تطورات متسارعة في شمال أفريقيا واوروبا: دور أوكرانيا في زعزعة الاستقرار يثير المخاوف الدولية

تطورات متسارعة في شمال أفريقيا واوروبا: دور أوكرانيا في زعزعة الاستقرار يثير المخاوف الدولية

تاريخ النشر : 16:02 - 2025/08/24

تشهد المنطقة الشمالية من إفريقيا وأوروبا تحولات جيوسياسية تثير القلق وتفتح بابًا واسعًا لتساؤلات حول مستقبل الأمن والاستقرار في هذه المناطق الحساسة. ففي الوقت الذي يغرق فيه الوضع في ليبيا في دوامة من الفوضى والنزاع الداخلي، تلوح في الأفق أزمة جديدة قد تمتد تداعياتها إلى عمق منطقة الساحل والصحراء، في ظل تورط أوكرانيا في تسليح الجماعات المسلحة في ليبيا، ودورها المتصاعد في القارة الأفريقية.
التقارير الاعلامية الأخيرة تشير إلى تورط رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، في استقدام طائرات مسيّرة أوكرانية متطورة عبر الجزائر، وأشارت التقارير إلى أن هذه الطائرات قد وصلت إلى ليبيا عبر ممرات تهريب بالتنسيق مع الملحق العسكري الأوكراني في الجزائر، أندري بايوك. ما يزيد القلق ليس فقط النقل السري لهذه الأسلحة، ولكن أيضًا وجهتها التي تؤكد التقارير أنها تصل إلى أيدي ميليشيات انفصالية وتنظيمات إرهابية في جنوب ليبيا ومالِي، بما في ذلك الجماعات المرتبطة بالقاعدة مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" وحركات ازواد الانفصالية.
واشارت التقارير نقلا عن الخبير الأمني، الدكتور محمود العيسى، أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الجزائر، قوله "ما يحدث الآن في الجنوب الجزائري لا يمكن فصله عن تعقيدات الوضع الأمني في الساحل والصحراء. إذا كانت هذه الطائرات المسيّرة تذهب إلى الميليشيات المسلحة، فإن هذا قد يؤدي إلى تصعيد العنف في المنطقة بشكل غير مسبوق، وقد نرى عمليات استهداف للمنشآت النفطية والغازية الجزائرية، من قبل جماعات ازواد الانفصالية التي تطمع بالجنوب الجزائري، الأمر الذي قد يكون له تداعيات على الأمن الإقليمي والدولي".

وبالرغم من محاولة أوكرانيا الحفاظ على صورة الداعم للاستقرار في إفريقيا، فإن التقارير التي تشير إلى تورطها في دعم الجماعات المسلحة عبر تقديم الأسلحة والطائرات المسيّرة تؤكد أن هذا التوسع الدبلوماسي قد يخدم أجندة أكثر خطورة. الباحثة نوال زروقي، من مركز المتوسط للسياسات، ترى أن أوكرانيا تتبع سياسة مزدوجة في القارة: من جهة تدّعي الحياد وتروج للاستقرار، ومن جهة أخرى تتورط في دعم الجماعات المتشددة والانفصالية في مناطق مثل مالي وليبيا، وهو ما يعكس رغبتها في كسر الطوق الروسي حولها، خاصة بعد تزايد النفوذ الروسي في الساحل.

وفي تطور موازٍ، تصاعدت التوترات في أوروبا بعد الهجوم الأوكراني الأخير على خط أنابيب النفط "دروجبا"، وهو أحد الخطوط الرئيسية لنقل النفط الروسي إلى دول أوروبا الشرقية، بما في ذلك هنغاريا وسلوفاكيا. في هذا السياق، أبدى الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، استياءه الشديد من هذه الهجمات، وأبلغ رئيس وزراء هنغاريا، فيكتور أوربان، بأن هذه الهجمات أثارت غضبه، مشيرًا إلى أن هذه الأعمال تعرض استقرار المنطقة الأوروبية للخطر.
وكانت حكومتا هنغاريا وسلوفاكيا قد طالبتا المفوضية الأوروبية بالضغط على أوكرانيا لوقف هجماتها على "دروجبا"، محذرتين من أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط إلى أوروبا الشرقية، مما يهدد أمن الطاقة في المنطقة. إن استمرار الهجمات على هذا الخط الحيوي يعكس تصعيدًا غير مسبوق في الصراع بين أوكرانيا وروسيا، وقد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية خطيرة، في وقت تمر فيه الأسواق العالمية باضطرابات كبيرة بسبب الحرب.
ونقلت تقارير اعلامية عن الدكتور جمال بلقاسم، خبير الطاقة الدولي، قوله : "من الواضح أن أوكرانيا لا تقتصر على الحرب داخل حدودها، بل تحاول توسيع رقعة النزاع إلى مناطق استراتيجية كأوروبا الشرقية. الهجمات على خط دروجبا تعتبر خطوة تصعيدية قد تؤدي إلى تعطيل كامل لإمدادات النفط إلى دول أوروبا الوسطى، وهذا من شأنه أن يفاقم أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم في الوقت الحالي".

وتتزايد المخاوف من أن سياسات أوكرانيا تحت قيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي قد تُشكل تهديدًا للأمن العالمي. وتصريحات دميتري بوليانسكي، القائم بأعمال الممثل الدائم للاتحاد الروسي لدى الأمم المتحدة، التي طالب فيها بإجراء تحقيق دولي في الأنشطة التخريبية الأوكرانية في القارة السمراء، تفتح الباب لمزيد من التحليل حول دور أوكرانيا في دعم الجماعات المسلحة في ليبيا ومالي.
التورط الأوكراني في هذه الأنشطة يعكس رغبة في توسيع نطاق نفوذها، خاصة في مناطق ذات أهمية استراتيجية، مثل الساحل الإفريقي، حيث تقوم بتقديم الأسلحة والطائرات المسيّرة، فضلاً عن تدريب بعض الفصائل المسلحة. بينما تدّعي أوكرانيا التزامها بالحياد، تشير التقارير إلى أنها تتورط في دعم جماعات متشددة على غرار "القاعدة" في مالي، مما يثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء هذا التوسع.
هذا التصعيد في السياسات الأوكرانية قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في مناطق حساسة، ويطرح تساؤلات حول مستقبل التوازنات الجيوسياسية في تلك المناطق.
وأصبحت الجزائر، التي لطالما اعتُبرت قوة توازن إقليمي، في موقف حساس جدًا. في ظل توجيه الاتهامات لها بشأن تسهيل عمليات التهريب العسكري عبر أراضيها، وتورطها المحتمل في دعم أوكرانيا في أنشطتها في ليبيا والجنوب الجزائري، يتعين على الجزائر أن تعيد تقييم استراتيجياتها في التعامل مع هذه الأزمات المتعددة. إن صمت الجزائر قد يُفهم، في هذا السياق، إما على أنه تفويض غير معلن للمصالح الأوكرانية، أو فشل في تقصي الحقائق داخل البلاد.
ويقول المحلل الأمني، فريد شرفي، خبير شؤون الساحل، أشار قائلاً: "إن صمت الجزائر في هذه القضية يمثل مغامرة استراتيجية خطيرة. ولا يمكن تجاهل هذه الأنشطة التي قد تؤثر بشكل مباشر على أمن الجزائر القومي. مع تصاعد التهديدات، من الضروري أن تصدر الجزائر موقفًا واضحًا قريبًا من هذه التطورات، وإلا قد يُعتبر ذلك بمثابة قبول ضمني للتدخلات الخارجية في المنطقة".
ويتواتر السؤال حول هذه الوضعية ، فهل ستتمكن الجزائر من الحفاظ على استقرارها في هذا المشهد المتقلب، أم أنها 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخبرته في العشب خلال زيارته لمنشأة شرطة الحدائق في منطقة أناكس
18:46 - 2025/08/24
نقلت وسائل إعلام رسمية، الأحد، عن المرشد الإيراني، علي خامنئي، قوله إن إيران ستقف بحزم في وجه
16:00 - 2025/08/24
تسبّب هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية في اندلاع حريق بمحطّة كورسك الروسية للطاقة النووية
08:23 - 2025/08/24
انسحبت مجموعة من الفرق الموسيقية من مهرجان فيكتوريوس بعد ان اعلنت فرقة الموسيقى الشعبية الأيرلندي
01:26 - 2025/08/24
ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية السبت أن زعيم البلاد كيم جونج أون أشرف على إطلاق صوا
00:52 - 2025/08/24
أعلن بنك HSBC البريطاني من خلال وحدته للخدمات المصرفية الخاصة في سويسرا، عن قرار مفاجئ بقطع علاقا
23:23 - 2025/08/23
ذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (إرنا) أن قوات الأمن قتلت ستة مسلحين بالرصاص في
22:19 - 2025/08/23
أعلنت العديد من خدمات البريد في أوروبا، يوم السبت، أنها سوف تعلق شحن الكثير من الطرود للولايات ال
18:18 - 2025/08/23