بقلم عبد الجليل المسعودي: بعد الكورونا،مستقبل جديد؟

 بقلم عبد الجليل المسعودي: بعد الكورونا،مستقبل جديد؟

تاريخ النشر : 14:05 - 2020/04/03

  في حواره التلفزي الطويل، امس، والذي خصصه، منطقيا،لتقديم الإجراءات التي اتخذتها حكومته للتصدي لمخاطر و تداعيات جائحة الكورونا، فتح السيد الياس الفخفاخ رئيس الحكومة نافذةً على المستقبل حين أشار الى ان هذه الأزمة يمكن ان تتيح فُرصة هامة لبلادنا لتكون منصّةً صناعية و تجارية جهوية. 
و دون تردد نقول إن ما ذهب اليه السيد الفخفاخ هو عين الصواب. وهو الأساس. لان الأهم في الزمن السياسي ليس الحاضر الذي  هو من صُنع الماضي، و إنما الأهم هو المستقبل الذي نصنعه ونشكّله الآن، حاضرا.
كل دول العالم اليوم منكبّة على التفكير في ما بعد أزمة الكورونا لان الجميع  على قناعة تامة ان هذه الجائحه الغير مسبوقة ستفرض لا محالة تغييرات عميقة في التفكير و التصور و الإدارة لشؤون كل بلد، و لعلاقة الدول فيما بينها ومع المنظمات الدولية.
نعم، بلادنا قادرة ان تتحول، غدا،بعد ان تمرّ العاصفة و تهدأ الأمور و تبدا نتائج المراجعات في التفعيل، الى منصّة للاستثمار الصناعي و التجاري الخارجي  و الى ر أس جسر ساحلي و نقطة تقاطع قاري للسلع و الخدمات لما تتمتّع به من مزايا طبيعية و ثقافية اولها موقعها  الجغرافي المواتي ومستوى و كفاءة  شعبها.غير انه  لإدراك هذه الأمنية لا بد من توفّر شرط لازم: الاستقرار السياسي. و الاستقرار السياسي يُبنى على الثقة، كما ذكر السيد الفخفاخ في حواره.والثقة تحتاج الى  التزام كلّ بدوره الدستوري.و هي بالتأكيد مسؤولية من هم على راس السلطة.
 في انتظار تحقق الاستقرار  نهائيا و دون رجعة، يجدر بنا من  الآن توجيه نظرة تطلّعية الى التطورات المنهجية التي يمكن اتباعها لتهيئة هذا التغيير الكبير الذي تتيحه و تفرضه مراجعات ما بعد الكورونا.
من هذه التطورات و جوب إعطاء الأولوية القصوى لمسألة البيئة.ذلك ان نجاحنا مستقبلا في كل مسعى او توجّه لاستقطاب الاستثمارات الخارجية و استقبال السياح و تحقيق حلم تحويل بلادنا الى منصة صناعية و تجارية يتم عبر النهوض ببيئة نظيفة. و لننتبه: العملية ليست عملية اشهارية في شكل بعث و زارة كادجيت( gadget) تعنى احيانا بمصبات الفواضل - وان كان ذلك مهمّا-،و إنما هو مشروع حضاري كبير متكامل يهم معيشتنا و تنظيمنا العمراني ، و تنقلنا،و فلاحتنا ،و سياحتنا...  بل و حتى نظرتنا للكون، للمستقبل.
تونس في استطاعتها ان تصبح بلدا نموذجيا في المحافظة على البيئة و تطويرها.وقد لا يكون لها اختيار آخر. و هي قادرة ان تحوّل شحّ ثرواتها الطبيعية الى افضلية و تميّز فتعمل على اعادة الاعتبار للمهن الفلاحينة و تشجع على الفلاحةالبيولوجية، و تضع الحوافز لعودة الشباب الى خدمة الأرض عوض تكدّسهم في مقاهي المدن الكبرى، خصوصا و ان الدولة تمتلك أراض شاسعة.
و من المهن التي يجب النهوض بها مستقبلا مهن الصحّة لما اتضح من قيمة حيوية لدورها و مكانتها في المجتمع، و بلادنا قادرة في هذا السياق ان تكون مقصدا عالميا للاستشفاء و التداوي و الاستجمام. 
و سياحتنا مطالبة ان تطرح عنها صورة الوجهة الرخيصة و النزل المغلقة على زبائنها، و ان تتوجّه نحو القيمة المضافة التي توفرها السياحة الثقافية و البيئة.
يجب علينا ان نحسن بيع تفاح تونس و عسل تونس و برتقال تونس و زيت تونس، و كذلك تراث تونس و نمط عيش تونس... و كل ذلك مع العمل، كما وعد بذلك رئيس الحكومة، على تحقيق النقلة الرقمية التي تدخلنا الحداثة من بابها الكبير.
انه مشروع  ضخم. انه تغيير عصر يجب ان نعمل كلنا جميعا على التخطيط له بوعي و هدوء و ثقة و بإسهام كل ما تعدّ بلادنا من قدرات و طاقات.
 و صورة هذا الشروع ان تصبح تونس خضراء أبداً.و ان يقتنع  كل تونسي ان كل شجرة تُزرع هو فيروس يموت. لانها الحقيقة العلمية الثابتة اليوم.

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

نعم ثمة هجرة وثمة تهجير وثمة حرب تهجير متنقلة.
19:30 - 2024/05/06
عندما نتناول بالبحث والتدقيق من خلص البلاد التونسية من الاستعمار الفرنسي  أمثال الزعيم الحبيب بور
08:51 - 2024/05/06
أشرقت الأنوار يوم 23 ديسمبر2021 عندما أقدمت رئيسة إحدى الدّوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية على
08:50 - 2024/05/06
لا شبيه لدولة إسرائيل في كل شيء عبر كل العصور، وكي تكون كما كانت وتصورتها الحركة الصهيونية وجسدته
08:49 - 2024/05/06
لقد تبين للقاصي والداني بعد طوفان الأقصى اننا نعيش في عالم التوحش، وإلى ما بعد التوحش.
08:49 - 2024/05/06
إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03