مع الشروق .. لا خيار غير مواصلة الاستثمار في التّعليم
تاريخ النشر : 07:00 - 2024/04/05
تكاد لا تمرّ فترة قصيرة في تونس دون ان تُثار لدى الرأي العام أزمة أو أزمات ذات علاقة بالتعليم وبالشأن التربوي.. ولم تكن الفترة الأخيرة استثناء لهذا "التقليد" الذي ظل يلازم التعليم في تونس منذ عشرات السنين، حيث عاد الحديث في اليومين الأخيرين بمناسبة حادثة اقتحام وليّة مدرسة بجهة القيروان عن مظاهر العنف المدرسي والمسّ من حرمة المؤسسات التربوية وغيرها من المظاهر الأخرى التي من المفروض أن لا تحصل في الوسط المدرسي لو كان كل المتدخلين في الشأن التربوي على قدر عال من الشعور بالمسؤولية لفرض احترام القانون وللضرب بقوة على أيدي كل من يحاول العبث بمرفق التعليم وبالمصلحة الفضلى للتلميذ..
ونادرا ما يمرّ عام دراسي واحد في تونس دون ان تتخلله بعض الأزمات والمشاكل المختلفة التي تعطل السير العادي للدروس وتؤثر على مكتسبات التلميذ وتؤثر خاصة – وهذا الأخطر - على رغبته في مواصلة الدراسة وتساهم في تنامي ظاهرة الانقطاع المدرسي.. فأزمات تعطيل الدروس، إما بسبب التحركات الاحتجاجية المختلفة أو بسبب نقص الإطار التربوي لا يكاد يخلو منها أي موسم دراسي.. والمشاكل ذات العلاقة بالبنية التحتية للمؤسسات التربوية تتراكم من سنة إلى أخرى، وأزمات الزمن المدرسي والنقل المدرسي وضعف البرامج التعليمية وعدم مواكبتها العصر وضعف مكتسبات التلميذ ظلت بدورها عالقة دون أن تهتدي وزارة التربية – على مرّ السنين – إلى إيجاد حلول لها..
وفي السنوات الأخيرة تضاعفت حدة مظاهر العنف المدرسي الذي يستهدف التلميذ والمعلم والأستاذ والعون الإداري في المؤسسة التربوية وأحيانا الولي. ومن أبرز المظاهر الأخرى التي ازدادت خطورتها في السنوات الأخيرة ظاهرة الجريمة في محيط المدارس والمعاهد، وفي مقدمتها تعاطي المخدرات من قبل التلاميذ وخاصة ظاهرة ترويجها والتي تكاد تتحول الى ظاهرة عادية أمام أغلب المؤسسات التربوية.. وعلى امتداد السنوات الدراسية الماضية، فشلت الدولة في رقمنة التعليم وفي تطوير البرامج التعليمية وفي حلّ "عُقدة" المشاكل الاجتماعية داخل القطاع التربوي وخاصة في إصلاح الزمن المدرسي "القاتل" للتلميذ وللمُربي وللولي..
يحصل ذلك في دولة ظل التعليم فيها منذ الاستقلال أحد أبرز استثمارات الدولة ومصدر ثروة وطنية تمكنت بفضلها الدولة من بناء إدارة قوية ومتماسكة ومن إرساء مكاسب اقتصادية وتنموية واجتماعية محترمة مازالت آثارها قائمة إلى اليوم. وهو ما أكده مؤخرا رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه وزيرة التربية الجديدة سلوى العباسي بالقول إن قطاع التربية والتعليم هو من قطاعات السيادة.. كما سبق لسعيّد أن عبر أكثر من مرة عن إرادة لإصلاح القطاع التربوي عبر عدة آليات، مثل المجلس الأعلى للتربية والإستشارة الوطنية لإصلاح التعليم. غير أن هذه الآليات الإصلاحية تتطلب من الدولة – ممثلة في الإدارة وسلطة الإشراف - التعجيل بتنفيذها وعدم إضاعة الوقت ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
لا شيء يمنع اليوم من "الإنقاذ" التربوي ومن مزيد استثمار الدولة في التعليم.. فالإرادة السياسية متوفرة والحلول المالية يمكن إيجادها – رغم الصعوبات - من أجل العناية أكثر بالمؤسسات التربوية، وكل المشاكل المحيطة بالشأن التربوي يمكن حلّها شريطة تحلّي الجميع بروح المسؤولية وفرض تطبيق القانون كلما تعلّق الأمر بتعطيل هذا المرفق الحيوي والهام في دولة لا خيار أمامها غير الاستثمار في التربية والتعليم بالنظر لمحدودية مواردها الطبيعية. فبالتعليم يتحقق الاستقرار والرقي الاجتماعي والتطور الاقتصادي.. وبالتعليم يتحقق تغيير العقليات نحو الأفضل فيزداد العطاء وتتطور جهود البناء.. وبالتعليم يكون المجتمع مُحصّنا تُجاه كل أشكال المخاطر التي تتهدده ..
فاضل الطياشي
تكاد لا تمرّ فترة قصيرة في تونس دون ان تُثار لدى الرأي العام أزمة أو أزمات ذات علاقة بالتعليم وبالشأن التربوي.. ولم تكن الفترة الأخيرة استثناء لهذا "التقليد" الذي ظل يلازم التعليم في تونس منذ عشرات السنين، حيث عاد الحديث في اليومين الأخيرين بمناسبة حادثة اقتحام وليّة مدرسة بجهة القيروان عن مظاهر العنف المدرسي والمسّ من حرمة المؤسسات التربوية وغيرها من المظاهر الأخرى التي من المفروض أن لا تحصل في الوسط المدرسي لو كان كل المتدخلين في الشأن التربوي على قدر عال من الشعور بالمسؤولية لفرض احترام القانون وللضرب بقوة على أيدي كل من يحاول العبث بمرفق التعليم وبالمصلحة الفضلى للتلميذ..
ونادرا ما يمرّ عام دراسي واحد في تونس دون ان تتخلله بعض الأزمات والمشاكل المختلفة التي تعطل السير العادي للدروس وتؤثر على مكتسبات التلميذ وتؤثر خاصة – وهذا الأخطر - على رغبته في مواصلة الدراسة وتساهم في تنامي ظاهرة الانقطاع المدرسي.. فأزمات تعطيل الدروس، إما بسبب التحركات الاحتجاجية المختلفة أو بسبب نقص الإطار التربوي لا يكاد يخلو منها أي موسم دراسي.. والمشاكل ذات العلاقة بالبنية التحتية للمؤسسات التربوية تتراكم من سنة إلى أخرى، وأزمات الزمن المدرسي والنقل المدرسي وضعف البرامج التعليمية وعدم مواكبتها العصر وضعف مكتسبات التلميذ ظلت بدورها عالقة دون أن تهتدي وزارة التربية – على مرّ السنين – إلى إيجاد حلول لها..
وفي السنوات الأخيرة تضاعفت حدة مظاهر العنف المدرسي الذي يستهدف التلميذ والمعلم والأستاذ والعون الإداري في المؤسسة التربوية وأحيانا الولي. ومن أبرز المظاهر الأخرى التي ازدادت خطورتها في السنوات الأخيرة ظاهرة الجريمة في محيط المدارس والمعاهد، وفي مقدمتها تعاطي المخدرات من قبل التلاميذ وخاصة ظاهرة ترويجها والتي تكاد تتحول الى ظاهرة عادية أمام أغلب المؤسسات التربوية.. وعلى امتداد السنوات الدراسية الماضية، فشلت الدولة في رقمنة التعليم وفي تطوير البرامج التعليمية وفي حلّ "عُقدة" المشاكل الاجتماعية داخل القطاع التربوي وخاصة في إصلاح الزمن المدرسي "القاتل" للتلميذ وللمُربي وللولي..
يحصل ذلك في دولة ظل التعليم فيها منذ الاستقلال أحد أبرز استثمارات الدولة ومصدر ثروة وطنية تمكنت بفضلها الدولة من بناء إدارة قوية ومتماسكة ومن إرساء مكاسب اقتصادية وتنموية واجتماعية محترمة مازالت آثارها قائمة إلى اليوم. وهو ما أكده مؤخرا رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه وزيرة التربية الجديدة سلوى العباسي بالقول إن قطاع التربية والتعليم هو من قطاعات السيادة.. كما سبق لسعيّد أن عبر أكثر من مرة عن إرادة لإصلاح القطاع التربوي عبر عدة آليات، مثل المجلس الأعلى للتربية والإستشارة الوطنية لإصلاح التعليم. غير أن هذه الآليات الإصلاحية تتطلب من الدولة – ممثلة في الإدارة وسلطة الإشراف - التعجيل بتنفيذها وعدم إضاعة الوقت ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
لا شيء يمنع اليوم من "الإنقاذ" التربوي ومن مزيد استثمار الدولة في التعليم.. فالإرادة السياسية متوفرة والحلول المالية يمكن إيجادها – رغم الصعوبات - من أجل العناية أكثر بالمؤسسات التربوية، وكل المشاكل المحيطة بالشأن التربوي يمكن حلّها شريطة تحلّي الجميع بروح المسؤولية وفرض تطبيق القانون كلما تعلّق الأمر بتعطيل هذا المرفق الحيوي والهام في دولة لا خيار أمامها غير الاستثمار في التربية والتعليم بالنظر لمحدودية مواردها الطبيعية. فبالتعليم يتحقق الاستقرار والرقي الاجتماعي والتطور الاقتصادي.. وبالتعليم يتحقق تغيير العقليات نحو الأفضل فيزداد العطاء وتتطور جهود البناء.. وبالتعليم يكون المجتمع مُحصّنا تُجاه كل أشكال المخاطر التي تتهدده ..
فاضل الطياشي
