رفع شعار «لا للخيانة» الشعب يصْطفّ وراء الرئيس

رفع شعار «لا للخيانة» الشعب يصْطفّ وراء الرئيس

تاريخ النشر : 14:05 - 2025/12/24

يفترض أن تتكيف رهانات المرحلة مع الشعار المركزي الذي رفعه الشعب الأسبوع الفارط في شارع الحبيب بورقيبة «لا للخيانة».

والواضح أن رفع هذا الشعار يمثل انعكاسا لعاملين اثنين أولهما قوة شخصية ومواقف رئيس الدولة تجاه المسألة السيادية وثانيهما تراكم الوعي العام بخطورة منظومات الاختراق الخارجي التي تعد السبب الرئيسي لتباطؤ مسار الإصلاح وتفشي الاحساس بالاختناق رغم وضوح الخيارات الكبرى المنبثقة عن لحظة 25 جويلية والتي تدور حول ركيزتين أساسيتين الاستقلالية الكاملة للقرار الوطني والمساواة الكاملة بين الأفراد في الداخل بوصفهما أساس بناء وطني يجسّد كرامة الأجيال الراهنة ويحمي الأجيال القادمة من خطر الارتداد إلى التخلف والاستعمار.

وبالمحصّلة يمثل هذا الشعار المركزي نتاج تجربة مريرة خاضها الشعب التونسي طيلة أكثر من أربع سنوات استنفرت خلالها منظومات الاختراق لاعاقة الجهد الوطني وبث الشعور بالاحباط والتشكيك في خيارات المرحلة الجديدة باستخدام أساليب نمطية مثل الحرب النفسية والتخريب وصناعة الجريمة وتعطيل دواليب الدولة وذلك بهدف تسليط ضغوطات على المسار السيادي تعيد تونس إلى مربع المساومة والابتزاز. 

والأهم من ذلك أن هذه الضغوطات تهدف إلى استنزاف مؤسسات الأمن القومي لإحداث ثغرات تمكن من تفعيل سلاح الارهاب الذي كان ولايزال الأداة الحيوية التي تستخدمها «المنظومة الصهيونية» لتدمير الدول وتركيع الشعوب خاصة في هذا الظرف الدقيق الذي تزداد فيه هذه المنظومة توحّشا كلما تراكمت مؤشرات انفجارها من الداخل وهو ما يفرض على الدول الحرة مثل تونس تعبئة وطنية شاملة تتعارض شكلا ومضمونا مع أي تسامح أو تعويم للخيانة التي تتسبب في نهش لحم الشعب السوداني الشقيق وتمزيق أوصال الدولة في سوريا وليبيا.

كما تظهر هذه التجربة المريرة مركزية الأجهزة السرية للإخوان بمكوناتها المالية والأمنية في هرم الخيانة الذي يتألف من جحافل الهاربين من القضاء المتحصنين بعواصم غربية وعربية مثل فرنسا والامارات وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة تضطلع بوظيفة الحرب النفسية الهادفة إلى شيطنة وعزل تونس والشبكات التحتية التي تمارس أبشع أشكال التخريب والتأزيم مثل «حرب المخدرات» التي تشن على تونس بهدف تدمير قوّتها الضاربة الشباب وتعود مرجعيتها إلى «حرب الأفيون» التي ابتكرها العقل البريطاني الفاسد واستخدمت لأول مرة في القرن التاسع عشر لتدمير الامبراطورية الصينية بما يعني أن القوى الخارجية التي فرضت معادلة الربيع العبري تستخدم اليوم حرب المخدرات لإنهاء ما عجز عنه الارهاب خلال عشرية الدم والخراب وهو ما يستدعي تعبئة وطنية شاملة تجعل من هذه الحرب حرب الشعب بأسره.

وعلى هذا الأساس تتحمل السلطات العمومية مسؤولية تجسيد إرادة الشعب بابتكار أدوات فعالة لتجفيف منابع «الخيانة» تقتضي بديهيا تطوير التشريعات ذات الصلة لكنها تتطلب بالأساس معالجة هيكلية تحسم في المعضلات القائمة وفي مقدمتها كثافة المال الفاسد المنبثق عن تغوّل الاقتصاد الأسود المجسّد لتحالف «الإخوان المافيا» خلال العشرية السوداء وتنظيف دواليب الدولة من الاختراقات الخطيرة التي حصلت أساسا إبان حكم الترويكا وتتسبب في هذا الصراع القائم بين سواعد البناء ومعاول الهدم في هرم الدولة.

كما حان الوقت لتحويل مكامن الضعف إلى نقاط قوة فالسواحل التونسية على سبيل المثال تشهد تفاقم التهديدات الأمنية بسبب الفراغات التي يتسبب فيها تباطؤ نسق تطوير الصناعات البحرية التي يفترض أن تمنح تونس القدرة على تحصين سواحلها بالاعتماد على قدراتها الذاتية فالبحر أيضا يأبى الفراغ.

كما يتبين بعد تجربة عقود طويلة أن الإمكانيات المتاحة للديبلوماسية التونسية تمثل تقصيرا خطيرا إزاء متطلبات الأمن القومي الذي يرتكز على الخارج قبل الداخل وهو ما يفرض مقاربة أخرى تمكن من تعميم البعثات الديبلوماسية على كل دول العالم وتمكينها من الموارد البشرية والإمكانيات المادية اللازمة للاضطلاع بهذا الدور الحيوي.

وتتحمل الديبلوماسية التونسية في المقابل مسؤولية تفعيل ورقات الضغط التي تمتلكها تونس لاستعادة المطلوبين للقضاء التونسي الهاربين إلى الخارج تتويجا للتضحيات الجسام التي تحمّلتها مؤسسات الدولة ومكونات الشعب دفاعا عن السيادة الوطنية حيث أن نموذج للتحرر الذي أصبحت تجسّده بلادنا يؤهلها لفرض إرادتها على جميع الدول دون استثناء.

وبالنتيجة يؤكد شعار «لا للخيانة» أن النخبة الفاسدة الموروثة عن حقبات مترابطة من «دولة الغنيمة» هي التي تحجب الوعي المتقدم للشعب التونسي وفهمه الدقيق لما يدور في تونس وحولها بقدر ما يؤكد في المقابل أن الشعب لم يعد بإمكانه تحمل المزيد من إهدار الوقت وكأن تونس عادت إلى لحظة 25 جويلية لتحسم استحقاقات ظلت عالقة بسب استنزاف المنظومة القديمة وضغوطات المخاض العالمي المتوحّش والمعقد وهو ما يرجّح أن تونس دخلت مرحلة جديدة ستجسّد بوضوح مفهوم العدو المشترك «الصهاينة والإخوان» خصوصا بعد تكسّر كل الكيانات الوسيطة التي تشكل ما يسمى الطابور الخامس أمام ثبات مسار الإصلاح.

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تعود منطقة البحر الكارييبي إلى واجهة التوتر الدولي مع تصاعد الحديث عن استعداد إدارة دونالد ترامب
07:00 - 2025/12/24
يدخل القانون المتعلّق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العا
17:37 - 2025/12/23
قدّم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، اليوم الثلاثاء، استقالته، وفق م
14:49 - 2025/12/23
حملات واسعة تقودها جماعات متعددة الانتماءات والمرجعيات هدفها ضرب العلاقة بين تونس والجزائر وزراعة
07:00 - 2025/12/23
تتواصل الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ما جعله يمرّ بوضع انساني غير مسبوق
07:00 - 2025/12/23
أكد «فتحي عشّوش» رئيس جمعية الصداقة  التونسية الروسية أن موسكو تحدوها  إرادة ثابتة لتطوير علاقات
07:00 - 2025/12/23