التونسيون في الخارج: هل أصبحوا "ماركة مسجلة" في الأرهاب؟

التونسيون في الخارج: هل أصبحوا "ماركة مسجلة" في الأرهاب؟

تاريخ النشر : 13:08 - 2021/04/29

مر التونسيون في الخارج المسافرون منهم و المقيمون بفترتين على امتداد الخمسين سنة الفارطة في علاقتهم بمواطن الاقامة و السفر .
الاولى: انطلقت منذ الاستقلال حيث تحولت اعداد كبيرة من التونسيين الى أوروبا وقد ساهم هؤلاء في عملية البناء في دول على غرار فرنسا و المانيا و ايطاليا و التي كانت تتحسس طريقها نحو النهضة من جديد بعد مخلفات الحرب العالمية الثانية .
وقد انصهر التونسيون في تلك المجتمعات انصهارا يكاد يكون كليا حيث شهدت سنوات السبعينات مثلا أكبر نسبة هجرة من تونس الى الخارج كما شهدت أكبر نسبة ارتباط بالزواج بين تونسيون و اوروبيات او العكس .وهذا ما جعل تونس أكثر بلدان المتوسط انفتاحا على اوروبا و على العالم.
وقد أثبت التونسي في تلك الفترة احقيته بالعمل في أي موقع يوضع فيه و بسرعة اكتسبت الجالية التونسية في اغلب الدول احترام الجميع لاقتران اسم التونسي و جواز سفره بالامانة و الصدق و التفاني في العمل .
الثانية: وهي فترة التحول الكبير و التي انطلقت منذ ديسمبر 2010 عند احداث الثورة التونسية حيث فتحت الحدود البحرية التونسية على مصراعيها امام الهجرة الغير شرعية ما نتج عنه وصول عشرات الالاف من الشباب الى ايطاليا ومن ثم انتشروا في كامل اوروبا .وهؤلاء من بينهم المنحرفون و المتشددون و الارهابيون .وهؤلاء جميعا وفي فترة قياسية نسفوا الصورة الجميلة و الوردية التي كنا نتحدث عنها .
وقد كان تورط عدد من التونسيين في عمليات ارهابية و قتل و ذبح و اغتصاب في عدد من الدول الاوربية الطابع المميز و العلامة التجارية حيث أصبح ينظر للتونسيين بريبة و تخوّف بعدما كان ينظر اليهم نظرة احترام و اطمئنان و تقدير .
وقد نجح مع الاسف بضعة عشرات  من الخارجين عن القانون في تونس الى الوصول الى اوربا و افساد صورة حوالي مليون ونصف من أبناء وطنهم لاذنب لهم سوى التشارك في نفس الجنسية .
والخطير في الامر هي ظاهرة التخلي الطوعي عن الجنسية التونسية حيث لم يعد المقيمون في الخارج متحمسين لتمتيع ابنائهم من الجيل الرابع بجنسية ابائهم و اجدادهم وهم يولدون بجنسية البلد الذي ولدوا فيه لان الجنسية التونسية مع الاسف أصبح غير مرغوب فيها و غير مرحب بها .
أما السبب الحقيقي في تورط عدد كبير من التونسيين في عمليات ارهاب و قتل و اغتصاب فيفسره العدد الاكبر من المساجين  حيث يواجه اكثر من 2016 شخصا، من بينهم 13 امرأة، "خطر النسيان" في السجونالإيطالية. كما لا يقلّ عدد المساجين التونسيين في فرنسا عن الـ1000 حسب الإحصائيات الرسمية، وذلك في ظل انقطاع الصلة بينهم وبين أهاليهم وعدم وجود متابعة لوضعياتهم من قبل السلطات التونسية، بعد تراجع الخدمات المقدمة للجالية بالخارج ، وهو ما جعل  العديد منهم يسقط في دوامة التنظيمات الإرهابية.
ان التونسيين اليوم يعيشون احراجا حقيقيا في بلدان اقامتهم جراء اعمال صبيانية من فئة صغيرة ضالة افسدت الصورة التي ارتسمت عند الاوربيين عنا .وما يزيد في هذا الاحراج هو ضعف الديبلوماسية التونسية و ضعف خطابها الاعلامي حيث من المفروض أن يصاحب هذه العمليات الارهابية التي يتورط فيه تونسيين حملة اعلامية من قنصلياتنا و سفاراتنا لمؤازرة التونسيين و التضامن مع الاوربيين و تبيان أن الشاذ يحفظ و لا يقاس عليه كما يقول المثل و تبيان أن تونس معروفة بتسامحها الديني المعتدل ون الارهاب الكريه لم يستشري في عقول الشباب الا بعد ثورة 2011 التي أتت على الاخضر و اليابس في تونس و احرقت صورة التونسيين في الخارج.
و يبقى الحل بيد الحكومة ووزارة الخارجية و القنصليات فهؤلاء جميعا مطالبون بتصحيح صورة التونسيين في الذهنية الاوروبية و لابد للحكومة ولرئاسة الجمهورية من وضع خطة و استراتيجية واضحة لاستعادة الصورة الجميلة للتونسيين و التي تحدثنا عنها في اول المقال.
كما انه منوط بعهدة هؤلاء بضرورة حماية الجاليات في أوربا خاصة و التي أصبحت تتعرض للمضايقة جراء تورط تونسيين في الارهاب .
فالتونسي اليوم تحول مع الاسف الى "ماركة مسجلة في الارهاب" و الفضل في ذلك يعود الى مراهقي السياسة و تجار الدين في وطني.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22
تصاعدت منذ انطلاق طوفان الأقصى وتيرة مواجهة الكيان الصهيوني من خارج فلسطين وأصبحت ظاهرة بارزة بصد
07:00 - 2024/04/21