بمناسبة إفتتاح الدورة 33 لشهر التراث، اليوم الخميس، تزين المتحف الأثري بسبيطلة في ولاية القصرين، بحلة جديدة بعد تهيئته وتدّعميه بثماني نقائش لاتينية كانت موجودة بالموقع الأثري بسبيطلة وتم جلبها للمتحف بعد دراسة علمية تمت في الغرض من قبل مختصين مع نقيشة أخرى تم العثور عليها سابقا بمنطقة هنشير البقر في معتمدية العيون، ونقلت الى المتحف الوطني بباردو ولم تعرض بتاتا وبقيت حبيسة في مخازن المتحف.

وأوضح مدير عام وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، لطفي نداري، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن الموقع الأثري الروماني بسبيطلة يحتوي على عدة نقائش لاتينية تم التفطن إلى ضرورة نقلها إلى المتحف الأثري بالمنطقة وتقديمها للعموم بطريقة أكاديمية وسهلة عبر لوحات رقمية.

وبين أنه تم نقل عدد منها للمتحف الأثري بسبيطلة وتبويبها في شكل محاور أساسية منها المحور السياسي الذي يهم العائلة الإمبراطورية التي أثرت في التاريخ البلدي لمدينة سبيطلة، (4 نقائش لاتينية)، والمحور الديني خلال الفترة الوثنية، مشيرا في هذا الإطار إلى أن سكان مدينة سبيطلة القديمة قبل الفترة المسيحية كانوا يعبدون العديد من الآلهة من بينها "فينوس" آلهة الجمال وإله الماء والبحر" نيبتون" ، حيث تم جلب نقيشتين تخصهما مع نقيشة أخرى مهمة جدا في تاريخ مدينة سبيطلة قدمت لأحد أعيان سكان مدينة سبيطلة وهو عضو بالمجلس الروماني، قام بخدمات جليلة للسكان فقام أهالي المنطقة بتقديم نقيشة لاتينية مع جملة من التماثيل كهدية له.

وأضاف نداري أنه تم جلب نقيشة أخرى للمتحف الأثري بسبيطلة عثر عليها في موفى القرن 19 في منطقة هنشير البقر بالسفح الشمالي لجبل سمامة، مؤكدا أنها نقيشة ذات أهمية بالغة لأنها تحتوي على نسخة من محضر جلسة لمجلس الشيوخ في روما تتضمن ترخيص لاحداث سوق نصف شهرية جاءت بعد أن تقدم مواطن روماني من منطقة هنشير البقر بطلب لمجلس الشيوخ الروماني لتنظيم سوق تدار كل أسبوعين وتداول مجلس الشيوخ الروماني في منتصف القرن الثاني ميلادي في هذا المطلب وتقرر منحه ترخيص لإحداث هذه السوق وكتب المواطن الترخيص على هذه النقيشة التي تم جلبها للمتحف الأثري بسبيطلة وتعرض اليوم لأول مرة للعموم فيما تم الاحتفاظ بالنقيشة الثانية بمخازن المتحف الوطني بباردو.

وكشف النداري أنه إضافة إلى النقائش اللاتينية التي تم تأثيث بها المتحف الأثري بسبيطلة تم تركيز تطبيقة رقمية تقدم لأول مرة في المتاحف الأثرية بتونس هذه النقائش بشكل علمي بسيط وسلس عبر لوحات رقمية مثبتة بجانبها تقدم النص اللاتيني وتاريخه وترجمه باللغة الفرنسية وشرحه بطريقة سهلة وبسيطة بعد أن كانت هذه النقائش تمر مرور الكرام.
وبين أنه تم الانطلاق في تركيز التطبيقية الرقمية بالمتحف الأثري بسبيطلة كتجربة أولى سيتم تعميمها لاحقا على بقية المتاحف الأثرية بعد تقييمها وبعد استكمال جلب بقية النقائش من الموقع الأثري بسبيطلة لمتحف المنطقة ، لافتا إلى أنها تجربة فريدة من نوعها ومتميزة على ما هو موجود خارج أرض الوطن ساهم فيها مهندسو وكالة إحياء التّراث والتنمية الثقافيّة مساهمة فعّالة ما يؤكد أن الكفاءات التونسية بإمكانها أن تجعل من التراث في متناول الجميع .

يشار الى أن الدورة 33 لشهر التراث لسنة 2024 ، أفتتحت اليوم الخميس من الموقع الأثري بسبيطلة وهي متواصلة إلى غاية يوم 18 ماي وقد أختير لها هذا العام شعار "تراثنا... رؤية تتطور... تشريعات تواكب" بهدف تعميق الحوار وتبادل الأفكار في الشأن التراثي بمشاركة كلّ الأطراف المتدخلة انطلاقا من المؤسسات الثقافية، الجمعيات، المؤسسات الجامعية، مراكز البحوث ووسائل الإعلام و إمعان النّظر في الإطار القانوني الذي ينظم التعامل مع التراث الوطني بما يتناسب مع تطوّر المعايير والالتزامات الدّولية المرتبطة بمختلف أشكال حمايته وصيانته وتثمينه وتحسين مردوديّتة بين مختلف القطاعات ليصبح قطاعا واعدا وحيويا خالقا للثروة.