مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني

مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني

تاريخ النشر : 19:21 - 2025/12/03

في خطوة تاريخية جديدة، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية أعضائها على قرار يدعو إلى تسوية سلمية للقضية الفلسطينية، بناء على حل الدولتين، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في قرار جاء بعد عقود من الصراع والظلم، يشكّل ضربة قوية للكيان الصهيوني، الذي يستمر في تجاهل الشرعية الدولية، ويعتمد على القوة والقمع لإطالة أمد احتلاله غير القانوني.
لا شكّ أن هذا القرار ليس الأول الذي تصدره الأمم المتحدة ضد الممارسات الإسرائيلية، ولن يكون الأخير، لكنه يأتي في سياق متزايد من العزلة الدولية لإسرائيل، فمنذ قرار تقسيم فلسطين عام 1947، ومرورا بقرارات مجلس الأمن التي تدين الاستيطان والاستيلاء على الأراضي، لم تتوقف المنظمة الدولية عن تأكيد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ففي الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في توسيع مستوطناتها، وهدم منازل الفلسطينيين، وقتل المدنيين، يأتي هذا القرار ليؤكد أن العالم لم يعد يتسامح مع هذه الانتهاكات، في رسالة واضحة مفادها أنه لا يمكن لإسرائيل الاستمرار في تجاهل القانون الدولي دون أن تواجه عواقب سياسية ودبلوماسية.
إسرائيل، التي اعتادت على الدعم غير المشروط من بعض الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، تجد نفسها اليوم في موقف أكثر صعوبة، فمع تزايد الوعي العالمي بالممارسات الإسرائيلية، وتغير المواقف السياسية في أوروبا وأمريكا اللاتينية، أصبحت إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى.
والقرار الجديد ليس مجرد إدانة أخلاقية، بل هو خطوة أخرى في نهج تكريس المزيد من العزلة على الكيان الغاصب في ظل رفضه للسلام، فالدول التي صوتت لصالح القرار، بما في ذلك بعض حلفاء إسرائيل التقليديين، أرسلت رسالة واضحة تؤكد أن الوقت قد حان لإنهاء الاحتلال، وضمان حقوق الفلسطينيين.
ومع ذلك، يبقى السؤال المركزي متعلقا بسبل فرض تحقيق تسوية سلمية في ظل رفض إسرائيل المتكرر لأي حل عادل، خاصة وأن التاريخ يظهر أن الكيان الصهيوني لم يلتزم قط بالقرارات الدولية إلا تحت ضغط قوي، وهو ما يستوجب من المجتمع الدولي اتخاذ خطوات جادة لفرض هذا القرار، وليس مجرد إصداره.
فالتسوية السلمية تتطلب أكثر من مجرد كلمات، تحتاج قطعا ضغطا اقتصاديا وسياسيا على الكيان المحتل لوقف الاستيطان، ورفع الحصار عن غزة، وإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، والاعتراف بحق العودة للاجئين، ودون ذلك، سيبقى هذا القرار مجرد وثيقة أخرى في أرشيف الأمم المتحدة، دون تأثير حقيقي على الأرض.
ومن الثابت أن قرار الأمم المتحدة الجديد هو انتصار دبلوماسي للشعب الفلسطيني، لكنه ليس نهاية الطريق، فالتحديات لا تزال كبيرة، خاصة في ظل عهدة الحكومة الإسرائيلية الفاشيّة التي ترفض أي تنازل، غير أن ما لا يمكن إنكاره من جهة أخرى هو أن العالم اليوم أصبح أكثر وعيا بالقضية الفلسطينية.
وما على الفلسطينيين اليوم إلا استثمار هذا الدعم الدولي لمواصلة نضالهم ضد المحتل الغاصب، وعلى الدول العربية والإسلامية أن توحد جهودها لضمان تنفيذ هذا القرار، أما إسرائيل، فإما أن تستجيب لمطالب السلام، أو تواجه المزيد من العزلة في ظل تغيّر السياقات وسقوط «الهاسبارا» الصهيونية وانقلاب الرأي العام الدولي عليها بعد عقود من تزييف الوعي الذي مورس عليه.
هاشم بوعزيز

تعليقات الفيسبوك