مع الشروق .. كاليغولا العصر نتنياهو
تاريخ النشر : 08:14 - 2024/02/13
عندما تحوّل الغزو الفاشل للإمبراطور الروماني غايوس (كاليغولا) لبريطانيا إلى معركة خيالية مع إله البحر نبتون، طلب من قواته مهاجمة الأمواج بسيوفهم وجمع الصدف كغنيمة، وفي حالة نتنياهو فإن قواته هاجمت كل شيء حي يتحرّك في غزة وجمعت حتى جثامين الشهداء.
وإن كان كاليغولا دمويا ووحشيا بسبب جنون العظمة، فإن دموية ووحشية نتنياهو اللامحدودة ، متأتية من عطشه العنيف للسلطة وتهرّبه من مصيره الأسود المنتظر حيث سيذكره التاريخ كجزار غزة.
تنبع وحشية نتنياهو أيضا من طبيعة الثقافة اليهودية الصهيونية القائمة على سردية الشعب المختار والتفوّق والذكاء والسيطرة وإلغاء الآخر مهما كان، أو تسخيره كمجرّد خادم ذليل ومطيع.
وفي الكيان الصهيوني ومنذ تأسيسه زورا على جماجم الفلسطينيين، شهدنا هذا الفكر و الفعل الدموي والوحشي للقادة الصهاينة، من دافيد بن غوريون و غولدا مائير واسحاق رابين ومناحيم بيغن وصولا الى شمعون بيريز وارييل شارون وبنيامين نتنياهو.
ربما يختلف نتنياهو قليلا على من سبقه في أنه يريد أكثر من بحيرة دماء في غزة وفلسطين عموما، ويطمح الى أنهار من الدماء في المنطقة بأسرها، وقد أحرق كل سفن العودة الى السلام وتمرّد حتى على صانعه الآخر الدموي الولايات المتّحدة الأمريكية.
28340 شهيدا و 67984 جريحا ومئات الآلاف من النازحين والمهجّرين لم تكن كافية لنتنياهو، بل إن تعطّشه للدماء دفعه لاتخاذ قرار بمهاجمة مدينة رفح التي تعجّ بحوالي مليون وخمسمائة ألف نازح ضاربا بعرض الحائط كل التحذيرات الدولية من "حمام دم".
من أين تأتي هذه الوحشية والدموية لنتنياهو ومن سبقه من القادة الصهيونيين؟ ربما من المظلومية أولا التي استثمرها الصهاينة جيّدا بعد أحداث الحرب العالمية الثانية والتي كبّلوا بها القادة الغربيين وجعلوهم خدما لهم.
لذلك يدعم و يتواطؤ ويصمت اليوم أغلب القادة الغربيين الحاليين وكل من سبقوهم على المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين منذ 1948 والى الآن، وكأنّهم يريدون التكفير عن مجازر اليهود في الحرب العالمية الثانية عبر مكافأتهم بارتكاب مجازر ضدّ المسلمين الفلسطينيين.
هذا التواطؤ جعل من الكيان الصهيوني بلا حسيب أو رقيب وفوق كل القوانين والمواثيق الدولية، فكل شيء مسموح بإسم "الدفاع عن النفس" وباسم "معاداة السامية" وباسم التعويض عن "المحرقة النازية".
فبالنسبة إلى الغرب عندما يكون الطرف هو الكيان الصهيوني، يصبح الاحتلال "دفاعا عن النفس" وانتقاد الصهيونية "معاداة للسامية" والمجازر بحق الفلسطينيين وشتاتهم حقا صهيونيا خالصا تعويضا عن "المحرقة النازية".
رغم ذلك كلّه، يبدو أن نتنياهو تجاوز هذا الكم الهائل من الخدمات الغربية وخاصة الامريكية للكيان الصهيوني، وأصبح بمثابة السفاح والوحش الذي سيأكل صاحبه في النهاية.
لذلك باتت المنطقة ورغم السعي الأمريكي لتطويق الصراع وعدم ذهابه نحو حرب اقليمية، أمام خطر الغرق في مستنقع دماء لا نهاية له، يحدث هذا كلّه بسبب رغبة شخص واحد وهو نتنياهو في أن يحفظ مستقبله السياسي ويفلت من المحاسبة والسجن وهو جنون ما بعده جنون.
بدرالدّين السّيّاري
عندما تحوّل الغزو الفاشل للإمبراطور الروماني غايوس (كاليغولا) لبريطانيا إلى معركة خيالية مع إله البحر نبتون، طلب من قواته مهاجمة الأمواج بسيوفهم وجمع الصدف كغنيمة، وفي حالة نتنياهو فإن قواته هاجمت كل شيء حي يتحرّك في غزة وجمعت حتى جثامين الشهداء.
وإن كان كاليغولا دمويا ووحشيا بسبب جنون العظمة، فإن دموية ووحشية نتنياهو اللامحدودة ، متأتية من عطشه العنيف للسلطة وتهرّبه من مصيره الأسود المنتظر حيث سيذكره التاريخ كجزار غزة.
تنبع وحشية نتنياهو أيضا من طبيعة الثقافة اليهودية الصهيونية القائمة على سردية الشعب المختار والتفوّق والذكاء والسيطرة وإلغاء الآخر مهما كان، أو تسخيره كمجرّد خادم ذليل ومطيع.
وفي الكيان الصهيوني ومنذ تأسيسه زورا على جماجم الفلسطينيين، شهدنا هذا الفكر و الفعل الدموي والوحشي للقادة الصهاينة، من دافيد بن غوريون و غولدا مائير واسحاق رابين ومناحيم بيغن وصولا الى شمعون بيريز وارييل شارون وبنيامين نتنياهو.
ربما يختلف نتنياهو قليلا على من سبقه في أنه يريد أكثر من بحيرة دماء في غزة وفلسطين عموما، ويطمح الى أنهار من الدماء في المنطقة بأسرها، وقد أحرق كل سفن العودة الى السلام وتمرّد حتى على صانعه الآخر الدموي الولايات المتّحدة الأمريكية.
28340 شهيدا و 67984 جريحا ومئات الآلاف من النازحين والمهجّرين لم تكن كافية لنتنياهو، بل إن تعطّشه للدماء دفعه لاتخاذ قرار بمهاجمة مدينة رفح التي تعجّ بحوالي مليون وخمسمائة ألف نازح ضاربا بعرض الحائط كل التحذيرات الدولية من "حمام دم".
من أين تأتي هذه الوحشية والدموية لنتنياهو ومن سبقه من القادة الصهيونيين؟ ربما من المظلومية أولا التي استثمرها الصهاينة جيّدا بعد أحداث الحرب العالمية الثانية والتي كبّلوا بها القادة الغربيين وجعلوهم خدما لهم.
لذلك يدعم و يتواطؤ ويصمت اليوم أغلب القادة الغربيين الحاليين وكل من سبقوهم على المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين منذ 1948 والى الآن، وكأنّهم يريدون التكفير عن مجازر اليهود في الحرب العالمية الثانية عبر مكافأتهم بارتكاب مجازر ضدّ المسلمين الفلسطينيين.
هذا التواطؤ جعل من الكيان الصهيوني بلا حسيب أو رقيب وفوق كل القوانين والمواثيق الدولية، فكل شيء مسموح بإسم "الدفاع عن النفس" وباسم "معاداة السامية" وباسم التعويض عن "المحرقة النازية".
فبالنسبة إلى الغرب عندما يكون الطرف هو الكيان الصهيوني، يصبح الاحتلال "دفاعا عن النفس" وانتقاد الصهيونية "معاداة للسامية" والمجازر بحق الفلسطينيين وشتاتهم حقا صهيونيا خالصا تعويضا عن "المحرقة النازية".
رغم ذلك كلّه، يبدو أن نتنياهو تجاوز هذا الكم الهائل من الخدمات الغربية وخاصة الامريكية للكيان الصهيوني، وأصبح بمثابة السفاح والوحش الذي سيأكل صاحبه في النهاية.
لذلك باتت المنطقة ورغم السعي الأمريكي لتطويق الصراع وعدم ذهابه نحو حرب اقليمية، أمام خطر الغرق في مستنقع دماء لا نهاية له، يحدث هذا كلّه بسبب رغبة شخص واحد وهو نتنياهو في أن يحفظ مستقبله السياسي ويفلت من المحاسبة والسجن وهو جنون ما بعده جنون.
بدرالدّين السّيّاري
