حذّرت السلطات المحلية بمدينة فيلادلفيا الأمريكية من المخاطر الصحية الناجمة عن الارتفاع القياسي في درجات الحرارة، حيث أعلنت حالة "الطوارئ الصحية المرتبطة بالحرّ"، تزامنًا مع استعداد نادي تشيلسي الإنجليزي لخوض مباراته القادمة ضمن منافسات كأس العالم للأندية ضد نادي الترجي الرياضي التونسي، والمقرّر إقامتها في ملعب "لينكولن فاينانشال فيلد"، معقل فريق فيلادلفيا إيغلز، مساء الثلاثاء.

ومن المتوقع أن تصل درجات الحرارة في المدينة إلى 39 درجة مئوية، وهو ما دفع مدرب تشيلسي، إنزو ماريسكا، إلى اتخاذ تدابير احترازية، من بينها تقليص دقائق اللعب للاعبين المعروفين بتاريخهم مع الإصابات العضلية، مثل ريس جيمس وروميو لافيا. كما منح الفريق يوم راحة لتقليل الحمل البدني، في إطار خطة تهدف إلى التكيّف مع الظروف المناخية القاسية.

وفي السياق ذاته، ستُجرى مباراة أخرى ضمن البطولة ظهر اليوم على نفس الملعب، حيث يلتقي يوفنتوس الإيطالي مع الوداد المغربي، بالتزامن مع بدء سريان حالة الطوارئ رسمياً.

السلطات الصحية في فيلادلفيا دعت السكان والزوار إلى تجنّب ممارسة الأنشطة الشاقة أو التعرّض المباشر لأشعة الشمس لفترات طويلة، تجنبًا لمخاطر الإصابة بالإجهاد الحراري أو ضربة الشمس.

من جهتها، أكدت "فيفا" في تصريح لصحيفة "ميل سبورت" أنها تتابع عن كثب تطورات الوضع المناخي، مشيرة إلى أن خبراءها الطبيين على تواصل مستمر مع الأطقم الطبية للفرق المشاركة، وأن أولوية الاتحاد الدولي القصوى تتمثل في ضمان سلامة اللاعبين وجميع المعنيين بالبطولة.

ويواصل الجدل المناخي إلقاء بظلاله على مباريات كأس العالم للأندية، إذ أن لقاء تشيلسي السابق ضد لوس أنجلوس إف سي أُقيم في أجواء مغايرة تمامًا داخل ملعب "مرسيدس بنز" في أتلانتا، حيث ساهم السقف المغلق ونظام التكييف الضخم في خلق بيئة شبه مثالية، أشبه بممارسة كرة القدم داخل "ثلاجة"، على حد وصف بعض المراقبين.

لكن الوضع يختلف في "لينكولن فاينانشال فيلد"، ملعب المواجهة المرتقبة أمام الترجي التونسي، إذ أنه مكشوف ومعرّض بشكل مباشر للظروف المناخية. ومن اللافت أن كلا الملعبين سيكونان ضمن الملاعب المستضيفة لكأس العالم 2026، والتي ستُجرى بدورها في قلب الصيف الأمريكي، ما يضع تحديات إضافية على المنتخبات الأوروبية غير المعتادة على مثل هذه الظروف القاسية.

مدرب منتخب إنجلترا، توماس توخيل، يتواجد حاليًا في الولايات المتحدة ضمن جولة استكشافية، وقد حضر مؤخرًا مباراة بايرن ميونيخ ضد بوكا جونيورز في ميامي، التي انتهت بفوز الفريق البافاري 2-1، وشهدت تسجيل هاري كين للهدف الافتتاحي. ورغم حرارة الأجواء، تشير مصادر من داخل الاتحاد الإنجليزي إلى أن تركيز توخيل ينصبّ أكثر على زيارة المنشآت والتجهيزات، وليس على أداء اللاعبين في ظل الحرارة المرتفعة.

من جانبه، اعتبر كين أن التعرّض المبكر لهذا المناخ الحار يمثل فرصة ثمينة للاستعداد لكأس العالم القادمة، قائلًا: «يجب أن نعرف كيف نتكيّف. الأمر صعب نعم، لكن فيه فائدة. هذه تجربة قيّمة لي ولعدد من لاعبي إنجلترا الذين سيخوضون هذه البطولة الصيف المقبل».

وأضاف: «هذه المباريات لها طابع خاص، وعندما تغادر الملعب وأنت تتصبب عرقًا وتعاني من الشد العضلي بعد أن أعطيت كل ما لديك، تشعر بإحساس استثنائي، لا يُضاهيه شيء، خاصةً إن فزت».

اللافت أن الفرق القادمة من أمريكا الجنوبية بدت أكثر قدرة على التأقلم مع الحرارة. ففريق بوتافوغو البرازيلي أطاح بباريس سان جيرمان، كما تمكّن فلامنغو من هزيمة تشيلسي. مدرب فلامنغو، فيليبي لويس، وهو لاعب سابق في تشيلسي، أرجع ذلك إلى اعتياد لاعبيه على الظروف القاسية، مشيرًا إلى أن «الأجواء، العشب المختلف، والارتفاعات في بعض ملاعب القارة تجعلنا نتكيّف باستمرار».

وفي ظل هذا الوضع المناخي، وضعت سلطات فيلادلفيا عددًا من التدابير الوقائية، من بينها تخصيص خط ساخن يُعرف بـ"Heatline"، ونشر مراكز تبريد، بالإضافة إلى زيارات ميدانية للمحتاجين ومساعدة المشردين ضمن خطة طوارئ أُعلن فيها "الرمز الأحمر" لضمان عدم تعرّض الفئات الضعيفة للمخاطر.

بدورها، أكدت "فيفا" التزامها الكامل بحماية صحة وسلامة جميع المشاركين. وقالت في بيان لـ"ميل سبورت": «أولوية فيفا القصوى هي صحة الجميع، وقد تواصل خبراؤنا الطبيون بانتظام مع الفرق المشاركة لمساعدتهم على التكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة».

وأضاف البيان: «قمنا أيضًا بإرسال أطباء مختصين للعمل بالتنسيق مع السلطات الصحية المحلية. وكما هو معمول به في البطولات السابقة، فإننا نطبّق خطة وقائية تشمل التوقف لشرب الماء والتبريد في الدقيقتين 30 و75 من كل مباراة، وفقًا للبروتوكولات».