوبر بشكل عام ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو استعادة لقيم عظيمة مثل الانتماء والعطاء والانضباط، وحرب أكتوبر لم تكن فقط معركة عسكرية لتحرير الأرض، بل كانت معركة وعي وإرادة وإدارة موارد بشرية واقتصادية وسياسية بحكمة، هذا هو ما جعلها مدرسة يتعلم منها العسكريون والسياسيون على حد سواء حتى اليوم.
وأشار محمد مخلوف إلى أن التخطيط للحرب كان يستند إلى فكر استراتيجي مبتكر يواكب القدرات المتاحة ويعالج نقاط ضعف العدو، فخطة الخداع الإستراتيجي كانت عبقرية، من إخفاء علامات الاستعداد للحرب واستيراد القمح لإشغال العدو، إلى إخلاء بعض المستشفيات عبر قصة التلوث المفبركة، إلى الإعلان المتكرر عن تدريبات تعبويّة لإيهام إسرائيل أن ما يجري مجرد نشاط روتيني، حتى جاء السادس من أكتوبر فكانت المفاجأة الكبرى للعالم كله.
وأكد مخلوف أن الجيش المصري اليوم يواصل بناء قدراته الشاملة على كل الاتجاهات الإستراتيجية. هناك تحديث للتسليح، وتدريبات مشتركة مع جيوش دولية، وتأهيل علمي وتكنولوجي للكوادر. هذه ليست مجرد إجراءات عسكرية، بل هي ترجمة عملية لروح أكتوبر التي علمتنا جميعاً أن الاستعداد الدائم هو مفتاح النصر، فقرار إلغاء عطلة لن يطفئ أو يغير النصر العظيم الذي سجله وخلده التاريخ بأحرف من نور.
من جانبه، يقول مساعد وزير الداخلية، مدير مكافحة الإرهاب بقطاع الأمن الوطني المصري الأسبق، اللواء عادل عزب، في تصريحات لـ"RT": لم يأتِ القرار من فراغ، بل سبقه — بأيامٍ قليلة — خروج مظاهراتٍ من مجموعاتٍ موالية للنظام السوري أساءت إلى مصر والمصريين، ورغم أن والد أحمد الشرع قدّم اعتذارا عن تلك الإساءات، فإنّ الاعتذار لم يصدر عن الحكومة السورية، وكأنّ النظام أراد أن يترك الباب مواربا بين الرسالة والموقف، بين الصمت والتواطؤ، ولا يمكن فصل قرار إلغاء الاحتفال عن تلك المظاهرات، فهو ليس مجرد إجراءٍ إداري، بل ترجمةٌ سياسية لموقفٍ متجذّر من مصر ودورها، موقفٍ لا يعبّر عن الشعب السوري بكل تأكيد، بل عن الشريحة التي ساهمت في الانقلاب على سوريا نفسها، فقرّرت أن تنفصل عن تاريخها قبل أن تنفصل عن حاضرها.
وما أشبه اليوم بالأمس… الإخوان يسيرون على الدرب ذاته
تابع اللواء عزب: فالإخوان المسلمون في مصر — الذين طالما ادّعوا حب الوطن — يسلكون المسار ذاته، فبينما يحتفل المصريون بأعيادهم القومية، يختار الإخوان نفس التوقيت ليحيلوا أفراح الوطن إلى مآتم، وذكرى النصر إلى دماء، لم يكن هذا السلوك وليد اليوم، بل نهجًا متكررًا عبر العقود، منذ أن تحوّلت الجماعة من دعوةٍ إلى مؤامرة، ومن فكرٍ إلى مشروعٍ لهدم الدولة من داخلها، فعلى مدار السنوات، كانت أي مناسبةٍ قوميةٍ كبرى في مصر — من احتفالات أكتوبر إلى الأعياد الوطنية والمناسبات الدينية الجامعة — تستدعي لدى الإخوان غريزة التدمير.
وأشار إلى أنه لم يكن اختيارهم للتوقيت عبثا، بل كان مقصودا بعناية ليصنعوا من يوم الفرح المصري يوما للحزن، وليقتلوا في الناس الإحساس بالانتصار، فكما يتعمّد بعض الجهلة في العصبيات القبلية أن يفسدوا فرحة خصومهم في أفراحهم، هكذا يتصرّف الإخوان مع مصر كلما رفرفت راية أو ارتفعت تكبيرة نصر، موضحاً أنه يكفي أن نذكّر ببعض النماذج لا كلها، مثل تفجيرات طابا في أكتوبر 2004، التي جاءت في توقيتٍ يوازي احتفالات نصر أكتوبر، لتسقط عشرات الضحايا وتضرب السياحة المصرية في مقتل، ثم تفجيرات شرم الشيخ في يوليو 2005، أثناء موسم سياحيٍ نشطٍ كانت مصر قد بلغت فيه أرقاما قياسية في معدلات السياحة، فجاءت التفجيرات لتكسر موجة النمو وتوجّه رسالة دموية إلى الداخل والخارج بأن يد الإرهاب لا تفرّق بين مصري وسائح، ولا بين أمن واقتصاد.
وأضاف: وفي العام 2011، لم تكن الفوضى التي اندلعت في 25 يناير — يوم عيد الشرطة — ثورةً ضد الظلم كما رُوِّج، بل كانت خطةً مدروسة لاختيار يومٍ وطنيٍّ يمثّل رمزا لهيبة الدولة وأمنها، ليُستبدل فيه الاحتفال بالفوضى، وليُطلق عليه زورًا "الربيع العربي"، ولم يكن هذا النهج منفصلًا عن موقفهم من حرب أكتوبر ذاتها، فحين وصلوا إلى الحكم عام 2012، لم يحتفلوا بنصر أكتوبر كما يليق بمصر، بل احتفلوا باغتيال من صنع النصر، حيث جلسوا على المنصة التي اغتيل فيها الرئيس محمد أنور السادات، ودعوا قيادات تنظيم الجهاد — التنظيم الذي شارك في اغتياله — ليشاركوا في الاحتفال ذاته، لم يكن ذلك احتفالًا بالنصر، بل كان احتفالا بالثأر من صاحبه، احتفلوا لا بتحرير الأرض، بل بقتل من حرّرها.
اغتيال الذاكرة الوطنية… لا النصر وحده
وأوضح اللواء عزب أنه ما بين من ألغى الاحتفال باسم الشرع، ومن فجّر الوطن باسم الدين، يلتقي مشروعان على هدفٍ واحد: ألا تتذكّر مصر والعرب يومًا أنهم انتصروا، وألا يعودوا يوما إلى الإيمان بأن النصر ممكن. لكن التاريخ، كما أثبت دائما، لا يُمحى بقرار ولا يُطفأ بتفجير، لأن شعلة السادس من أكتوبر لم تشتعل في ساحات القتال فقط، بل اشتعلت في ضمير أمةٍ تعرف أنها إن انكسرت يومًا، فإنها لا تُهزم أبدًا
من إسقاط الوحدة إلى إلغاء الذاكرة
وتابع: لم يكن موقف النظام السوري اليوم، ولا موقف الإخوان في مصر، إلا امتدادا طبيعيا لسياسة قديمة تستهدف كسر الرابط بين مصر وسوريا منذ فشل تجربة الوحدة في أواخر الخمسينيات. ففي الوقت الذي كان فيه جمال عبد الناصر يؤمن بأن وحدة العرب هي الطريق إلى النهضة، كانت جماعة الإخوان المسلمين أول من تآمر على تلك الوحدة، وحرّض ضدها من الداخل والخارج. لم يغفروا لمصر أنها قادت مشوعا قوميا يعلو على رايات الجماعات، ولم يغفروا لسوريا أنها سلّمت قيادتها إلى رمز قوميٍّ لا ينتمي إلى طائفةٍ أو جماعةٍ بل إلى الأمة كلها، ومنذ ذلك الحين، ظل الحلم العربي في مرمى سهامهم، من إفشال الوحدة إلى محاولة تشويه النصر، ومن مقاومة القومية إلى اغتيال روحها.