مع الشروق .. «التدويخ السياسي»... لعبة مكشوفة!
تاريخ النشر : 07:00 - 2024/08/21
على مقاس نتنياهو وعلى مقاس أطماعه وأهدافه الظاهرة والخفية، تمضي مفاوضات الهدنة من نكسة إلى نكسة.. حيث تتعدّد محطات وجولات التفاوض وينزل السقف من جولة إلى أخرى لتفرغ المفاوضات وحتى الاتفاقيات من أي مضامين.. وعلى هذه الوتيرة تتوالد جولات التفاوض ومعها تنتعش الآمال برؤية النور في نهاية النفق.. وبرؤية شلال الدم الفلسطيني يتوقف لتتوقف معه حرب الابادة التي يشنها الكيان الصهيوني بلا حسيب ولا رقيب.
ومع وصول هذه الجريمة التي تتواصل منذ 11 شهرا تفنّن نتنياهو في تطبيق آليات نظرية «التدويخ السياسي» التي ابتكرها شمعون بيريز مطلع تسعينات القرن الماضي لـ«تدويخ» القيادة الفلسطينية من محطة تفاوضية إلى أخرى.. ومن عاصمة إلى أخرى وصولا لابتزازهم وتنزيل سقف مطالبهم وحقوقهم المشروعة ليجنوا ـ الريح ـ في نهاية المطاف وليقبضوا على وهم سلام ووهم حقوق.. والغريب وسط هذا المشهد الهزيل والسخيف أن إدارة الرئيس بايدن تتطوع وتتفانى لمساعدة رئيس وزراء الكيان على تمرير مسرحيته الهابطة وألاعيبه المكشوفة وصولا الى تأمين تواصل الحرب والتقتيل تمهيدا للفصول المقبلة من المخططات الصهيونية وتغليفها بما يشبه مفاوضات لا تشبه المفاوضات في شيء ـ وتحوّلت إلى حصص مكشوفة لممارسة «التدويخ السياسي» لجعل الطرف الفلسطيني يبتلع الطعم ويقبض الوهم.. فيعطي نتنياهو الأسرى وهم أصل صداعه ولا يحصل على وقف كامل للعدوان بما سوف يطلق أيدي الكيان لمواصلة حرب الابادة متكئا على شرعية موهومة يستمدها من اتفاق هدنة أعرج هو في نهاية المطاف استراحة لآلة الحرب الصهيونية وتسريح للمحتجزين بما سوف يخلص نتنياهو من ضغط أهاليهم ويطلق يديه لمواصلة باقي فصول حربه الكبرى على المنطقة برمتها.
لماذا نقول أن أمريكا تتطوع وتهرول لمساعدة نتنياهو على تمرير مسرحية التدويخ السياسي؟ الجواب بسيط وواضح وهو مستمرّ من فصول المفاوضات ومن تحللها من اتفاقات يتم التوصل إليها برعاية أمريكية وبموافقة صهيونية.. وحين تقبل بها حركة المقاومة حماس يعود نتنياهو فيرفضها.. لتدخل الإدارة الأمريكية مجدّدا لتنزيل سقف المطالب الفلسطينية وإدخال التعديلات التي يطلبها رئيس وزراء الكيان على الاتفاقات المبرمة.. ومن ثم الضغط على الأطراف العربية المفاوضة لتضغط بدورها على حركة حماس لتقبل باتفاق على مقاس أهداف وأهواء نتنياهو.. وعلى مقاس مخرجات مسرحية ـ التدويخ السياسي ـ التي تهدف في الأخير إلى سقف العملية التفاوضية من خلال الزج بها كل مرة في طريق مسدودة ومحاولة رمي الكرة في الملعب الفلسطيني وهو ما حدث وشهده في جولة المفاوضات الحالية.
لقد مضى الزمن الذي اشتغلت فيه هذه النظرية وانطلت الحيل الصهيونية على القيادة الفلسطينية مطلع التسعينات لتلد اتفاق سلام كسيحا هو اتفاق «أوسلو» الذي تبخّر مع الزمن وأفرغه الصهاينة من أي محتوى. الآن تغيّرت المعطيات ونزل إلى الميدان لاعبون سياسيون جدد.. لاعبون درسوا الصهاينة جيدا.. وخبروا ألاعيبهم وخدعهم ومناوراتهم وتكتيكاتهم ومساوماتهم على أفضل وجه.. وهم بذلك قادرون على كشف كل خدع وأساليب الصهاينة في التفاوض وفي افراغ المفاوضات من أي محتوى. فلقد أمضى قائد حماس الجديد يحيى السنوار أزيد من عشرين سنة في سجون الاحتلال حذق فيها اللغة العبرية واحتك بطرق تفكير الصهاينة وخبر تركيبتهم الشخصية وأساليبهم.. وبذلك فهو يملك كل مفاتيح إدارة اللعبة مع الصهاينة بشكل يقطع الطريق على ألاعيبهم ويجبرهم، هم ومن وراءهم، على الرضوخ إلى مطالب المقاومة كأساس لأي اتفاق قابل للحياة.
وما المطبّ الأخير الذي تردت فيه مفاوضات الهدنة إلا دليل على انكشاف لعبة ـ التدويخ السياسي ـ وعلى قدرة المقاومة على إدارة العملية التفاوضية بشكل يؤمّن الحقوق الفلسطينية ويقطع الطريق على أساليب الابتزاز الصهيوني والتواطؤ الأمريكي.
عبد الحميد الرياحي
على مقاس نتنياهو وعلى مقاس أطماعه وأهدافه الظاهرة والخفية، تمضي مفاوضات الهدنة من نكسة إلى نكسة.. حيث تتعدّد محطات وجولات التفاوض وينزل السقف من جولة إلى أخرى لتفرغ المفاوضات وحتى الاتفاقيات من أي مضامين.. وعلى هذه الوتيرة تتوالد جولات التفاوض ومعها تنتعش الآمال برؤية النور في نهاية النفق.. وبرؤية شلال الدم الفلسطيني يتوقف لتتوقف معه حرب الابادة التي يشنها الكيان الصهيوني بلا حسيب ولا رقيب.
ومع وصول هذه الجريمة التي تتواصل منذ 11 شهرا تفنّن نتنياهو في تطبيق آليات نظرية «التدويخ السياسي» التي ابتكرها شمعون بيريز مطلع تسعينات القرن الماضي لـ«تدويخ» القيادة الفلسطينية من محطة تفاوضية إلى أخرى.. ومن عاصمة إلى أخرى وصولا لابتزازهم وتنزيل سقف مطالبهم وحقوقهم المشروعة ليجنوا ـ الريح ـ في نهاية المطاف وليقبضوا على وهم سلام ووهم حقوق.. والغريب وسط هذا المشهد الهزيل والسخيف أن إدارة الرئيس بايدن تتطوع وتتفانى لمساعدة رئيس وزراء الكيان على تمرير مسرحيته الهابطة وألاعيبه المكشوفة وصولا الى تأمين تواصل الحرب والتقتيل تمهيدا للفصول المقبلة من المخططات الصهيونية وتغليفها بما يشبه مفاوضات لا تشبه المفاوضات في شيء ـ وتحوّلت إلى حصص مكشوفة لممارسة «التدويخ السياسي» لجعل الطرف الفلسطيني يبتلع الطعم ويقبض الوهم.. فيعطي نتنياهو الأسرى وهم أصل صداعه ولا يحصل على وقف كامل للعدوان بما سوف يطلق أيدي الكيان لمواصلة حرب الابادة متكئا على شرعية موهومة يستمدها من اتفاق هدنة أعرج هو في نهاية المطاف استراحة لآلة الحرب الصهيونية وتسريح للمحتجزين بما سوف يخلص نتنياهو من ضغط أهاليهم ويطلق يديه لمواصلة باقي فصول حربه الكبرى على المنطقة برمتها.
لماذا نقول أن أمريكا تتطوع وتهرول لمساعدة نتنياهو على تمرير مسرحية التدويخ السياسي؟ الجواب بسيط وواضح وهو مستمرّ من فصول المفاوضات ومن تحللها من اتفاقات يتم التوصل إليها برعاية أمريكية وبموافقة صهيونية.. وحين تقبل بها حركة المقاومة حماس يعود نتنياهو فيرفضها.. لتدخل الإدارة الأمريكية مجدّدا لتنزيل سقف المطالب الفلسطينية وإدخال التعديلات التي يطلبها رئيس وزراء الكيان على الاتفاقات المبرمة.. ومن ثم الضغط على الأطراف العربية المفاوضة لتضغط بدورها على حركة حماس لتقبل باتفاق على مقاس أهداف وأهواء نتنياهو.. وعلى مقاس مخرجات مسرحية ـ التدويخ السياسي ـ التي تهدف في الأخير إلى سقف العملية التفاوضية من خلال الزج بها كل مرة في طريق مسدودة ومحاولة رمي الكرة في الملعب الفلسطيني وهو ما حدث وشهده في جولة المفاوضات الحالية.
لقد مضى الزمن الذي اشتغلت فيه هذه النظرية وانطلت الحيل الصهيونية على القيادة الفلسطينية مطلع التسعينات لتلد اتفاق سلام كسيحا هو اتفاق «أوسلو» الذي تبخّر مع الزمن وأفرغه الصهاينة من أي محتوى. الآن تغيّرت المعطيات ونزل إلى الميدان لاعبون سياسيون جدد.. لاعبون درسوا الصهاينة جيدا.. وخبروا ألاعيبهم وخدعهم ومناوراتهم وتكتيكاتهم ومساوماتهم على أفضل وجه.. وهم بذلك قادرون على كشف كل خدع وأساليب الصهاينة في التفاوض وفي افراغ المفاوضات من أي محتوى. فلقد أمضى قائد حماس الجديد يحيى السنوار أزيد من عشرين سنة في سجون الاحتلال حذق فيها اللغة العبرية واحتك بطرق تفكير الصهاينة وخبر تركيبتهم الشخصية وأساليبهم.. وبذلك فهو يملك كل مفاتيح إدارة اللعبة مع الصهاينة بشكل يقطع الطريق على ألاعيبهم ويجبرهم، هم ومن وراءهم، على الرضوخ إلى مطالب المقاومة كأساس لأي اتفاق قابل للحياة.
وما المطبّ الأخير الذي تردت فيه مفاوضات الهدنة إلا دليل على انكشاف لعبة ـ التدويخ السياسي ـ وعلى قدرة المقاومة على إدارة العملية التفاوضية بشكل يؤمّن الحقوق الفلسطينية ويقطع الطريق على أساليب الابتزاز الصهيوني والتواطؤ الأمريكي.
عبد الحميد الرياحي