مع الشروق ..النقل في تونس... قاطرة «جذب إلى الوراء»
تاريخ النشر : 08:41 - 2024/02/16
في أغلب دول العالم، يُمثّل النقل بصنفيه العمومي والخاص قاطرة تجرّ وراءها كل مظاهر التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي، إلا في تونس، حيث ظل النقل فيها على مرّ التاريخ قاطرة دفع إلى الوراء لجهود التطوير الاقتصادي والتنموي والاجتماعي.. وفي أغلب دول العالم ترى النقل في خدمة السياحة وفي خدمة الترفيه والثقافة والرياضة والتجارة والتصدير والصناعة والتعليم والصحة والخدمات المختلفة ويساهم في تطوير الإنتاجية والمردودية في مواقع العمل.. لكن في تونس تحول النقل على مرّ السنين إلى أداة تعطيل اقتصادي ومصدر توتّر اجتماعي خاصة في ظل غياب نقل عمومي لائق ومتنوع وكاف لتلبية حاجيات الناس.
لم تنجح تونس على مرّ التاريخ في إرساء منظومة نقل قادرة على تغيير وجه البلاد اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا وثقافيا. فأغلب شركات النقل العمومي في البلاد ظلت على مرّ السنين مُفلسة وفاشلة في تحقيق توازنها المالي وعاجزة عن توفير خدمات نقل لائق ويلبي حاجة المواطن للتنقل وحاجة الفاعلين الاقتصاديين لنقل السلع، رغم انه من المفروض انها شركات تجارية توفر خدماتها بمقابل ويستعملها يوميا ملايين التونسيين، وبالتالي من المفروض أن تكون عائداتها في المقابل كبيرة.. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول أساليب الحوكمة التي جرى ويجري العمل بها الى الآن داخل هذه المؤسسات، وإن كانت في إطار قواعد التصرف السليم أم لا ؟.
منذ الاستقلال تقريبا، لم تشهد تونس انجاز خطوط حديدية جديدة ولا خط قطار سريع يربط الشمال بالجنوب مثلا، بل أكثر من ذلك وقع في العشريات الثلاث الأخيرة إهمال بعض الخطوط التي كانت قائمة. ويحصل ذلك رغم ان النقل الحديدي يمثل اليوم في عديد الدول، بما في ذلك دول المنطقة والدول الافريقية والعربية، شريانا اقتصاديا وتنمويا هاما وتم العمل على تطويره والاستثمار فيه بقوة في السنوات الأخيرة.. وعلى مرّ السنين لم تنجح تونس في إرساء نقل حضري لائق ومتطور ويعتمد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، لا سيما في عاصمتها ومدنها الكبرى والسياحية، عكس دول أخرى نجحت اليوم في إنجاز شبكات متطورة لمترو الانفاق أو "الترامواي" وشبكات الحافلات الحضرية النظيفة واللائقة خاصة في عواصمها..
في تونس لا تتعدى مساهمة قطاع النقل في الناتج الداخلي الخام PIB نسبة 7 % وهو رقم ضعيف مقارنة بعديد الدول الأخرى (17 % مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا).. وفي تونس يساهم قطاع النقل بشكل كبير في نسبة التضخم في علاقة بالنفقات المهولة التي يتحملها المواطن لتكاليف السيارة والوقود والنقل الخاص.. كما يعتبر القطاع عبئا ثقيلا على الدولة، فهو يستهلك حوالي 32 ٪ من الاستهلاك الوطني للطاقة منها 90 ٪ استهلاك النقـل البـري وحـوالي 50 ٪ استهلاك السيارة الخاصة ويساهم بنسبة 37٪ من إجمالي الانبعاثات الغازية (المرتبة الثانية) أي ما يعادل 8.2 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على الدولة من حيث الانعكاسات السلبية على صحة المواطن وما يترتب عنها من تكاليف الصحة العمومية.
ما كان لهذه الأرقام المهولة ان تُسجّل لو عملت الدولة على تطوير قطاع النقل بشكل عام والنقل الحديدي بشكل خاص باعتباره نقلا نظيفا واقل تكلفة للمواطن وللدولة واقل استهلاكا للطاقة ويحدّ من اللجوء لاستعمال النقل البري للأشخاص والبضائع ومن استعمال السيارة الخاصة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالزيادة من مخصصات القطاع ضمن الميزانية العامة للدولة وبوضع استراتيجية متطورة وقادرة على وضع حدّ لكل أشكال الضعف والفشل والفوضى وضعف التصرف والفساد السائدة فيه..
فاضل الطياشي
في أغلب دول العالم، يُمثّل النقل بصنفيه العمومي والخاص قاطرة تجرّ وراءها كل مظاهر التنمية الاقتصادية والرقي الاجتماعي، إلا في تونس، حيث ظل النقل فيها على مرّ التاريخ قاطرة دفع إلى الوراء لجهود التطوير الاقتصادي والتنموي والاجتماعي.. وفي أغلب دول العالم ترى النقل في خدمة السياحة وفي خدمة الترفيه والثقافة والرياضة والتجارة والتصدير والصناعة والتعليم والصحة والخدمات المختلفة ويساهم في تطوير الإنتاجية والمردودية في مواقع العمل.. لكن في تونس تحول النقل على مرّ السنين إلى أداة تعطيل اقتصادي ومصدر توتّر اجتماعي خاصة في ظل غياب نقل عمومي لائق ومتنوع وكاف لتلبية حاجيات الناس.
لم تنجح تونس على مرّ التاريخ في إرساء منظومة نقل قادرة على تغيير وجه البلاد اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا وثقافيا. فأغلب شركات النقل العمومي في البلاد ظلت على مرّ السنين مُفلسة وفاشلة في تحقيق توازنها المالي وعاجزة عن توفير خدمات نقل لائق ويلبي حاجة المواطن للتنقل وحاجة الفاعلين الاقتصاديين لنقل السلع، رغم انه من المفروض انها شركات تجارية توفر خدماتها بمقابل ويستعملها يوميا ملايين التونسيين، وبالتالي من المفروض أن تكون عائداتها في المقابل كبيرة.. وهو ما يطرح أكثر من سؤال حول أساليب الحوكمة التي جرى ويجري العمل بها الى الآن داخل هذه المؤسسات، وإن كانت في إطار قواعد التصرف السليم أم لا ؟.
منذ الاستقلال تقريبا، لم تشهد تونس انجاز خطوط حديدية جديدة ولا خط قطار سريع يربط الشمال بالجنوب مثلا، بل أكثر من ذلك وقع في العشريات الثلاث الأخيرة إهمال بعض الخطوط التي كانت قائمة. ويحصل ذلك رغم ان النقل الحديدي يمثل اليوم في عديد الدول، بما في ذلك دول المنطقة والدول الافريقية والعربية، شريانا اقتصاديا وتنمويا هاما وتم العمل على تطويره والاستثمار فيه بقوة في السنوات الأخيرة.. وعلى مرّ السنين لم تنجح تونس في إرساء نقل حضري لائق ومتطور ويعتمد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، لا سيما في عاصمتها ومدنها الكبرى والسياحية، عكس دول أخرى نجحت اليوم في إنجاز شبكات متطورة لمترو الانفاق أو "الترامواي" وشبكات الحافلات الحضرية النظيفة واللائقة خاصة في عواصمها..
في تونس لا تتعدى مساهمة قطاع النقل في الناتج الداخلي الخام PIB نسبة 7 % وهو رقم ضعيف مقارنة بعديد الدول الأخرى (17 % مثلا في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا).. وفي تونس يساهم قطاع النقل بشكل كبير في نسبة التضخم في علاقة بالنفقات المهولة التي يتحملها المواطن لتكاليف السيارة والوقود والنقل الخاص.. كما يعتبر القطاع عبئا ثقيلا على الدولة، فهو يستهلك حوالي 32 ٪ من الاستهلاك الوطني للطاقة منها 90 ٪ استهلاك النقـل البـري وحـوالي 50 ٪ استهلاك السيارة الخاصة ويساهم بنسبة 37٪ من إجمالي الانبعاثات الغازية (المرتبة الثانية) أي ما يعادل 8.2 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل عبئا كبيرا على الدولة من حيث الانعكاسات السلبية على صحة المواطن وما يترتب عنها من تكاليف الصحة العمومية.
ما كان لهذه الأرقام المهولة ان تُسجّل لو عملت الدولة على تطوير قطاع النقل بشكل عام والنقل الحديدي بشكل خاص باعتباره نقلا نظيفا واقل تكلفة للمواطن وللدولة واقل استهلاكا للطاقة ويحدّ من اللجوء لاستعمال النقل البري للأشخاص والبضائع ومن استعمال السيارة الخاصة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالزيادة من مخصصات القطاع ضمن الميزانية العامة للدولة وبوضع استراتيجية متطورة وقادرة على وضع حدّ لكل أشكال الضعف والفشل والفوضى وضعف التصرف والفساد السائدة فيه..
فاضل الطياشي
