نسبة الفائدة أعلى من نسبة التضخم: من يتحكم في قرارات البنك المركزي؟
تاريخ النشر : 13:08 - 2024/06/08
رغم منحى تراجع نسبة التضخم المالي المتواصل منذ جانفي 2023 يصر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة المديرية في مستويات مرتفعة لا تعكس واقع السوق.
وبالنتيجة تحولت نسبة الفائدة المديرية من وسيلة لمكافحة التضخم إلى بؤرة تضخم في حد ذاتها من خلال انعكاسها على كلفة الإنتاج والاستهلاك خصوصا مع تجاوزها لمستوى التضخم المالي بقرابة نقطة كاملة.
لقد سارع مجلس إدارة البنك المركزي إلى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية في مناسبتين متتاليتين بدافع مكافحة منحى صعود التضخم في خريف 2022 الذي أفرزته أوضاع استثنائية في مقدمتها تأثيرات اندلاع الحرب الأوكرانية على كلفة استيراد الطاقة والغذاء واشتعال المضاربة بالمواد المعيشية إبان ذروة مقاومة منظومة الحكم السابقة لمسار التغيير.
وتبعا لذلك فرض مجلس إدارة البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 150 نقطة مائوية أي من 6،5 إى 8 بالمائة وسعى إثر ذلك إلى تثبيتها رغم المنحى الواضح لتراجع التضخم في تونس منذ بداية 2023 وعديد الضمانات التي تؤكد أن هذا المنحى لن يتوقف لاسيما في ظل الانتقال عن اقتصاد العمولة إلى اقتصاد المحتوى.
والواضح أن تراجع نسبة التضخم بأكثر من ثلاثة نقاط (من 10.6 في بداية 2023 إلى 7،2 في موفى ماي الفارط) يعود إلى ثلاثة عوامل أساسية أولها تراكم المؤشرات التي تؤكد استعادة الدولة لوظيفة التحكم في السوق وثانيها تراجع موجة التضخم لدى الشريك الأوروبي وثالثها سعي الحكومة الثابت نحو فسخ تداعيات استقالة الدولة خلال العقود الأخيرة خاصة من خلال تصحيح أوضاع النقل والسكن والتعليم والصحة التي كانت تمثل أّم بؤر التضخم المال.
وإن فرض قيود على الحرية المطلقة للأسعار من خلال عدة إجراءات منها مراجعة أسعار منتوجات الصناعات الغذائية وتسقيف أسعار السيارات إلى جانب القرارات القوية التي اتخذها مجلس المنافسة في الآونة الأخيرة هي مؤشرات تؤكد عزم الحكومة الثابت على مكافحة كل مظاهر التسيب في السوق بما في ذلك الاستغلال المفرط لأوضاع الهيمنة.
كما أن سياسة التعويل على الذات تمثل ضمانة في حدّ ذاتها من خلال تحفيز الإنتاج في الداخل وتفادي تداعيات التداين الخارجي وهو ما يفسر محدودية نسبة التضخم في تونس مقارنة مع حرفاء صندوق النقد الدولي الذين يواجهون نسب تضخم مشطة ويقف بعضهم على مشارف الانهيار المالي على غرار مصر والأرجنتين وتركيا.
كما كان من واجب مجلس إدارة البنك المركزي التونسي أن يستقرأ تداعيات الأوضاع جيوستراتيجية ومنها حالة شبه الإنكماش الاقتصادي التي يواجهها الشريك الأوروبي مقابل تحسن أداء اقتصاد روسيا الاتحادية بما يعزز مكانتها كمصدر موثوق للطاقة والغذاء وهو ما يرجح تواصل تراجع التضخم المستورد.
وعلى هذا الأساس تمثل نسبة الفائدة المديرية حالة انفصام عن الواقع التونسي والدولي ترتبط بموروث عشرية الخراب وأساسا هيمنة البنوك الخاصة على قرارات مجلس إدارة البنك المركزي التونسي حيث أن التمسك بنسبة فائدة مديرية أعلى من نسبة التضخم يعني مزيد تكديس أرباح البنوك الخاصة على حساب المواطن البسيط وعجلة الاستثمار.
وبالمحصلة تشكل مفارقة نسبة الفائدة المديرية إحدى تمظهرات الإنزلاقات الحادة التي ضربت النظام المالي خلال عشرية الخراب وتختزلها الفوارق الشاسعة بين أرباح البنوك التي تجاوزت 2000 مليار سنويا وواقع الاقتصاد التونسي بما في ذلك الأوضاع المالية للدولة وهو ما جعل البنوك الخاصة تتصرف بوصفها المحاكم الحقيقي في تونس.
ومن ثمة حان الوقت لتصحيح هذا الوضع المغلوط لاسيما من خلال تحرير مجلس إدارة البنك المركزي والجمعية المهنية للبنوك من هيمنة البنوك الخاصة التي تعودت على منطق «الخبزة الباردة» ولم تخجل حتى من ممارسة الربى الفاحش مع الدولة ذاتها من خلال الشروط المجحفة التي تفرضها على المؤسسات العمومية المكلفة باستيراد الطاقة والغذاء.

رغم منحى تراجع نسبة التضخم المالي المتواصل منذ جانفي 2023 يصر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي على تثبيت نسبة الفائدة المديرية في مستويات مرتفعة لا تعكس واقع السوق.
وبالنتيجة تحولت نسبة الفائدة المديرية من وسيلة لمكافحة التضخم إلى بؤرة تضخم في حد ذاتها من خلال انعكاسها على كلفة الإنتاج والاستهلاك خصوصا مع تجاوزها لمستوى التضخم المالي بقرابة نقطة كاملة.
لقد سارع مجلس إدارة البنك المركزي إلى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية في مناسبتين متتاليتين بدافع مكافحة منحى صعود التضخم في خريف 2022 الذي أفرزته أوضاع استثنائية في مقدمتها تأثيرات اندلاع الحرب الأوكرانية على كلفة استيراد الطاقة والغذاء واشتعال المضاربة بالمواد المعيشية إبان ذروة مقاومة منظومة الحكم السابقة لمسار التغيير.
وتبعا لذلك فرض مجلس إدارة البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 150 نقطة مائوية أي من 6،5 إى 8 بالمائة وسعى إثر ذلك إلى تثبيتها رغم المنحى الواضح لتراجع التضخم في تونس منذ بداية 2023 وعديد الضمانات التي تؤكد أن هذا المنحى لن يتوقف لاسيما في ظل الانتقال عن اقتصاد العمولة إلى اقتصاد المحتوى.
والواضح أن تراجع نسبة التضخم بأكثر من ثلاثة نقاط (من 10.6 في بداية 2023 إلى 7،2 في موفى ماي الفارط) يعود إلى ثلاثة عوامل أساسية أولها تراكم المؤشرات التي تؤكد استعادة الدولة لوظيفة التحكم في السوق وثانيها تراجع موجة التضخم لدى الشريك الأوروبي وثالثها سعي الحكومة الثابت نحو فسخ تداعيات استقالة الدولة خلال العقود الأخيرة خاصة من خلال تصحيح أوضاع النقل والسكن والتعليم والصحة التي كانت تمثل أّم بؤر التضخم المال.
وإن فرض قيود على الحرية المطلقة للأسعار من خلال عدة إجراءات منها مراجعة أسعار منتوجات الصناعات الغذائية وتسقيف أسعار السيارات إلى جانب القرارات القوية التي اتخذها مجلس المنافسة في الآونة الأخيرة هي مؤشرات تؤكد عزم الحكومة الثابت على مكافحة كل مظاهر التسيب في السوق بما في ذلك الاستغلال المفرط لأوضاع الهيمنة.
كما أن سياسة التعويل على الذات تمثل ضمانة في حدّ ذاتها من خلال تحفيز الإنتاج في الداخل وتفادي تداعيات التداين الخارجي وهو ما يفسر محدودية نسبة التضخم في تونس مقارنة مع حرفاء صندوق النقد الدولي الذين يواجهون نسب تضخم مشطة ويقف بعضهم على مشارف الانهيار المالي على غرار مصر والأرجنتين وتركيا.
كما كان من واجب مجلس إدارة البنك المركزي التونسي أن يستقرأ تداعيات الأوضاع جيوستراتيجية ومنها حالة شبه الإنكماش الاقتصادي التي يواجهها الشريك الأوروبي مقابل تحسن أداء اقتصاد روسيا الاتحادية بما يعزز مكانتها كمصدر موثوق للطاقة والغذاء وهو ما يرجح تواصل تراجع التضخم المستورد.
وعلى هذا الأساس تمثل نسبة الفائدة المديرية حالة انفصام عن الواقع التونسي والدولي ترتبط بموروث عشرية الخراب وأساسا هيمنة البنوك الخاصة على قرارات مجلس إدارة البنك المركزي التونسي حيث أن التمسك بنسبة فائدة مديرية أعلى من نسبة التضخم يعني مزيد تكديس أرباح البنوك الخاصة على حساب المواطن البسيط وعجلة الاستثمار.
وبالمحصلة تشكل مفارقة نسبة الفائدة المديرية إحدى تمظهرات الإنزلاقات الحادة التي ضربت النظام المالي خلال عشرية الخراب وتختزلها الفوارق الشاسعة بين أرباح البنوك التي تجاوزت 2000 مليار سنويا وواقع الاقتصاد التونسي بما في ذلك الأوضاع المالية للدولة وهو ما جعل البنوك الخاصة تتصرف بوصفها المحاكم الحقيقي في تونس.
ومن ثمة حان الوقت لتصحيح هذا الوضع المغلوط لاسيما من خلال تحرير مجلس إدارة البنك المركزي والجمعية المهنية للبنوك من هيمنة البنوك الخاصة التي تعودت على منطق «الخبزة الباردة» ولم تخجل حتى من ممارسة الربى الفاحش مع الدولة ذاتها من خلال الشروط المجحفة التي تفرضها على المؤسسات العمومية المكلفة باستيراد الطاقة والغذاء.