القضاء الإداري يعيد خلط الأوراق: من المسؤول وماهي التداعيات؟
تاريخ النشر : 13:59 - 2024/08/30
تمثل الفوضى التي يوحي بها قرار المحكمة الإدارية القاضي بإعادة عدد من المترشحين إلى السباق الإنتخابي انعكاسا طبيعيا للتضليل الناجم عن تباطؤ إصلاح السلطة القضائية في تونس.
وبقطع النظر عن الحيثيات التي استند إليها القضاء الإداري لإسقاط قرارات هيئة الانتخابات فإنها أنتجت وضعا خياليا يربك الإستقرار وبجانب «الحق» الذي هو روح القانون استنساخا للشكليات التي كانت اعتمدت عليها المحكمة الإدارية لإسقاط قرار مجلس القضاء العدلي القاضي بعزل البشير العكرمي وإحالته على النيابة العمومية متغاضية عن الرهان الجوهري وهو أخطبوط الإرهاب الذي منحه العكرمي حصانة كاملة طيلة توليه منصب وكيل الجمهورية.
وفي المقابل ساهمت المحكمة الإدارية في تعميق معاناة ما لا يقل عن نصف مليون مواطن عندما قضت «أربعة أعوام» للحسم في «قضية استعجالية »تتعلق بالطعن في قرار مجلس بلدية باردو القاضي بوقف أشغال مشروع القطار السريع الذي شكل سابقة على الصعيدين الوطني والعالمي من خلال تغليب البعد المحلي على الوطن وعموما يمثل تغول القضاء الإداري واحدا من تمظهرات «مجتمع الفوضى» الذي كرسه حكم الإخوان طيلة عشرية الخراب كبديل من مجتمع القانون ودولة المؤسسات لاسيما من خلال تقويض مفهوم المصلحة العامة الموكول تقديرها حصريا للسلطة التنفيذية وبالتالي استقواء الفرد على الدولة وهو ما يمثل أحد أسباب البيرقراطية الخانقة التي تقتل إرادة الفعل في تونس وحتى من ناحية الشكل فإن وجود محكمة إدارية في كل ولاية يوحي بوجود حالة حرب بين الفرد والدولة.
لكن كل هذه المفارقات تظل تفاصيل ثانوية مقارنة بجوهر القضية وهو هذا التناغم بين تباطؤ مسار المحاسبة والدوافع الشكلية التي أنشأت قرارات المحكمة الإدارية القاضية بقبول طعن بعض المترشحين للرئاسية في الطور الإستئنافي وهو تناغم يدرك ذروته في ملف القيادي في تنظيم إخوان تونس عبد اللطيف المكي استنادا إلى الإخلالات الصارخة التي وسمت تعاطي القضاء العدلي مع قضية اغتيال الدكتور الجيلاني الدبوسي خصوصا وأن عميد قضاة التحقيق كان قد أصدر بطاقات إيداع ضد أربعة متهمين يفترض أنهم شركاء مع المكي في تنفيذ هذه الجريمة النكراء فيما وقع تمطيط مرحلة استنطاق هذا الأخير إلى ما بعد صدور قرار المحكمة الإدارية. والأهم من ذلك أن السلطة القضائية في تونس لم تباشر هذا الملف إلا بعد صدور قرار من اللجنة الأممية لحقوق الإنسان في ديسمبر القاضي يقر بحصول خروقات جسيمة للحق في الحياة والمعاملة الإنسانية ويحث السلطات التونسية على اتخاذ التدابير الضرورية لجبر ضرر الراحل الجيلاني الدبوسي وأفراد عائلته ومنع حصول انتهاكات مماثلة مستقبلا وذلك في أجل 180 يوما من صدور القرار انتهت عمليا منذ جوان المنقضي. كما تغاضت كل من وزاتا العدل والشؤون الخارجية عن البند الذي يحث على نشر قرار اللجنة الأممية لحقوق الإنسان في الصحف العمومية علما وأن تونس ملزمة بتنفيذ مقررات هذه اللجنة الأممية باعتبارها صادقت على الإتفاقية المنشأة لها وسائر ملحقاتها التعديلية.
وبالنتيجة أدت هذه الخروقات وما تمخض عنها من قرارات قضائية أنشأت أوضاعا غير طبيعية إلى تعويم مشاركة الإرهاب الإنتخابات الرئاسية وبالتالي أصبحت مشاركة الفساد والتآمر سواء كان داخل التراب التونسي أو خارجه من قبيل تحصيل الحاصل.
والأغرب من ذلك أن هذه الحقائق أصبحت بفعل التضليل الناجم عن تقصير القضاء قابلة للدحض فيما أصبح التزام السلطات العمومية وعلى رأسها هيئة الانتخابات بتحصين الأبعاد الوطنية والسيادية لمؤسسة رئاسة الدولة ضربا من الإجرام ودافعا للإيحاء بوجود استبداد سياسي في تونس تستخدمه القوى الإستعمارية كورقة ضغط لكسر «إرادة الشعب» وخياراته المستقلة وذلك بمقتضى «القانون» الذي ينشر في الرائد الرسمي وتنفذه السلطة القضائية باسم الشعب؟.

تمثل الفوضى التي يوحي بها قرار المحكمة الإدارية القاضي بإعادة عدد من المترشحين إلى السباق الإنتخابي انعكاسا طبيعيا للتضليل الناجم عن تباطؤ إصلاح السلطة القضائية في تونس.
وبقطع النظر عن الحيثيات التي استند إليها القضاء الإداري لإسقاط قرارات هيئة الانتخابات فإنها أنتجت وضعا خياليا يربك الإستقرار وبجانب «الحق» الذي هو روح القانون استنساخا للشكليات التي كانت اعتمدت عليها المحكمة الإدارية لإسقاط قرار مجلس القضاء العدلي القاضي بعزل البشير العكرمي وإحالته على النيابة العمومية متغاضية عن الرهان الجوهري وهو أخطبوط الإرهاب الذي منحه العكرمي حصانة كاملة طيلة توليه منصب وكيل الجمهورية.
وفي المقابل ساهمت المحكمة الإدارية في تعميق معاناة ما لا يقل عن نصف مليون مواطن عندما قضت «أربعة أعوام» للحسم في «قضية استعجالية »تتعلق بالطعن في قرار مجلس بلدية باردو القاضي بوقف أشغال مشروع القطار السريع الذي شكل سابقة على الصعيدين الوطني والعالمي من خلال تغليب البعد المحلي على الوطن وعموما يمثل تغول القضاء الإداري واحدا من تمظهرات «مجتمع الفوضى» الذي كرسه حكم الإخوان طيلة عشرية الخراب كبديل من مجتمع القانون ودولة المؤسسات لاسيما من خلال تقويض مفهوم المصلحة العامة الموكول تقديرها حصريا للسلطة التنفيذية وبالتالي استقواء الفرد على الدولة وهو ما يمثل أحد أسباب البيرقراطية الخانقة التي تقتل إرادة الفعل في تونس وحتى من ناحية الشكل فإن وجود محكمة إدارية في كل ولاية يوحي بوجود حالة حرب بين الفرد والدولة.
لكن كل هذه المفارقات تظل تفاصيل ثانوية مقارنة بجوهر القضية وهو هذا التناغم بين تباطؤ مسار المحاسبة والدوافع الشكلية التي أنشأت قرارات المحكمة الإدارية القاضية بقبول طعن بعض المترشحين للرئاسية في الطور الإستئنافي وهو تناغم يدرك ذروته في ملف القيادي في تنظيم إخوان تونس عبد اللطيف المكي استنادا إلى الإخلالات الصارخة التي وسمت تعاطي القضاء العدلي مع قضية اغتيال الدكتور الجيلاني الدبوسي خصوصا وأن عميد قضاة التحقيق كان قد أصدر بطاقات إيداع ضد أربعة متهمين يفترض أنهم شركاء مع المكي في تنفيذ هذه الجريمة النكراء فيما وقع تمطيط مرحلة استنطاق هذا الأخير إلى ما بعد صدور قرار المحكمة الإدارية. والأهم من ذلك أن السلطة القضائية في تونس لم تباشر هذا الملف إلا بعد صدور قرار من اللجنة الأممية لحقوق الإنسان في ديسمبر القاضي يقر بحصول خروقات جسيمة للحق في الحياة والمعاملة الإنسانية ويحث السلطات التونسية على اتخاذ التدابير الضرورية لجبر ضرر الراحل الجيلاني الدبوسي وأفراد عائلته ومنع حصول انتهاكات مماثلة مستقبلا وذلك في أجل 180 يوما من صدور القرار انتهت عمليا منذ جوان المنقضي. كما تغاضت كل من وزاتا العدل والشؤون الخارجية عن البند الذي يحث على نشر قرار اللجنة الأممية لحقوق الإنسان في الصحف العمومية علما وأن تونس ملزمة بتنفيذ مقررات هذه اللجنة الأممية باعتبارها صادقت على الإتفاقية المنشأة لها وسائر ملحقاتها التعديلية.
وبالنتيجة أدت هذه الخروقات وما تمخض عنها من قرارات قضائية أنشأت أوضاعا غير طبيعية إلى تعويم مشاركة الإرهاب الإنتخابات الرئاسية وبالتالي أصبحت مشاركة الفساد والتآمر سواء كان داخل التراب التونسي أو خارجه من قبيل تحصيل الحاصل.
والأغرب من ذلك أن هذه الحقائق أصبحت بفعل التضليل الناجم عن تقصير القضاء قابلة للدحض فيما أصبح التزام السلطات العمومية وعلى رأسها هيئة الانتخابات بتحصين الأبعاد الوطنية والسيادية لمؤسسة رئاسة الدولة ضربا من الإجرام ودافعا للإيحاء بوجود استبداد سياسي في تونس تستخدمه القوى الإستعمارية كورقة ضغط لكسر «إرادة الشعب» وخياراته المستقلة وذلك بمقتضى «القانون» الذي ينشر في الرائد الرسمي وتنفذه السلطة القضائية باسم الشعب؟.