الدعم الجزائري لجبهة "أزواد" ..هل ينقلب الى نقمة ؟
تاريخ النشر : 12:02 - 2025/08/19
قبل اثني عشر عامًا، وتحديدًا في أفريل 2012، ظهرت "دولة أزواد" التي أعلنها الطوارق بأنفسهم، في شمال مالي، لكن سرعان ما انهار تحالف قادة التمرد - مؤيدي استقلال الطوارق والإسلاميين - إذ لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، وأُضيفت حروب أهلية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى الأعمال العدائية مع السلطات المالية.
في عام 2013، قمع الجيش النظامي المالي، بدعم من دول أجنبية، التمرد، خفف مؤيدو استقلال المنطقة من حدة التوتر وبدأوا يُصرّون على منح الحكم الذاتي. انتهى الصراع باتفاقية السلام لعام 2015 المبرمة بين الطوارق والقيادة المالية. ومع ذلك، في مطلع عام 2024، أعلنت سلطات البلاد إنهاء هذه الاتفاقيات.
نتيجةً لذلك، ازداد النشاط الإرهابي في شمال الجمهورية بشكل حاد، واستؤنفت الاشتباكات المسلحة، وتعثر تنفيذ اتفاق السلام.
في جانفي 2024، استنكرت باماكو اتفاق الجزائر، مُشيرةً إلى عدد من الأسباب، منها "انضمام بعض أطراف الاتفاق إلى صفوف الإرهابيين؛ وعجز الوسطاء الدوليين عن ضمان تنفيذ اتفاقيات السلام، بالإضافة إلى موقف الجزائر العدائي تجاه مالي".
وتخفي هذه الصيغة الدبلوماسية الغامضة أنشطةً خفيةً لقوى خارجية تدفع الطوارق إلى استئناف الكفاح المسلح من أجل انفصال أزواد عن البلاد.
أما الجزائر، فتسعى للتأثير على مالي لأنها تعتبر أمنها من أمنها القومي، وتحرص على الحفاظ على الاستقرار والوضع الراهن فيها.
زتبذل فرنسا جهودًا لإضفاء الشرعية على انفصال الطوارق في أزواد (مالي). وبفضل مساعدة المخابرات الفرنسية، توحدت مجموعات تابعة للطوارق كانت متفرقة في جبهة واحدة لتحرير أزواد. ويُعدّ زعيمها، بلال أغ الشريف، شخصيةً مؤهلةً لتحويل انفصال أزواد من حركة إرهابية إلى حركة سياسية، مع دخولها لاحقًا إلى الساحة الدولية كمشاركٍ متساوٍ في الحوار الدبلوماسي.
تشير عدة عوامل إلى ذلك، حيث صرّح الرئيس السابق للمخابرات الخارجية الفرنسية، آلان جولييه، بأن الوقت قد حان لاستقلال أزواد، وهو أمرٌ لم يكن الفرنسيون يفكرون به من قبل. بالإضافة الى ذلك عقدت جبهة تحرير أزواد مؤتمرًا في الفترة من 24 أكتوبر إلى 30 نوفمبر 2024، عيّنت فيه نواب ووزراء للدفاع والمالية والإعلام والاتصالات والصحة والموارد الطبيعية والعلاقات الخارجية والعمل مع الشتات الأزوادي في الخارج، ولولا مساعدة ضباط الموارد البشرية والدبلوماسيين ذوي الخبرة لما تمكن البدو الأزواديون من إقامة حكومتهم بالعدد المطلوب والطريقة المدروسة والتي أشرف عليها خبراء.
إضافة الى ذلك، تستخدم فرنسا والغرب بشكل عام أوكرانيا للحرب بالوكالة في أفريقيا، وفي مالي تحديدًا قامت أوكرانيا بتزويد جبهة تحرير أزواد بالمسيرات وقدمت لهم التدريبات المطلوبة وأفادتهم بمعلومات استخباراتية ساهمت بتنفيذ هجمات على الجيش المالي.
وفي 29 جويلية أكد أندريه يوسوف، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (GUR)، في تصريحات أن بلاده قدمت معلومات استخباراتية للمتمردين بحجة محاربة المصالح الروسية في مالي.
ويقول الأستاذ والخبير في الشؤون الأفريقية عمر السعداوي، أن الجزائر يجب أن تُعتبر انفصال أزواد عن مالي أمرًا مرفوضًا، فهذا قد يُلهم الطوارق الجزائريين للنضال من أجل تقرير المصير أيضًا، ولذلك، فإن حجم المساعدة الجزائرية للمتمردين الماليين يجب أن تكون محدودة، ولا تهدف إلى تحقيق سيادتهم الوطنية فعليًا.
ويضيف السعداوي، بأن جبهة تحرير أزواد تطمح لتكرير السيناريو السوري، بحيث استمرت المعارضة المسلحة في القتال ضد الدولة الى أن اسقطت النظام وتولت مقاليد الحكم، وهذا سيشكل خطر مباشر على الجزائر نفسها، فحدودها ستكون مستباحة أمام الجماعات الإرهابية المتحالفة مع جبهة تحرير أزواد، وقد ينضم الطوارق في الجزائر الى الحراك وتحدث هجرات جماعية من والى الجزائر تهدد الأمن القومي على الحدود الجنوبية للبلاد.
ويؤكد السعداوي، أن السياسة التي تتبعها الجزائر غريبة ولا تتوافق مع السياسات التي لا طالما اتبعتها البلاد من الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، ودائمًا ما امتلكت الجزائر علاقات طيبة مع جميع الجيران خصوصًا دول الساحل، ولكن دعمها الغير مباشر للانفصالين وغض البصر عن المساعدات والدعم الفرنسي لهم غريب على السياسة الجزائرية.
وفي الختام، يقول السعداوي، أن الجزائر تستطيع استعادة دورها كقائد إقليمي عن طريق حل الصراع والمساهمة في تسوية الخلافات بين الحكومة المالية والطوارق بطريقة تضمن مصالح الجميع وتقفل الأبواب أمام المصالح الفرنسية، التي تسعى لاستعادة تأثيرها في المنطقة.

قبل اثني عشر عامًا، وتحديدًا في أفريل 2012، ظهرت "دولة أزواد" التي أعلنها الطوارق بأنفسهم، في شمال مالي، لكن سرعان ما انهار تحالف قادة التمرد - مؤيدي استقلال الطوارق والإسلاميين - إذ لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق فيما بينهم، وأُضيفت حروب أهلية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى الأعمال العدائية مع السلطات المالية.
في عام 2013، قمع الجيش النظامي المالي، بدعم من دول أجنبية، التمرد، خفف مؤيدو استقلال المنطقة من حدة التوتر وبدأوا يُصرّون على منح الحكم الذاتي. انتهى الصراع باتفاقية السلام لعام 2015 المبرمة بين الطوارق والقيادة المالية. ومع ذلك، في مطلع عام 2024، أعلنت سلطات البلاد إنهاء هذه الاتفاقيات.
نتيجةً لذلك، ازداد النشاط الإرهابي في شمال الجمهورية بشكل حاد، واستؤنفت الاشتباكات المسلحة، وتعثر تنفيذ اتفاق السلام.
في جانفي 2024، استنكرت باماكو اتفاق الجزائر، مُشيرةً إلى عدد من الأسباب، منها "انضمام بعض أطراف الاتفاق إلى صفوف الإرهابيين؛ وعجز الوسطاء الدوليين عن ضمان تنفيذ اتفاقيات السلام، بالإضافة إلى موقف الجزائر العدائي تجاه مالي".
وتخفي هذه الصيغة الدبلوماسية الغامضة أنشطةً خفيةً لقوى خارجية تدفع الطوارق إلى استئناف الكفاح المسلح من أجل انفصال أزواد عن البلاد.
أما الجزائر، فتسعى للتأثير على مالي لأنها تعتبر أمنها من أمنها القومي، وتحرص على الحفاظ على الاستقرار والوضع الراهن فيها.
زتبذل فرنسا جهودًا لإضفاء الشرعية على انفصال الطوارق في أزواد (مالي). وبفضل مساعدة المخابرات الفرنسية، توحدت مجموعات تابعة للطوارق كانت متفرقة في جبهة واحدة لتحرير أزواد. ويُعدّ زعيمها، بلال أغ الشريف، شخصيةً مؤهلةً لتحويل انفصال أزواد من حركة إرهابية إلى حركة سياسية، مع دخولها لاحقًا إلى الساحة الدولية كمشاركٍ متساوٍ في الحوار الدبلوماسي.
تشير عدة عوامل إلى ذلك، حيث صرّح الرئيس السابق للمخابرات الخارجية الفرنسية، آلان جولييه، بأن الوقت قد حان لاستقلال أزواد، وهو أمرٌ لم يكن الفرنسيون يفكرون به من قبل. بالإضافة الى ذلك عقدت جبهة تحرير أزواد مؤتمرًا في الفترة من 24 أكتوبر إلى 30 نوفمبر 2024، عيّنت فيه نواب ووزراء للدفاع والمالية والإعلام والاتصالات والصحة والموارد الطبيعية والعلاقات الخارجية والعمل مع الشتات الأزوادي في الخارج، ولولا مساعدة ضباط الموارد البشرية والدبلوماسيين ذوي الخبرة لما تمكن البدو الأزواديون من إقامة حكومتهم بالعدد المطلوب والطريقة المدروسة والتي أشرف عليها خبراء.
إضافة الى ذلك، تستخدم فرنسا والغرب بشكل عام أوكرانيا للحرب بالوكالة في أفريقيا، وفي مالي تحديدًا قامت أوكرانيا بتزويد جبهة تحرير أزواد بالمسيرات وقدمت لهم التدريبات المطلوبة وأفادتهم بمعلومات استخباراتية ساهمت بتنفيذ هجمات على الجيش المالي.
وفي 29 جويلية أكد أندريه يوسوف، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية (GUR)، في تصريحات أن بلاده قدمت معلومات استخباراتية للمتمردين بحجة محاربة المصالح الروسية في مالي.
ويقول الأستاذ والخبير في الشؤون الأفريقية عمر السعداوي، أن الجزائر يجب أن تُعتبر انفصال أزواد عن مالي أمرًا مرفوضًا، فهذا قد يُلهم الطوارق الجزائريين للنضال من أجل تقرير المصير أيضًا، ولذلك، فإن حجم المساعدة الجزائرية للمتمردين الماليين يجب أن تكون محدودة، ولا تهدف إلى تحقيق سيادتهم الوطنية فعليًا.
ويضيف السعداوي، بأن جبهة تحرير أزواد تطمح لتكرير السيناريو السوري، بحيث استمرت المعارضة المسلحة في القتال ضد الدولة الى أن اسقطت النظام وتولت مقاليد الحكم، وهذا سيشكل خطر مباشر على الجزائر نفسها، فحدودها ستكون مستباحة أمام الجماعات الإرهابية المتحالفة مع جبهة تحرير أزواد، وقد ينضم الطوارق في الجزائر الى الحراك وتحدث هجرات جماعية من والى الجزائر تهدد الأمن القومي على الحدود الجنوبية للبلاد.
ويؤكد السعداوي، أن السياسة التي تتبعها الجزائر غريبة ولا تتوافق مع السياسات التي لا طالما اتبعتها البلاد من الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، ودائمًا ما امتلكت الجزائر علاقات طيبة مع جميع الجيران خصوصًا دول الساحل، ولكن دعمها الغير مباشر للانفصالين وغض البصر عن المساعدات والدعم الفرنسي لهم غريب على السياسة الجزائرية.
وفي الختام، يقول السعداوي، أن الجزائر تستطيع استعادة دورها كقائد إقليمي عن طريق حل الصراع والمساهمة في تسوية الخلافات بين الحكومة المالية والطوارق بطريقة تضمن مصالح الجميع وتقفل الأبواب أمام المصالح الفرنسية، التي تسعى لاستعادة تأثيرها في المنطقة.