مع الشروق .. بين الردّ القاسي... والردّ المحسوب !

مع الشروق .. بين الردّ القاسي... والردّ المحسوب !

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/08/07

يعيش الكيان الصهيوني ومعه دول المشرق العربي وعواصم عالمية كثيرة على وقع انتظار الردّ الايراني على جريمة اغتيال زعيم حماس اسماعيل هنية في طهران. وفي حين تتعدّد الوساطات وتتهاطل الدعوات إلى التهدئة وضبط النفس أو إلى ردّ إيراني «غير موجع» يؤدي الغرض ولا يجبر إلى ردّ صهيوني بما سوف يوسع دائرة الحرب.. وفي حين تأخذ السلطات الايرانية كامل وقتها في دراسة الخيارات وإعداد العدّة للردّ على الصلف الصهيوني.. في هذا الوقت يعيش الكيان حالة من الذعر والرعب التي قد تكون آثارها في النهاية أشدّ إيلاما وأكثر دمارا على الجبهة الداخلية الصهيونية من الردّ الايراني الذي سيكون في نهاية المطاف محدودا في المكان وفي الزمان.
فقد انخرط الصهاينة في حالة من الهيستيريا وباشروا بفتح الملاجئ وإعداد المؤن.. فيما اختار آخرون حزم حقائبهم والهرب في انتظار مرور العاصفة وتلقت البورصة الصهيونية والاقتصاد الصهيوني ضربات قاصمة سوف تزيد ولا شك في استنزاف اقتصاد منهك بفعل 10 أشهر من الحرب ومن النزف المتواصل بفعل صمود المقاومة الفلسطينية في وجه أعتى آلة حربية في الشرق الأوسط. هذا الارتباك الظاهر على الكيان وهذا الذعر الذي تملّك الصهاينة يواكبهما نتنياهو بالتمادي في سياسة الهرب إلى الأمام.. فهو تارة يصعّد ويتوعّد الايرانيين بردّ مضاعف في حال أقدموا على توجيه ضربات انتقامية موجعة.. وتارة يتكئ على الحليف الأمريكي محاولا توريطه في مواجهته المرتقبة مع إيران وكذلك على حلفائه الغربيين والعرب في محاولة لتشكيل حلف سيساهم في تخفيف الضغط على الكيان إما بالوساطات أو بممارسة الضغوط على طهران أو حتى بالتلويح بالانخراط في المواجهة إذا ما اتسعت رقعة الحرب وامتدت لتصبح حربا اقليمية شاملة.. ووسط كل هذا الدخان الكثيف يواصل نتنياهو حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في إصرار ظاهر على تأكيد الطبيعة الدموية والإجرامية لكيان قام على الإبادة والتهجير ويستمر بالإبادة والتهجير.
السلطات الإيرانية وهي تتابع كامل تفاصيل هذا المشهد تواصل في نهجها المعتمد على الغموض وعلى إخفاء الأوراق.. فهي من جهة تستثمر في الرعب الصهيوني وعينها على ردّ يبقي المجال أمام صفقة تنقذ البرنامج النووي الإيراني.. وهي من جهة أخرى تواصل في ترويج خطابها المتشدّد لترميم صورتها وموقعها أمام محور المقاومة الذي تتزعمه بعد ما لحقه من أثار نتيجة إقدام الصهاينة على استهداف زعيم كبير نزل ضيفا على القيادة الإيرانية وفي أحد أشد مواقع السلطة الإيرانية هيبة وتحصينا.
ومع أن الكيان يجد نفسه في مأزق وهو يحبس أنفاسه تحسبا لتلقي ضربة صاعقة فإن الوضع الإيراني لا يبدو مريحا هو الآخر. فالجرم الصهيوني كبير وهو يمسّ من هيبة النظام ومن أمنه وسيادته واستهدف ضيفا كبيرا يفترض أنه في حمى السلطات الإيرانية المضيفة.. فإن ردّت إيران ردّا قاسيا ومزلزلا ويرتقي إلى حجم التحدّي الصهيوني فهي تخاطر بإشعال حرب إقليمية سيمتد لهيبها إلى إيران وسيطال البرنامج النووي الإيراني. كما تخاطر إيران بإشعال حرب عالمية بتدخل أطراف حليفة لهذا الطرف أو ذاك.. وإن هي وجّهت ردّا محسوبا من قبيل رفع العتب أو من صنف الردّ الذي أعقب اغتيال قاسم سليماني أو العدوان على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق فإنها تخاطر بسمعتها وسط محور المقاومة وبهيبتها كلاعب رئيسي في المنطقة.. علاوة على أنها تكون قد أطلقت أيدي الكيان الصهيوني ليمضي في نهج العدوان والغطرسة..
إنها المعادلة ـ الورطة التي تكبّل الكيان وإيران.. والتي تفسر ربما تأخر الردّ الإيراني وطبيعته وهل يكون ردّا مزلزلا رادعا للصهاينة. أم أن مقدمات الردّ ستكون أقسى وأقوى من الردّ  بحد ذاته.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك