كشفت معطيات صادرة عن جمعية تونس للسلامة المرورية أن 1400 مليون دينار هي الكلفة الاقتصادية كل عام لحوادث الطرقات دون احتساب أيام العمل الضائعة والتغطية الاجتماعية، تدفع منها شركات التأمين حوالي 800 مليون دينار كتعويضات سنوية، وهو مبلغ ضخم للغاية، كان يمكن أن يتم استغلاله في تحسين البنية التحتية لو تم تطوير مجلة الطرقات واعتماد إستراتيجية وطنية للسلامة المرورية.
وتحتل تونس العاصمة المرتبة الأولى في عدد الحوادث المسجلة خلال سنة 2023، اذ شهدت نسبة 15 بالمائة من العدد الجملي، يليها في المرتبة ولاية المهدية، فولاية نابل ثم بن عروس وقفصة وصفاقس، ولا يسحب الترتيب على عدد القتلى والجرحى المسجل أين تتصدر ولاية صفاقس الجهات التي شهدت أكبر عدد من قتلى الطرقات خلال سنة 2023 حيث سجلت 11.34 بالمائة من ضحايا الطرقات تليها في ذلك تونس العاصمة ثم سوسة فسيدي بوزيد.
للحد من هذه الظاهرة، تنتظر السلطات مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع تعديل قانون الطرقات لوضع خطة جديدة للتدخل على الطرقات تهدف إلى تحقيق خفض حوادث الطرقات بنسبة 50 بالمائة في غضون عام 2030 عبر تكثيف المراقبة الآلية للمخالفات والزيادة في معاليم الخطايا على التجاوزات المرصودة.
وعانت البلاد لسنوات من نزيف حوادث السير الذي يتسبب سنويا في آلاف الضحايا من بين القتلى والجرحى فضلا عن تكبد التأمينات لخسائر كبيرة، الأمر الذي استوجب إعادة النظر في قانون الطرقات.
ومؤخرا أحالت الحكومة على مجلس نواب الشعب مقترحات بتعديل فصول مجلة الطرقات تدعم المراقبة الآلية عن بعد، وتطوير المنظومة الحالية للمراقبة على الطرقات، الى جانب مراجعة تصنيف بعض جرائم الجولان وعقوباتها.
وترمي هذه التعديلات إلى إرساء إطار قانوني يسمح بتحسين مستوى السلامة المرورية على الطرقات والحد من الحوادث المرورية، الى جانب الاعتماد على أحدث الحلول التكنولوجية المتوفرة وخاصة منها الرقمية وذات الاستعمال الآلي في إطار مواكبة التطورات التقنية الحاصلة على المستوى الدولي في هذا المجال.
كذلك تم منذ بداية جانفي الماضي فرض إجبارية الحصول على رخص قيادة للدراجات النارية صغيرة ومتوسطة الحجم بغاية الحد من مخاطر السير التي تنتج عن قيادة هذه العربات دون الدراية الكافية بقوانين الطرقات والحد من التجاوزات التي يرتكبها السواق.
وقال مؤخرا المتحدث باسم المرصد الوطني لسلامة المرور مراد الجويني إن التنقيحات المنتظرة على مجلة الطرقات ستكون مهمة جدة في معاضدة جهود كبح نسب حوادث السير مؤكدا أن التنقيحات تستهدف وضع نظام آلي لرصد مخالفات المرور بمختلف أنواعها تسهّل تعقّب العربات المخالفة على نطاق واسع مشيرا إلى هذه الأنظمة ستركز على مراحل في المحاور والطرقات الكبرى في انتظار تعميمها على مختلف الطرقات.
وأوضح الجويني أن الرصد الآلي لمخالفات الطريق يندرج ضمن خطة شاملة للحد من حوادث السير ذات الكلفة البشرية والمادية العالية.
وتابع المتحدث مبرزا ان الخطة حققت الخطة جزء من أهدافها ويرجّح أن تساهم التنقيحات المنتظرة على قانون الطرقات في مزيد تحسين النتائج سيما ان تونس تعمل على الاقتراب من الأهداف الدولية في خفض حوادث الطرقات التي وضعتها منظومة الصحة العالمية وذلك بالنزول بنسبة الحوادث إلى حدود 50 بالمائة في أفق 2030.
وتتدرج البلاد في تحقيق الأهداف العالمية بخفض الحوادث السنوية بنسبة 20 بالمائة كمرحلة أولى علما أن تنقيح القوانين سيكون دعامة مهمة من أجل بلوغ الأهداف التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في غضون عام 2030.
 ووفق أحدث البيانات المنشورة على موقع مرصد السلامة المرورية سجلت طرقات البلاد منذ بداية العام الحالي إلى غاية موفى مارس الماضي تراجع عدد الحوادث بنسبة 34 بالمائة حيث هبط عددها من 1564 حادثا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي إلى 1032 حادثا خلال ذات الفترة من العام الحالي. كذلك سجّلت نسبة الفترة ذاتها تراجعا في عدد القتلى الذي هبط من 276 ضحية العام الماضي إلى 252 هذه السنة.